قتلى دروز وتأهب إسرائيلي.. شفق نيوز تسرد الرواية الكاملة لأحداث "صحنايا" السورية

شفق نيوز/ أعلنت السلطات السورية، مساء اليوم الأربعاء، انتهاء العملية الأمنية في منطقة أشرفية صحنايا، وانتشار قوات الأمن في أحياء المنطقة لضمان عودة الأمن والاستقرار، بحسب ما أفاد به مدير مديرية الأمن في ريف دمشق، المقدم حسام الطحان لوكالة "سانا".
وجاء هذا الإعلان، بعد تصعيد جديد شهدته دمشق ضد الأقلية الدرزية في سوريا، حيث اندلعت اشتباكات ذات طابع طائفي بين مسلحين مرتبطين بالإدارة السورية الجديدة وآخرين دروز في بلدة صحنايا الواقعة قرب دمشق موقعة 22 قتيلاً على الأقل.
في حين أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بتنفيذ عملية تحذيرية ضد من سماها "مجموعة متطرفة" كانت تستعد لمهاجمة الدروز بالمدينة السورية.
وجاءت هذه المواجهات بعد أكثر من شهر على أعمال عنف دامية في منطقة الساحل السوري قتل خلالها نحو 1700 شخص غالبيتهم العظمى من العلويين.
وبدأت هذه الاشتباكات ليل الاثنين الثلاثاء في مدينة جرمانا التي يقطنها دروز ومسيحيون، عقب انتشار تسجيل صوتي نسب الى شخص درزي يتضمن إساءات الى النبي محمد.
وتوسعت الاشتباكات ليل الثلاثاء الأربعاء الى منطقة صحنايا التي يقطنها دروز ومسيحيون، مؤدية إلى مقتل 16 عنصراً من قوات الأمن السوري، كما أعلنت وزارة الداخلية في بيان.
وعن تفاصيل ما جرى، قالت الوزارة، إن "مجموعات خارجة عن القانون" هاجمت صباح الأربعاء "نقاطاً وحواجز أمنية على أطراف" صحنايا، مما أدى إلى "استشهاد أحد عشر عنصراً من قوات إدارة الأمن العام"، مضيفة أن خمسة عناصر إضافيين قتلوا في هجوم آخر على نقطة أمنية "ليبلغ إجمالي عدد الشهداء ستة عشر شهيداً" حتى الآن.
من جهته، أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل 6 من المسلحين المحليين الدروز في صحنايا.
ويتوزّع الدروز بين لبنان وإسرائيل والجولان المحتل وسوريا، حيث تشكل محافظة السويداء (جنوب) معقلهم الرئيسي.
هجوم تحذيري
وكانت إسرائيل قد أعلنت في وقت سابق اليوم أنها شنت هجوما تحذيريا على مجموعة وصفتها بـ"المتطرفة"، كانت تستعد لمهاجمة الأقلية الدرزية في بلدة صحنايا.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، في بيان مشترك، إن إسرائيل وجهت رسالة إلى النظام السوري بأنها تتوقع منه التحرك لمنع إلحاق الأذى بالدروز.
وأوضح البيان أن "تل أبيب لن تسمح بإلحاق الضرر بالطائفة الدرزية في سوريا انطلاقا من التزامها العميق تجاه إخواننا الدروز في إسرائيل، الذين تربطهم علاقات عائلية وتاريخية بإخوانهم الدروز في سوريا".
في غضون ذلك، قالت هيئة البث الإسرائيلية، إن الهجوم الإسرائيلي على المدينة السورية نفذ بطائرة مسيّرة أطلقت صاروخا باتجاه مبنى فيه مسلحون يستعدون لاستهداف الدروز.
فيما ذكر موقع "الجزيرة"، وقوع انفجارات في دمشق وريفها، في أعقاب قصف طائرة إسرائيلية 3 "أهداف أمنية" داخل صحنايا بريف دمشق.
كما حلقت مسيرات سورية من نوع "شاهين" في سماء صحنايا وجرمانا، واستهدفت إحداها مسلحين في صحنايا.
حالة تأهب
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن رئيس الأركان، إيال زامير، "أصدر تعليماته بالاستعداد لضرب أهداف للنظام في سوريا إذا لم يتوقف العنف ضد الدروز".
وأضاف أن الجيش "يراقب التطورات في المنطقة السورية، وتنتشر قواته في حالة تأهب للدفاع وسيناريوهات مختلفة".
وسبق لإسرائيل التي تسهل زيارات دينية لمشايخ دروز سوريين الى أراضيها في الفترة الأخيرة، أن هددت بالتدخل لحماية دروز سوريا إثر مواجهات محدودة شهدتها منطقة جرمانا مطلع آذار/ مارس الماضي.
موقف الطائفة الدرزية
إلى ذلك، أفادت وسائل إعلام سورية، بوصول وفد من مشايخ ووجهاء السويداء إلى منطقة "أشرفية صحنايا" بهدف إيجاد حل سريع للأزمة في المدينة.
وحذّر شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى من مخططات لضرب أبناء الوطن الواحد في سوريا، داعياً إلى الحكمة والتبصّر بعواقب الأمور ولملمة الوضع الحاصل وجمع الشمل.
وقال أبي المنى: "لنصلي ولندعو من أجل أخواننا الذين يمرّون في ضيقة في الأشرفية في صحنايا وجرمانا، والذين نتواصل معهم لحظة بلحظة منذ الأمس ومنذ فجر اليوم".
أضاف: "نتواصل لنقف على حقائق الأمور التي تسارعت بشكل كبير، مما يدل ان هناك شحناً في النفوس وأنّ هناك ربما تكون نوايا مبيتة ومخططات مشبوهة يجب ان نكون واعين ومدركين ويجب أن نكون متحصنين بالعقل، العقل الذي يجب أن يقودنا الى الخلاص من هذه المحنة ومن هذه المرحلة العصيبة".
من جهته، حذر الشيخ سميح يوسف الريشي، أحد شيوخ طائفة المسلمين الموحدين الدروز في السويداء، من خطورة الأوضاع الراهنة التي تشهدها المنطقة، مشدداً على رفض الطائفة لأي اعتداء وعلى تمسك الدروز بوحدة سوريا، وسط حديثه عن مخاوف من فتنة وتقسيم.
كما حذر الشيخ الريشي، في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، من أن استمرار الوضع الراهن قد يدفع بالطائفة للبحث عن حماية بديلة، قائلاً: "إذا ظل الوضع كما هو، سنرغب بالحماية، ولسنا نرغب بأن نكون تحت وصاية إسرائيلية، ولكن إذا استمر الخطر علينا، فلا مفر".
إلى ذلك، قال الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل موفق طريف، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر تعليمات تتعلق بالوضع في سوريا، مضيفًا أن "تغييرًا قريبًا" سيحدث.
وأضاف طريف في بيان مقتضب أن "الوضع تحت السيطرة"، ودعا أبناء الطائفة الدرزية إلى التزام الهدوء، قائلاً: "لا حاجة للاحتجاجات، ولن نسمح لأي أحد بأن يسيء للدروز. دولة إسرائيل، والجيش، والعالم يقفون إلى جانبنا".
موقف جنبلاط وأردوغان
ودعا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق، وليد جنبلاط، "السلطة السورية إلى القيام بتحقيق شفاف"، وقال: "مستعد للذهاب إلى دمشق مجدداً لوضع أسس للمطالب التي يحتاجها الدروز".
تابع: "نحن في بداية مرحلة جديدة إما الاقتناع بالعيش في سوريا موحدة مع احترام التنوع أو الانسياق إلى المشروع الإسرائيلي الذي لن يترك "درزياً" في منطقته".
من جهته، رفض الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مطالب جماعات كوردية سورية بتبني نظام حكم لامركزي في سوريا قائلاً إنها "ليست أكثر من حلم" ولا مكان لها هناك.
ومنذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، تمكن الدروز الى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته. فلم يحملوا إجمالاً السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة.
وإثر إطاحة الاسد الذي قدّم نفسه حاميا للأقليات في سوريا، لم يتوصل الدروز الذين ينضوون ضمن مجموعات مسلحة عدة في مناطق تواجدهم الى اتفاق بعد مع السلطات الجديدة للاندماج ضمن قواتها، رغم جهود في هذا السياق.
وحل الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، الجيش السابق وجمّد عمل عناصره، بينما انضوت الفصائل المسلحة التي نشطت في شمال غرب سوريا ضمن وزارة الدفاع. ويعد جهاز الأمن العام، ذراع الشرع الأمنية في معقله السابق في إدلب، الجهاز الأكثر نفوذا في سوريا اليوم.
ويعد بسط الأمن على كامل سوريا من أبرز التحديات التي يواجهها الشرع، مع وجود مناطق لا تزال عمليا خارج سيطرته، على غرار مناطق سيطرة المقاتلين الكورد (شمال شرق)، رغم توقيع اتفاق ثنائي معهم.
وتعهدت السلطات الجديدة ضمان أمن الطوائف كافة، وسط مخاوف لدى الأقليات، في وقت يحثّ المجتمع الدولي على إشراك جميع المكونات السورية في المرحلة الانتقالية.