حالة إنذار قصوى.. هل تدخل الفصائل العراقية الحرب؟

شفق نيوز/ في ظل تصاعد التوتر بين إيران من جهة وإسرائيل وأمريكا من جهة أخرى، عقب الضربات التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، يجد العراق نفسه أمام معادلة إقليمية معقّدة.
الفصائل المسلحة القريبة من إيران تراقب وتنتظر، بينما الحكومة العراقية تحاول ضبط المشهد بتوازن دبلوماسي هش، في وقت تتصاعد فيه تساؤلات حول من يملك فعلياً قرار الحرب أو السلم داخل العراق.
تكتيك لا انشقاق
وفي هذا السياق، يرى عضو المكتب السياسي لـ"عصائب أهل الحق"، الشيخ سلام الجزائري، أن ما يُتداول عن انشقاق الفصائل عن الحكومة "غير دقيق"، مبينًا أن ما يحدث فعلياً هو "تكتيك مشترك ضمن تفاهمات قائمة بين الفصائل والحكومة العراقية في إطار محور المقاومة".
ويضيف في حديث لوكالة شفق نيوز أن الحرب الحالية "تشمل المنطقة بأكملها، وليست محصورة بإيران فقط"، مشيراً إلى أن فصائل المقاومة "ملتزمة بالمعايير والاتفاقات مع الحكومة العراقية".
ويتابع الجزائري قائلاً: "الحكومة مطالبة بدور وطني أكبر في مواجهة هذا العدوان، وقد سبق أن حذرت تنسيقية المقاومة عبر قياداتها من التصعيد، خصوصاً بعد تصريحات نتنياهو التي وصف فيها العراق بأنه جزء من محور الشر".
ويشدد على أن "المقاومة لا تتحرك إلا وفق تقدير المصلحة العامة، وإن اقتضت الحاجة لتدخل العراق سيكون ذلك واجباً. أما إذا لم تقتضِ، فستبقى المقاومة في حالة التزام وانتظار، انسجاماً مع موقف الجمهورية الإسلامية وقياداتها".
ويعتبر أن "المعركة اليوم بين الظالمين وأهل الشرف، وإسرائيل لا تعترف بسيادة أو اتفاق. إن قررت إيران الرد، فذلك مشروع، وإن رأت التريث، فكفى الله المؤمنين القتال"، موضحاً أن "المقاومة تتبع مرجعيات شرعية، وتتحرك بخطوط حمراء دينية، ولا يمكن تفريق الأمة في مثل هذه الحرب".
غياب السيطرة الميدانية
من جانبه، يشير عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، مختار الموسوي، إلى أن الحكومة العراقية "تمتلك السلطة القانونية، لكنها لا تسيطر فعلياً على الأرض".
ويقول لوكالة شفق نيوز إن "قدرة الحكومة على احتواء الفصائل المسلحة محدودة، لكنها تحاول التعامل مع الأزمة الراهنة من خلال التهدئة والدبلوماسية".
ويضيف، أن "النظام السياسي المبني على المحاصصة، وضعف البنية المؤسساتية، يُعيقان اتخاذ قرارات حاسمة في مثل هذه الملفات السيادية".
القرار خارج بغداد
أما الخبير الأمني أحمد الشريفي، فيوضح أن الحكومة "لا تمتلك أدوات ضبط حقيقية لسلوك الفصائل المسلحة".
ويبيّن في تصريحه لوكالة شفق نيوز أن "الجهة الوحيدة القادرة على التأثير الميداني هي إيران، لأن الفصائل العراقية مرتبطة بخط ولائي يتبع المرجعية الإيرانية".
ويحذر من أن أي تصعيد إيراني في الرد قد يؤدي إلى فقدان السيطرة داخل العراق، مؤكداً أن "تعهدات الفصائل للحكومة قابلة للانهيار أمام أي توجيه ميداني من طهران".
ويضيف، أن "الوضع الحالي مستقر لأن إيران لا ترى مصلحة في التصعيد، لكن في حال تغيّر هذا التقدير، فإن حكومة السوداني قد تجد نفسها في موقف شديد الحساسية".
تحديات متداخلة
بدوره، يرى الباحث في الشأن الإقليمي والدولي، علي الناصر، أن العراق "يقف وسط تحديات متعددة، من بينها تطورات الملف السوري، وتصاعد المواجهة الإيرانية الإسرائيلية".
ويقول في حديثه لوكالة شفق نيوز، إن "الضربات الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، واختراق الأجواء العراقية، قد تدفع إلى تصعيد أكبر، خاصة إذا جاء الرد الإيراني من داخل أراضي العراق أو باتجاه القواعد الأمريكية فيه".
ويضيف، أن "التحركات الأمنية العراقية الأخيرة، والتحذيرات من المساس بالسلم المجتمعي، تعكس إدراك بغداد لخطورة الموقف، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية".
ويعتقد الناصر، أن "الانقسام داخل الفصائل حول خيار المشاركة في أي تصعيد محتمل، مرهون بالجهود الدبلوماسية والقرارات التي قد تصدر من طهران في الأيام المقبلة".
التحول الأمريكي
في المقابل، يرى المحلل السياسي، عبد الله الكناني، أن دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة هو ما غيّر قواعد الاشتباك.
ويؤكد في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "الفصائل المسلحة كانت ملتزمة الحذر طالما أن الصراع كان محصوراً بين إيران وإسرائيل، لكن دخول واشنطن على الخط جعل الرد أمراً وارداً".
ويضيف أن "القواعد الأمريكية في العراق والمنطقة أصبحت في حالة إنذار قصوى، وهو ما يشير إلى احتمالية حدوث تصعيد مفاجئ إذا صدر أي رد فعل من الفصائل".
ويشير إلى أن "أي قرار من الفصائل الآن سيُتخذ بناءً على تقييم مشترك مع الحكومة أو مباشرة بتنسيق مع إيران، لكن الخطر الأكبر هو أن العراق قد يُجر إلى صراع لا يتحكم في مفاتيحه".