خسائر بعد أشهر.. شهادات تكشف خفايا التدريب العسكري في العراق

خسائر بعد أشهر.. شهادات تكشف خفايا التدريب العسكري في العراق
2025-05-30 20:24

شفق نيوز/ يرى خبراء في الشأن العسكري، أن بعض تدريبات تلاميذ الكليات العسكرية وحتى المراتب في العراق، ما تزال تعتمد على سياقات تعود للقرن الماضي، ولا تواكب الأساليب المتطورة ومفاهيم الحرب الحديثة.

ويعتبر الخبراء، أن ما حدث في الكلية العسكرية الرابعة بمحافظة ذي قار جنوبي العراق دليل على هذه السياقات الخاطئة، بوضع الطلبة تحت أشعة الشمس في اليوم الأول لهم بداعي اكتشاف طاقتهم البدنية، في حين أن ذلك يتم بعد خمسة وأربعين يوماً من التأهيل النفسي والجسدي للحياة العسكرية الجديدة. 

وتعرض عدد من طلاب الكلية العسكرية الرابعة بمحافظة ذي قار، الأربعاء الماضي، (21 مايو/أيار الجاري)، إلى وعكة صحية جراء تعرضهم إلى أشعة الشمس المباشرة، ما تسبب بوفاة اثنين منهم وإصابة سبعة آخرين.

وعلى إثر ذلك، أمر القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني بإعفاء رئيس الأكاديمية العسكرية ومعاونه، وعميد الكلية العسكرية الرابعة، وآمر الفوج المختص، وسحب أيديهم من العمل، كما وجّه بتشكيل مجلس تحقيقي لكشف المقصرين ومنح رتبة ملازم للطالبين المتوفين.

سوء إدارة وتغذية

وبحسب شهادات ضباط الكلية، ينقلها مستشار رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية، مصطفى عجيل، فإن "الطلبة حضروا إلى الكلية في الساعة السادسة صباحاً، واستغرقت الإجراءات الإدارية لتسجيلهم إلى الساعة 12 ظهراً".

ويضيف عجيل لوكالة شفق نيوز، "بعد تسجيل الطلبة، تم تكليفهم بإجراء استعراض وهم يرتدون الملابس المدنية الحارة وتحت أشعة الشمس حتى الساعة الثانية ظهراً دون تقديم مياه لهم، ما أدى إلى وفاة وإصابة عدد من الطلبة نتيجة الجفاف".

ويؤكد أن "ما حصل هو نتيجة سوء إدارة وتغذية، لذلك ستكتب لجنة الأمن والدفاع توصيات للقائد العام ووزير الدفاع بهذا الخصوص، وسيتم إعداد لجنة جديدة لزيارة القواعد العسكرية كافة، لمعرفة برامج تدريب وتأهيل الطلبة العسكريين، وضرورة الاعتناء بالتدريب النفسي والجسدي ومواكبة التطور العالمي والتكنولوجي في التدريبات".

وكانت رئاسة أركان الجيش، أجرت الجمعة الماضي، تعديلات على أوقات تدريب الطلاب في الكليات العسكرية، إثر حادث كلية ذي قار، وذلك بإلغاء التدريب عند الظهر في الصيف، وإجراء تعديل على جدول التدريب للدورات كافة، ليكون من الساعة السادسة صباحاً حتى العاشرة صباحاً، ومن الساعة الخامسة مساءً حتى التاسعة مساءً.

تدريب المراتب

وعن دورات التدريب التي يخضع لها الضباط والمراتب، يشرح الخبير العسكري، عدنان الكناني، أن "تدريب المراتب يختلف عن الكلية العسكرية، أما المراتب، وهم الجنود المتطوعون أو المكلفون (كما كان في النظام السابق)، فهناك مدارس تدريب أساسية ومدارس تدريب صنوف".

ويوضح الكناني، للوكالة، أن "تلك المدارس يخضع لها من رتبة نائب ضابط نزولاً إلى جندي، ويستخدم (التدريب الأساسي) عادة للقادمين من الحياة المدنية إلى الحياة العسكرية، حيث يتم اعطاؤهم جرعة تدريبية تمتد إلى ثلاثة أشهر يسمى (التدريب الأساسي)". 

ويلفت إلى أن "التدريب الأساسي يبدأ من كيفية ارتداء القيافة والمسير وأداء التحية إلى التعامل مع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وبعدها يتحول المنتسب من (التدريب الأساسي) إلى (تدريب الصنف) ليتخصص في الصنف الذي سيعمل به". 

وعن هذه الصنوف، يبين الكناني، أن "هناك صنف الدروع أو المشاة أو المشاة الآلي أو التموين والنقل أو الهندسة العسكرية وغيرها، وكل مؤسسة من هذه المؤسسات لها تدريب خاص بها".

ويتابع: "كما هناك صنف القوات الخاصة القتالية التي هي عالية المستوى من التدريب، وهذه لها دورات خاصة، حيث إن للقوات الخاصة تدريب أساسي والصاعقة والمظلة".

تدريب الكلية العسكرية

أما في الكلية العسكرية، فيشير الخبير العسكري، إلى أن "هناك ما يسمى التدريب الأساسي وكراسات التدريب، كما هناك ما يسمى مناهج التدريب، وهذه المناهج تطبق في مدارس الصنوف ومدارس التدريب الأساسي، وكذلك في الأكاديمية العسكرية وحتى في جامعة الدفاع وجامعة البكر التي تعطي شهادات عسكرية عليا، وهذا المنهج يتقيد به المعلم ولا يستطيع تجاوزه".

ويوضح الكناني، أن "منهج التدريب يوضع من قبل خبراء ويخضع لاختبار ومناقشة، ومن ثم يُعمم، وبالتالي من واجب المعلم أن يتعامل مع الساعات التدريبية وفق المنهج التدريبي المخصص له، مع حضور بطاقة الدرس عند المعلم".

ويشير إلى أن "بطاقة الدرس تتضمن كيفية تقسيم الساعات التدريبية، والاعتماد على أي منهج، وكيفية توصيل المنهج التدريبي إلى المتدربين، وهذه يتم إظهارها عند التفتيش، وفي حال كان هناك تجاوز على المنهج يتحاسب الضابط والمسؤول عنه وقد تصل في بعض الأحيان إلى المحاكمة العسكرية".

"عادي وراقي"

ويخضع طلبة الكلية العسكرية إلى "الإعداد النظري ثم الإعداد العملي، ويشمل الإعداد النظري مذكرات التدريب التي توضع على أساس عدد الساعات لتأهيل المقاتل"، وفق الخبير العسكري، علاء النشوع.

ويضيف النشوع لوكالة شفق نيوز، أن "الطالب المستجد يخضع لما يسمى (التدريب العادي) لتأهيله للحياة العسكرية، وتكون الساعات التدريبية أكثر من الأيام اللاحقة، حيث يتم إعداده على الفعاليات العسكرية من المشي والاستعداد والاستراحة لمدة 45 يوماً".

وبعد انقضاء هذه المدة، يتابع النشوع حديثه، أن "المتدرب يخضع لما يطلق عليه بـ(التدريب الراقي)، وهذا يخص الأسلحة والمعدات والتدريب التعبوي وفيه معركة الفصيل والحظيرة التي هي تعتبر أساسيات بداية إعداد الطالب أو المقاتل".

ويشير إلى أن "المشكلة الحالية هي أن هناك سياقات مرّ عليها الزمن ولا توجد مواكبة للطرق الحديثة في التدريب، لذلك يلاحظ وجود مقاتلين لا يتلاءمون مع مقتضيات الحرب الحديثة، بسبب أن العراق لا يزال يستخدم الأساليب القديمة التي مر عليها الزمن والتي تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، وهذا خطأ، بدليل ما حصل مع طلاب الكلية العسكرية في ذي قار". 

ويضيف أن "الذين فقدوا حياتهم في الكلية العسكرية الرابعة كان نتيجة أخطاء قاتلة وقع بها آمر الكلية والضباط، بوضع طلبة جدد تحت أشعة الشمس لساعات طويلة، بدل استقبالهم بالإعداد النفسي وتقديم صورة لهم عن كيفية بدء الحياة العسكرية وقانون الكلية".

ويؤكد النشوع، أن "وضع الطلبة منذ اليوم الأول تحت أشعة الشمس بداعي الاطلاع على طاقتهم البدنية غير صحيح، حيث إن الطاقة البدنية لا يتم اكتشافها في اليوم الأول، بل من خلال تطبيق القوانين العسكرية الحقيقية، ويتم مراقبة المتدربين خلال فترة الخمسة والأربعين يوماً لمعرفة مدى انسياقهم مع الحياة العسكرية الجديدة".

ويختم الخبير العسكري حديثه بأن "التدريب في الكلية العسكرية فيه خسائر لكن لا تبدأ هذه الخسائر في الأيام الأولى، بل عند التدريب العنيف وهذا يكون بعد الأشهر الستة الأولى، لذلك ما حصل هو مخالف للقانون العسكري".

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon