جدل في نينوى بعد دعوات لإعلان 3 مناطق "متنازع عليها" محافظة شيعية

شفق نيوز/ رفضت أوساط رسمية وشعبية في محافظة نينوى الدعوات الرامية إلى تحويل أجزاء ومناطق من المحافظة وتحوليها إلى محافظات جديدة، خاصة وأن تلك الدعوات تستهدف إنشاء محافظات بأبعاد قومية وطائفية.
قبل ساعات على هذه التحركات، صوت مجلس النواب العراقي، على استحداث محافظة حلبجة لتكون المحافظة رقم 19 في البلاد، وذلك بعد سنوات من الدعوات والتحركات لاتخاذ الخطوة التي سبقتها إجراءات حكومية في كل من أربيل وبغداد، لأجل إنجاح هذا المسعى.
وبينما أعلنت كتلة بدر النيابية التي يتزعمها هادي العامري، تأييد تحويل حلبجة إلى محافظة، دعت إلى استحداث محافظة جديدة تضم تلعفر وسنجار وسهل نينوى بهدف "إنقاذ المكونات العراقية من التهميش"، بحسب قولها.
وقال النائب عن الكتلة وعد القدو، خلال مؤتمر صحفي عقده في مبنى البرلمان بمشاركة عدد من نواب الكتلة: إن "هناك ظلماً كبيراً تعرضت له مناطق تلعفر وسنجار وسهل نينوى من قبل الإدارات المحلية والمحافظين السابقين، ما يحتم ضرورة استحداث محافظة جديدة تُنصف المكونات التي تعيش هناك".
وأضاف أن "كتلة بدر النيابية تدعم مطلب الكتل الكوردية في استحداث محافظة حلبجة، باعتباره حقاً دستورياً وقانونياً"، مشدداً على ضرورة المضي باستحداث محافظة أخرى تضم المناطق المذكورة، تعزيزاً للعدالة الإدارية وإنصافاً لجميع المكونات العراقية.
متنازع عليه
ولم تكن الدعوة الحالية لتحويل مناطق سهل نينوى وسنجار وتلعفر إلى محافظات مستقلة عن نينوى وليدة اللحظة، إنما تعود إلى العام 2013، عندما دعت قيادات شيعية في منظمة بدر حينها إلى تحويل تلعفر وسهل نينوى إلى محافظتين مستقلتين عن نينوى، غير أن الموضوع توقف بسبب تهديد محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي بإعلان نينوى إقليميا في حال تحويل المنطقتين إلى محافظتين، كما أن دخول تنظيم داعش واحتلاله الموصل ومناطق أخرى أنهى تلك المطالبات.
بعد نيسان 2003 أحكمت قوات البيشمركة، سيطرتها المطلقة على سهل نينوى، بإعتبارها من المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، واعتمادا على ما جاء في المادة 140 من الدستور العراقي، التي وضعت في الأساس لحل مشكلة محافظة كركوك وما تعرف بالمناطق المتنازع عليها وهي فضلاً عن سهل نينوى، تشمل قضاء سنجار ومناطق في ديالى وصلاح الدين.
نصت تلك المادة على آلية بثلاثِ مراحل أولها التطبيع، بمعالجة التغييرات التي طرأت على التركيبة السكانية في كركوك والمناطق المتنازع عليها خلال فترة حكم النظم العراقي السابق 1968-2003 الذي انتهج سياسة "تعريب مناطق كوردية"، والثانية بإجراء الإحصاء السكاني في تلك المناطق، والثالثة، بالاستفتاء لتحديد ما يريده سكانها.
وانسحبت قوات البيشمركة من سهل نينوى عام 2017، لتحل محلها قوات الحشد "الشبكي" الشيعية ممثلة باللواء 30، وكتائب "بابليون" المسيحية التي تضم مقاتلين من الشيعة، يقودها ريان الكلداني، وهو واحد من بين الأربعة الذين كانت وزارة الخزانة الامريكية قد فرضت عليهم العقوبات سنة 2019.
وفي العشرين سنة الأخيرة، شهدت مناطق سهل نينوى تقلبات وصراعات متعددة، وتغير في الجهات السياسية والأمنية الحاكمة والمسيطرة على بلدات وقرى السهل، وفي ظل تعطل تطبيق المادة الدستورية (140 المعنية بحسم مصيرها) عانت المنطقة من عدم الاستقرار وعاش سكانها في حالة خوف دائم أنعكس ذلك على التركيبة السكانية، رغم الإجراءات التي اتخذت لمنع حصول ذلك.
رفض سياسي ومحلي
وفي أول الردود الرافضة لدعوات استحداث محافظات جديدة من نينوى، أكد تحالف العزم عن رفضه القاطع للمحاولات التي جرى طرحها خلال جلسة مجلس النواب، بشأن استحداث محافظات جديدة من جسد محافظة نينوى، بما يشمل تلعفر وسهل نينوى وسنجار، بذريعة الاستئناس بتجربة تحويل حلبجة إلى محافظة.
وقال التحالف في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، إن "هذا التوجه لا يمثل إرادة أبناء نينوى، ويُعد طرحاً غير مسؤول وتمهيداً متعمداً لتقسيم المحافظة على أسس طائفية وعرقية، ويفتح الباب أمام تغيير ديموغرافي مرفوض"، مؤكدا أن مثل هذه الملفات يجب أن تُناقش حصراً عبر ممثلي المحافظة الشرعيين، وضمن السياقات الدستورية، وليس عبر توصيات سياسية لا تحظى بقبول محلي.
وحذر تحالف العزم من أن تمرير مثل هذه الطروحات خارج الأطر القانونية سيمثل تهديداً لوحدة نينوى والسلم المجتمعي، ويدعو جميع القوى السياسية إلى تحمّل مسؤولياتها في الحفاظ على وحدة المحافظات والنسيج الوطني للعراق.
بدوره، أعرب حزب "متحدون" بزعامة أمينه العام رئيس مجلس النواب العراقي الاسبق أسامة النجيفي، يوم الثلاثاء، عن رفضه مقترح استحداث محافظة عراقية جديدة تتألف من: تلعفر وسنجار وسهل نينوى.
كما أكد عدد من نواب نينوى رفضهم القاطع لمحافظات اجتزاء مناطق من نينوى على أسس مذهبية وطائفية وإعلانها محافظات مستقلة.
النائب عن نينوى أحمد الجبوري حذر من خطورة الدعوات لتقسيم محافظة نينوى على أسس عرقية ومذهبية وطائفية، مشددا على أن تقسيم نينوى والقبول بهذا المخطط الخطير سيكون بداية لتقسيم العراق.
من جانبه، أعلن النائب عن نينوى جميل عبد سباك، عن موقفه الثابت والرافض بشكل قاطع لأي محاولة تمس وحدة نينوى الإدارية والجغرافية والاجتماعية، وذلك ردا على ما طرح من أفكار ومشاريع تهدف إلى تقسيم محافظة نينوى إلى محافظات متعددة.
وقال سباك، لوكالة شفق نيوز، إن "نينوى تمثل عراقًا مصغرًا يضم العرب والكورد والتركمان، والمسيحيين والإيزيديين والشبك وغيرهم من المكونات الأصيلة، وإن هذا التنوع ليس مدعاة للتقسيم، بل مصدر غنى وقوة يجب الحفاظ عليه وتعزيزه ضمن إطار الوحدة والتعايش المشترك".
وشدد على ضرورة أن يؤمن الجميع بأن قوة نينوى تكمن في وحدتها، وأن تجزئتها تحت أي مسمى أو مبرر، لن يخدم إلا أجندات ضيقة، وسيؤدي إلى تعميق الفجوات، وتهديد السلم المجتمعي، وإضعاف الإدارة المحلية.
وأكد رفضه لأي مشاريع تقسيمية تُطرح تحت شعارات حماية الأقليات أو تحسين الإدارة، وأكد أن الحل الحقيقي يكمن في تحقيق العدالة الإدارية، والتنمية المتوازنة، والمشاركة السياسية الشاملة، لا في التشرذم والانقسام.
من جهته عد عضو مجلس محافظة نينوى هشام الهاشمي الدعوات لاستحداث محافظة جديدة محاولة لتقسيم نينوى وتمرير أجندات انتخابية، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 11 تشرين الثاني المقبل.
وأعرب الهاشمي، خلال حديثه للوكالة، عن رفضه واستنكاره لمحاولات استحداث محافظة جديدة ضمن حدود نينوى، معتبرًا ذلك مسعى لتقسيم المحافظة والإضرار بنسيجها الاجتماعي، مؤكداً أن هذه الخطوات لا تعكس إرادة أبناء نينوى، بل تأتي في سياق تنفيذ مشاريع سياسية خارجية وفرض إرادات معينة تمهيدًا للانتخابات النيابية القادمة.