الدورة "الأسوأ".. سياسيون يشككون بجدوى البرلمان ويدقون ناقوس الخطر

شفق نيوز- بغداد
أجمع العديد من السياسيين عراقيين، على أن أداء
الدورة البرلمانية الحالية (الخامسة)، كان دون المستوى المطلوب، بل يمكن وصفها
بأنها "أسوأ مرحلة مرّ بها مجلس النواب"، بسبب الخلافات السياسية الحادة
التي عرقلت عقد الجلسات وإقرار القوانين المهمة.
ويرى السياسيون، أن وضع البرلمان لا يسرّ
الناظرين، ولا أمل بالمستقبل أيضاً، لأن الوجوه سوف تكرر نفسها على الساحة
السياسية في الانتخابات المقبلة، التي من المتوقع حصول عزوف شعبي عنها بسبب اخفاق
البرلمان في أداء عمله.
كما حذروا من أن عجز البرلمان عن أداء دوره،
يهدد استقرار العملية السياسية، ويُعمّق الفجوة بين المواطن والدولة، ما يستدعي
إصلاحاً عاجلاً في البنية التشريعية والسياسية قبل فوات الأوان.
وبهذا السياق، يعتبر القيادي في ائتلاف دولة
القانون، زهير الجلبي، أن "هذه الدورة البرلمانية (الخامسة) فاقدة الشرعية
الشعبية، بعد انسحاب التيار الصدري الذي أحدث خللاً داخل البرلمان وحوله من برلمان
الفائزين إلى الذين لم يحصلوا على ثقة الشعب".
ويضيف الجلبي لوكالة شفق نيوز، "كما أن
البرلمان الحالي كان متهماً بالتزوير في ظل الشكوك الكثيرة بعمليات التلاعب
والتزوير بالسيرفرات الانتخابية، وبما أن البرلمان بهذا الشكل، أصبحت الحكومة هي
المسيطرة عليه باختراقه إدارياً وتعطيل الكثير من الجلسات".
وبالإضافة إلى ذلك، يقول الجلبي، إن
"البرلمان شهد إقالة رئيسه السابق محمد الحلبوسي وبقاء البرلمان عاماً كاملاً
دون رئيس منتخب بديلاً عن الحلبوسي، ثم انتخاب رئيس ضعيف من قبل الإطار التنسيقي،
فيما يلاحظ أن الكتل السنية هي تجارية أكثر منها سياسية".
ونتيجة لذلك، يرى الجلبي، أن "وجود
البرلمان أمسى مثل عدمه، وهو غير موثوق أمام الشعب، وبالتالي وضع البرلمان حالياً
لا يسرّ الناظرين ولا أمل بالمستقبل أيضاً لأن الوجوه سوف تكرر نفسها على الساحة
السياسية".
ومع اقتراب انتهاء الدورة البرلمانية العراقية
(الخامسة)، كشفت إحصائية أجرتها وكالة شفق نيوز، في 2 نيسان/ أبريل الماضي، أن
البرلمان عقد 51% فقط من الجلسات المفترضة وفق النظام الداخلي، الأمر الذي انعكس
سلباً على الدورين التشريعي والرقابي للمجلس، بحسب نواب ومراقبين.
ومنذ بداية الدورة النيابية في كانون
الثاني/يناير 2022، عقد مجلس النواب العراقي 132 جلسة فقط، (لغاية عطلته التشريعية
الراهنة) في حين ينص النظام الداخلي على عقد 256 جلسة سنوياً، كما حدد النظام
الداخلي عقد 8 جلسات شهرياً، وفصلاً تشريعياً يمتد 4 أشهر، بواقع 32 جلسة في كل
فصل.
وهذا المشهد القاتم لتعويق عمل مجلس النواب،
يقول عنه عضو ائتلاف دولة القانون/ تجمع الانتفاضة الشعبانية، إبراهيم السكيني،
إنه "يتم باتفاق النواب مع كتلهم السياسية، حتى لا تقرّ قوانين مهمة تنظم
الحياة الاجتماعية والمشاريع، منها الخشية من تعديل قانون الانتخابات، وكذلك إقرار
الموازنة، وهذا تعويق للحكومة المقبلة".
ويؤكد السكيني لوكالة شفق نيوز، أن "عرقلة
جلسات مجلس النواب انعكس على واقع المواطنين خاصة في القضايا التي تخصهم منها
الترفيعات والعلاوات وسلم الرواتب".
ويتفق النائب السابق، رحيم الدراجي، مع ما ذهب
إليه إبراهيم السكيني، بأن "عرقلة انعقاد جلسات البرلمان كانت بسبب تعديل
القانون الانتخابي، إذ هناك كتل سياسية مع التعديل وأخرى ترفض إجراء التعديلات".
ومؤخراً أضيف سبب آخر، بحسب ما يقول الدراجي
لوكالة شفق نيوز، "وهو اتفاقية خور عبد الله المذلة التي وضعت البرلمان في
موضع حرج بين عقد الجلسة من عدمها، وهذا يعود لتفاوت الرؤية السياسية للقضايا التي
تخص مصلحة العراق، وبالتالي يتم عرقلة انعقاد جلسات البرلمان".
فيما يلاحظ الدراجي، أن "أغلب الكتل
السياسية ليس لديها رقابة لعمل وأداء البرلمان، بل إن نجاحه ليس من ضمن
اهتماماتها، إذ تتركز أولوياتها على الحكومة، لذلك المعارضين لمنهج الحكومة هم
أفراد، أما أغلب الكتل السياسية فهي تبحث عن مشاريع استراتيجية وحماية مناصبهم".
وهذا ما يعزوه النائب السابق، كامل نواف
الغريري، إلى "الصراعات والانقسامات داخل المكونات السياسية الشيعية والسنية
والكوردية، فضلاً عن كثرة المشاكل بين الزعامات، ما أدى إلى تغيّب أعضاء البرلمان
عن الجلسات رغم دعوات رئاسة المجلس المتكررة بالحضور".
ويتوقع الغريري خلال حديثه لوكالة شفق نيوز،
"حصول عزوف عن الانتخابات المقبلة نتيجة عدم قدرة البرلمان على إدارة نفسه
وتوفير ما يحتاجه المواطنون من خلال تشريع القوانين المهمة التي تخدم البلد وتُسهم
في تطوير اقتصاده".
ويقف المحلل السياسي، علي المطيري، على مسافة
قريبة مما تحدث به كامل الغريري، بأن "الخلافات السياسية الحادة هي العامل
الرئيسي في عدم إقرار القوانين المهمة منها قوانين النفط والغاز والحشد الشعبي
وغيرها، كما يلاحظ أن الجميع مشترك بالحكومة وبالتالي لا يوجد أحد يحاسبها أو يقيم
أداءها".
ويرى المطيري خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن
"عمل البرلمان للدورة الحالية شابه إخفاقات كثيرة منذ البداية، من قضية رئيس
البرلمان وبديله، إلى ضعف أداء النواب والمشاكل السياسية، وبالتالي لم تقرّ قوانين
تخدم البلاد وتهم حياة المواطنين".
ويعتبر المطيري، أن "أسوأ مرحلة مرّ بها
البرلمان هي هذه الدورة، بسبب ضعف الأداء الذي كان دون المستوى المطلوب، وهو ما
سينعكس على قلة المشاركة في الانتخابات المقبلة نتيجة إخفاق البرلمان في أداء عمله".
من جهته، يوضح المحلل السياسي، مجاشع التميمي،
أن "تعثر البرلمان العراقي في أداء مهامه التشريعية والرقابية يعكس عمق
الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، ويكشف عن خلل بنيوي في النظام السياسي القائم
على المحاصصة والتوافقات غير المنتجة".
ويضيف التميمي لوكالة شفق نيوز، أن "غياب
التوافق الفعلي، والصراعات داخل القوى السياسية، أدت إلى تعطيل العديد من القوانين
المهمة، وعلى رأسها قانون الموازنة وقوانين مكافحة الفساد".
ويبين، أن "هذا الجمود يُفاقم حالة
الإحباط الشعبي، ويُضعف ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، وقد يؤدي ذلك إلى عزوف واسع
عن المشاركة في الانتخابات المقبلة في تشرين الثاني/ نوفمبر".
ويتابع، "كما أن استمرار هذا التعثر يُفسح
المجال أمام تفشي الفساد وسوء الإدارة، ويعطل مسار الإصلاح الحقيقي الذي طالما
وعدت به الحكومات المتعاقبة".
وخلص التميمي في نهاية حديثه إلى القول، إن
"عجز البرلمان عن أداء دوره يهدد استقرار العملية السياسية، ويُعمّق الفجوة
بين المواطن والدولة، ما يستدعي إصلاحاً عاجلاً في البنية التشريعية والسياسية قبل
فوات الأوان".
وبحسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، من
المقرر أن تُجرى الانتخابات البرلمانية العراقية في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2025،
بعد تأجيل سابق لأسباب تتعلق باستكمال التشريعات والتحضيرات الفنية.