بينه وبين الموت دقائق.. أمريكا استهدفت صدام حسين بصاروخ فحولت المدنيين إلى أشلاء
شفق نيوز/ كشف الكاتب العراقي صباح ناهي، يوم الثلاثاء، عما وصفها بالدقائق المعدودات حالت دون قتل رئيس النظام السابق صدام حسين بصاروخ أمريكي ابان الحرب التي شنتها واشنطن للإطاحة به، إلا أن المحاولة تحولت إلى "مجزرة دموية" راح ضحيتها عشرات المدنيين.
وكتب ناهي لموقع "اندبندنت عربية" قائلاً إن "قيادات النظام السابق هربت من بغداد عند اندلاع الحرب وظل الرئيس يدور (كما رأيته صدفة في حي المنصور) في ذلك الفجر الموحش، يبحث عن مهرب متخفياً بسيارة (بيجو) بيضاء وأخرى مثيلتها، تتسابقان لإدخاله في كراج مطعم في شارع 14 رمضان في المنصور، وتلك كانت لحظة اختفائه".
دقائق عن الموت
يقول ناهي "بعد هروب صدام حسين من مطعم (الساعة) في شارع 14 رمضان، الذي قصف بعيد خروجه -صدام حسين- ببضع دقائق، وتناثر الطين في حي المنصور البغدادي الأنيق بفعل ذلك الصاروخ الذي حفر عميقاً في الأرض، وقتلت العوائل كانت فيه وتعيش حوله، وتناثرت أجزاء من بقاياها على الطرقات، ولعل البعض كان يعاين أشلاء القتلى لمعرفة ما إذا كان صدام من بينهم".
ويوضح ناهي "حكاية خروج صدام المفاجئ من (بيت الساعة) أثارت كثيراً من القصص والروايات تصلح لتغطي مجلدات، كيف عرف صدام أنه مستهدف بصاروخ بينه وبين الصاروخ دقائق معدودة؟".
ويضيف "مصدري الذي التقيته أخيراً، وهو من الخط الأول في جهاز المخابرات، وكان في الإدارة الأمنية المتقدمة وموضع ثقتها يقول: حين كنت أمسك قاطعاً مهماً لتأمين العاصمة وسط بغداد، وردني من طريق البريد السري وبتوقيع الرئيس الشخصي، أمر بتعيين مدير جديد لجهاز المخابرات، هو خالد سلطان التكريتي، أحد مرافقي الرئيس، وأحد المسؤولين في الجهاز، وتضمين الكتاب فقرة تحث على إلقاء القبض على الخائن مدير الجهاز الحالي، وقتله إن لزم الأمر في أي مكان تلقونه".
ويتابع "كان هذا أول اهتزاز للسلطة والحكم في نظري، في النظام الذي اعتاد ألا يمسك مسؤولية جهاز الاستخبارات إلا من هم أهل ثقة في السلطة وعند الرئيس صدام".
ويضيف "ولدى التدقيق الذي أجريته وقتها، بعد الحادثة، فإن مدير الجهاز طاهر الحبوش تخلف عن حضور اجتماع مصغر ملزم الحضور مع الرئيس صدام في غرفة لصيقة بمطعم (الساعة) في حي المنصور، وبعد السؤال عن عدم حضوره، طلب الرئيس صدام مغادرة المكان فوراً، بعدها قُصف المركز بطائرة كانت تحوم حول المكان، أطلقت صاروخاً ذا قدرة تدميرية هائلة، كان يستهدف حياة الرئيس ومن معه في ذلك المكان".
ولم يستبعد المسؤول الأمني الكبير، بحسب ناهي، أن يكون مدير الجهاز قد "سلم وتعاون مع القوات الأميركية مقابل ضمان حياته وأمنه الشخصي. فهو كان مشغولاً بالسؤال مع ضباط الجهاز عن اندلاع الحرب وحصول الضربة من عدمها، وكان يحاول أن يعرف إمكانية اندلاع حرب، كما ذكر لي أحد المسؤولين القدامى في الجهاز، الذي كان يستغرب أسئلة مديره عن الحرب واحتمال وقوعها".
ويؤكد ذلك المسؤول الأمني الذي يمتلك وثائق دامغة، أن مديره الهارب قد "أخذ 50 مليون دولار ليؤمن حياته وهروبه وتخفيه، وترتيب ما يلزم لنفي التهمة التي ثبتها عليه الرئيس نفسه بكتاب تم تعميمه على الأجهزة الأمنية"، على حد قوله.
لحظات التخفي
ووفقاً لناهي "ثمة قصص متواصلة رافقت هروب القيادات الأمنية قبل السياسية والحزبية عشية حرب عام 2003 وبعدها، تفتح ملفات لم تكتمل بعد، ستكون مادة خصبة للبحث التاريخي للعراق الحديث، لكن هروب عزة الدوري نائب الرئيس، وعبد الباقي السعدون ومحمد يونس الأحمد وأبو زكي العبودي، وسواهم من مجموعة الـ55 التي وضعها الجيش الأميركي على ورق اللعب، يفتح صفحات من البحث عن قدرة التخفي والعمل بين أوساط تتحدث عن تعاملهم وقلوبهم الميتة، وهم يواصلون رفض الاحتلال أثناء وجوده العسكري لثماني سنوات (2003-2011)، والعمل في محيط جديد معاد".
ويرى ناهي أنها "قصص لم تعلن بعد إلا في حالة عبد الباقي السعدون عضو القيادة القطرية، وإسدال الستار عن أسرار اختفاء عزة الدوري الذي تولى زعامة حزب البعث بعد محاكمة صدام حسين وإعدامه".
ويختم ناهي بالقول "وعلى ما يبدو، فإن الزعامة العراقية التي أدارت ملفات الحروب السابقة والحصار الذي أنهكها، واعتماد الرئيس على العائلة وليس القيادات المهنية المدربة والمتمرسة والمتدرجة في الإدارات، وهي تاريخ طويل استمر 35 سنة من عمر البعث في العراق ووضعها على الرف، وصلت إلى قناعة أنها غير مسؤولة عن القرار السياسي والأمني في البلاد، لأن الثقافة التي سادت من دروس مع زملائهم الذين سحقتهم ماكنة السلطة، أنهم مستلمو قرار وليسوا صناعه، ولم يفد النصح الذي قدموه لها، كما أكد لي ضابط في الأمن العام برتبة لواء، هو مؤيد الونداوي الذي حذرهم من مغبة الاستمرار في تجاهل الكفاءات في الحزب والسلطة الحكومية، التي وقعت ضحية اختيارات خاطئة".