إجراءات مضادة ونتائج مبشّرة.. العراق يكبح تجريف الأراضي الزراعية

شفق نيوز/ تراجعت عملية تجريف الأراضي الزراعية وتحويلها إلى سكنية أو مشاريع استثمارية بعد تشديد إجراءات المنع وتطبيق القانون بحق المتجاوزين للحفاظ على الإنتاج الزراعي ولتكون تلك المساحات الخضراء متنفساً للسكان وعاملاً مهماً في تلطيف الأجواء، وفق الوكيل الإداري لوزارة الزراعة العراقية، مهدي سهر الجبوري.
ويؤكد الجبوري أن "الوزارة حريصة على دعم وتطوير القطاع الزراعي بشقيه الإنتاج النباتي والحيواني، وتعتبر البساتين الجزء الأساسي والمهم في الإنتاج النباتي، حيث يعد العراق من الدول المنتجة للتمور، وأيضاً من الدول المتقدمة في إنتاج وأعداد النخيل عالمياً".
وعن قوانين منع تجريف البساتين، يوضح الجبوري لوكالة شفق نيوز، أن "هناك قوانين لمنع تجريف البساتين وإزالة الأشجار مثل قانون الغابات والمشاجر رقم 30 لسنة 2009، وقانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009، بالإضافة إلى قرار مجلس الوزراء رقم 50 لسنة 2016 الذي منع تجريف البساتين".
أما الإجراءات، فهي تتمثل - بحسب الجبوري - "فسخ العقود وإحالة المتجاوزين للقضاء لاتخاذ الإجراءات بحقهم، وتتولى مسؤولية تنفيذها وزارة الداخلية وبلديات المحافظات بالإضافة إلى مديريات الزراعة في المحافظات، ونتيجة لذلك يلاحظ انخفاض التجاوزات في الفترة الأخيرة، والإجراءات مستمرة للحفاظ على الرقعة الزراعية لتكون رئة ومتنفساً للسكان".
وتتفق عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية، ابتسام الهلالي، مع ما طرحه الجبوري حول أهمية المساحات الخضراء في كل حي سكني لتلطيف الأجواء ولتكون متنفساً له "لذلك تعمل دوائر الزراعة على زيادتها ضمن مشروع زراعة مليون شجرة توزع بشكل مجاني على كل المساحات الخضراء بالبلاد، وفي الوقت نفسه إيقاف أي مشروع على الأراضي الزراعية".
وتؤكد الهلالي، لوكالة شفق نيوز، أن "المشاريع الاستثمارية أثرت بشكل كبير على تجريف وتفتيت الأراضي الزراعية إلى جانب ظروف كثيرة ومتغيرات مناخية منها شحة المياه، وتعد محافظات الوسط الأشد تأثراً بشحة المياه لذلك حصل فيها بناء ومشاريع استثمارية على حساب تلك المساحات، لكن عملت لجنة الزراعة على إيقافها في بغداد وضواحيها".
وتم ذلك وفق عضو لجنة الزراعة "من خلال توجيه كتاب إلى رئاسة الوزراء بأن هذه المناطق الخضراء تبقى زراعية رغم شحة المياه، كما هناك توجيه للبلدية بعدم تجريف هذه الأراضي وعدم تسليمها للمواطنين أو بناء مجمعات سكنية أو أخذها كمشاريع استثمارية".
وتشدد الهلالي، على "أهمية الزراعة والأراضي الزراعية والمساحات الخضراء، وأن لا يكون التجاوز عليها بحجة التوسع السكاني، بل ينبغي التوجه نحو الأراضي الصحراوية وترك الأراضي الزراعية لأن تسجيلها في الطابو متوقف ولا يمكن تحوليها".
لكن تحاول الحكومة في بعض الأحيان "التماشي والتكيف مع هذا الواقع، في ظل وجود مئات الآلاف من الوحدات السكنية التي تم بناؤها تجاوزاً من قبل المواطنين، فيما قد تُسبب عملية إزالتها ضغطاً شعبياً ومشكلة للحكومة"، بحسب الخبير الزراعي، خطاب الضامن.
ويعزو الضامن خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، سبب هذه المشكلة والجهة المسؤولة عنها إلى عدة وزارات، مبيناً أن "هذا الملف متشابك، حيث إن وزارة الزراعة من واجبها الدفاع عن هذه الأراضي التابعة للقطاع الزراعي، كما أن وزارة الموارد المائية ووزارات أخرى تتحمل جزءاً من هذا الملف".
ويتعمق الضامن في شرح أساس هذه المشكلة، بالقول إن "تجريف الأراضي الزراعية يتعلق بأزمة السكن والقطاع العقاري الذي يقع بصورة مباشرة على وزارة الإسكان باعتبارها هي الوزارة التي تعمل على توسيع الأراضي الصالحة للسكن والعقارات، وأيضاً لوزارة التخطيط مسؤولية معينة في هذا الملف".
ويضيف "وكذلك حكومات المحافظات التي تتحمل مسؤوليات توفير أراضي عن طريق البلديات واستصلاح أراضٍ خارج القطاع الزراعي وتوزيعها على شكل قطع أراضي، وكذلك الأمر ينطبق على السلطات العليا للأمانة العامة لمجلس الوزراء، فيما كان لرئيس الوزراء تصريحات مؤخراً بوجود توجه لتوزيع قطع أراضي واستصلاح مساحات وتزويدها بالبنية التحتية لتكون صالحة للسكن، لكن تطبيق تلك التوجيهات يستغرق وقتاً ليس بالقليل".
وفي ظل هذا التأخير، يلاحظ الضامن "منح استثمارات لبناء مجمعات وغيرها على أراضٍ زراعية، ما يحد من إمكانية الاستثمار الزراعي وتقليل إنتاجه مهدداً بقلة محاصيل الخضروات والطماطم والبطاطا وغيرها التي تُزرع قرب الأنهر والتي عادة ما تشهد أراضيها التجريف، وبالتالي يتم استيراد هذه المحاصيل واستهلاك العملة الصعبة وزيادة البطالةفيالبلاد".