ثقافة "الكاش" تتسيد التعاملات المالية في العراق و"الرقمي" على الهامش
شفق نيوز / تناول موقع "ريست اوف ذا وورلد" المختص باخبار التكنولوجيا العالمية، ظاهرة انقطاع العراقيين عموما عن انظمة الدفع الرقمية المعتمدة عالمياً، والتي أصبحت من بديهيات تعاملات الشركات في أنحاء العالم كافة، بما في ذلك عقود الحروب والنزوج والعقوبات، والتي جعلت العراق معزولاً عن النظام المالي العالمي.
وذكر الموقع الأمريكي الذي يتخذ من نيويورك مقرا له، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "أقل من خمس العراقيين، يمتلكون حسابا مصرفيا، بينما يفقتر العراق الى وجود مقدمي خدمات الدفع العالمية"، لافتاً إلى أن "الحروب والنزوح والعقوبات تركت الاقتصاد العراقي بلا تطور ويعتمد على الصادرات النفطية".
ورصد التقرير، مشاهد من منطقة البازار القديم المزدحم في مدينة السليمانية في إقليم كوردستان، فيما كانت أجهزة عد الاموال تعمل وينقل الحمالون أكواما من الدينار العراقي والتومان الإيراني والدولار الأمريكي حول المكاتب الضيقة، فيما تعلو أصوات مجموعة الرجال يصرخون محاولين الاستفادة بيعاً وشراء من تقلبات أسعار الصرف.
ثقافة الكاش
وفيما تستخدم الشركات والعملاء في جميع انحاء العالم التعاملات الرقمية، بشكل متزايد، ما يزال الكاش (التعامل النقدي) هو السمة السائدة في العراق، وفقاً للتقرير.
ولفت التقرير الأمريكي، إلى أن البنك المركزي العراقي، أعطى تراخيص لـ 17 شركة لتشغيل عمليات رقمية، بما في ذلك شركات مثل "زين كاش" و"ناس والت" و"فاستي باي" و"اسيا حوالة"، كما جرى إصدار 15 رخصة أخرى للخدمات المتعلقة بالدفع الإلكتروني.
ومع ذلك، نوه التقرير، إلى أن "أصحاب الأعمال الذين يحاولون تطوير القطاع الخاص الهش في البلاد، يواجهون تحديا مزدوجا، اذ ان المستهلكين المحليين مترددون في اعتماد منصات الدفع الالكتروني المتاحة محليا، ولهذا فان العراقيين معزولون عن انظمة الدفع الرقمية التي تعتبرها معظم الشركات في جميع انحاء العالم مسألة بديهية مسلم بها".
التعاملات الرقمية
ونقل التقرير، عن أنس أبو فاضل، الذي يعمل في البازار بمحافظة السليمانية ضمن إقليم كوردستان، قوله إن "الناس هنا لا يدركون ما هي العملة الرقمية، والكل معتاد على المال النقدي ويثق به بشكل اكبر من المدفوعات الرقمية".
وأضاف أبو فاضل: "أنا وزملائي بحاجة الى (أنظمة العملات الرقمية) في حال أردنا إرسال الأموال الى الولايات المتحدة او أوروبا"، مشيراً إلى أن "غالبية العراقيين لا يستخدمون بطاقات الائتمان المصرفية، وان اقل من خمسهم لديهم الحساب المصرفي المطلوب وفقا للبنك الدولي، كما أن المنصات الإلكترونية العالمية مثل PayPal و Apple Pay و Stripe، ليست متوفرة للاستعمال في داخل العراق".
ويرجح خبراء، تحدثوا للموقع الأمريكي، أن "من أسباب ذلك أن هذه الشركات تعتبر أن مثل هذه العمليات المالية في العراق، تثير مخاطر عالية".
ومقابل نسبة ال5% الموجودة في العراق، فإن البنك الدولي يقدر أن "ثلثي البالغين الان على مستوى العالم يقومون باجراء او تلقي مدفوعات رقمية، وانه في العالم النامي، ارتفع هذا الرقم من 35٪ في العام 2014 الى 57٪ في العام 2021، فيما يشير الى ان المدفوعات الرقمية اصبحت على نحو متزايد هي المعيار للتعامل المالي في جميع انحاء العالم".
وونوه التقرير الأمريكي، إلى أن "الجهود التي تبذل من اجل اصلاح الانظمة القانونية والمالية القديمة، وتطوير القطاع الخاص في العراق، وتنويع الاساس الاقتصادي للبلد، تتعثر كلها بشكل روتيني بسبب المصالح الراسخة"، لافتاً إلى أن "الفساد يشكل عنصر ردع حيث صنفت (منظمة الشفافية الدولية)، العراق على انه احد من اكثر البلدان عرضة للفساد في العالم خلال العام 2021.
النظام المالي العالمي
وكنتيجة لذلك، فإن أصحاب الاعمال المهمين من اجل مستقبل العراق، ليسوا قادرين على القيام بالعديد من التعاملات المالية الاساسية السائدة في كل الاقتصادات بأنحاء العالم كافة، كما أن ليس بإمكانهم التوسع بأعمالهم في الخارج او تأمين التمويل بسهولة من الخارج، وفقاً للتقرير.
وفي هذا الإطار، فإن مثل هذه التحديات، تعرقل سعي الناس من اجل تحقيق احلامهم الاقتصادية، وهو ما يفاقم الاحباط الاجتماعي والاقتصادي بسبب نظام ما بعد 2003 في العراق الذي ساهم في احتجاجات عام 2019، يقول التقرير الأمريكي.
ونقل التقرير أيضاً، عن مؤسس شركات الخدمات المهنية "سيفن بروفايشينز" الناشئة، ضياء ستار، قوله إن "تعزيز القدرة على الوصول الى انظمة الدفع الالكتروني من شأنه أن يسهم في تقوية خلق الفرص امام رجال الاعمال والنساء والعاطلين عن العمل".
وبدلا من ابقائهم معتمدين على نظام التوظيف الحكومي والمحسوبية السياسية، فإن النظام المالي الرقمي، سيسهل عليهم العمل لحسابهم، بحسب ضياء ستار، الذي أشار إلى أن "هذه المسألة البسيطة تشكل تحديا كبيرا للشركات الناشئة الجديدة، ويحول بينها وبين النمو والتوسع".
من جانبها، أفادت سيدة أعمال في السليمانية، تدعى جوانا أبو بكر، بأنها ليست بحاجة إلى المدفوعات الإلكترونية.. وكل ما تريده، يمكنها دفع ثمنه نقداً، لهذا السبب لا تفكر في استخدامها.