"اللغة الكوردية" بالمدارس العربية.. مادة رسمية تدرس شكلياً وتُهمل عملياً

"اللغة الكوردية" بالمدارس العربية.. مادة رسمية تدرس شكلياً وتُهمل عملياً
2025-06-21 10:47

شفق نيوز/ في صباح هادئ كما جرت العادة، جلس حسن كريم، الطالب في الصف الخامس الإعدادي، على مقعده الخشبي في إحدى مدارس العاصمة العراقية بغداد، يحدّق في كتاب اللغة الكوردية المفتوح أمامه، وهو يقلب بين الحروف والصفحات التي لا يفهمها.

لم يكن حسن وحده في هذه الحيرة، فالمعلم المتخصص لم يأتِ منذ بداية العام، والكاتب الكوردي في المدرسة، يُلقّنهم بعض العبارات مرة واحدة في الشهر من دون واجبات حتى من دون امتحانات أو اهتمام أساساً.

بالنسبة لعدد الطلبة في المدارس العربية، لم تكن اللغة الكوردية "لغة ثالثة" بقدر ما كانت درساً شاغراً أو وقتاً مستقطعاً لمادة أخرى، وسط نقص الكوادر وتجاهل المناهج وغياب التشريعات، تحولت الكوردية إلى عبء صامت في صفحات منهج، لا يُقرأ ولا يُكتب ولا يُفهم.

قصص من الواقع

ويقول  الطالب حسن كريم، لوكالة شفق نيوز، إنه "لا يوجد مدرس اختصاص للغة الكوردية في مدرستنا والكاتب وهو كوردي، يدرسنا المنهج مرة واحدة كل شهر، ولا يطالبنا بالتحضير أو الامتحان كونها حتى في الامتحانات الوزارية غير مشمولة".

ويضيف كريم، قائلاً إن "الحصة غالباً ما تستغل لتدريس مواد أخرى مثل الرياضيات أو اللغة الإنجليزية".

من جانبه، يؤكد علي محمد وهو طالب في الخامس اعدادي، أن "معلم اللغة الكوردية في مدرستهم يُكلّف بالتدريس في أربع مدارس مختلفة، ويكتفي بإعطاء حصة واحدة شهرياً، لا تكفي لفهم أو استيعاب مفردات اللغة".

وفي محافظة ذي قار، يوضح مدرس اللغة الإنجليزية ميثم عبد الرزاق، خلال حديثه للوكالة، أن "المدارس تعاني من نقص حاد في معلمي اللغة الكوردية"، مشيراً إلى أن "الدرجات الخاصة بهذه المادة تُترك فارغة في البطاقة المدرسية باستثناء مدارس المتميزين، وهي الوحيدة التي تتعامل بجدية مع المادة وتمنح الطلبة درجات حقيقية".

نقص في الكوادر

في غضون ذلك، يقر المتحدث باسم وزارة التربية الاتحادية، كريم السيد، بوجود نقص كبير في عدد مدرسي اللغة الكوردية في المحافظات غير الكوردية، لكنه يشدد في نفس الوقت على أن "الوزارة تتعامل مع المادة بجدية، وتمنح الطالب درجة على أساس مستواه في المادة".

كما نفى المتحدث الرسمي، أن تُمنح الدرجات بشكل اعتباطي أو أن تُعامل كمادة تكميلية مثل الفنية أو الرياضة، مشيراً إلى قيام لجان تفتيشية تابعة لمديرية اللغة الكوردية بجولات ميدانية على مدارس بغداد والمحافظات لمراقبة تدريس المادة ومدى التزام المدارس بالمناهج.

أما وزارة التربية في إقليم كوردستان، فقد نفت على لسان المتحدث باسمها سامان سويلي، أي مسؤولية في متابعة تدريس اللغة الكوردية في المدارس العربية، مؤكدة أن هذه المهام من اختصاص وزارة التربية الاتحادية، رغم وجود تنسيق دائم بين وزيري التربية في الإقليم والمركز حول أهمية دعم اللغة الكردية وسد نقص الكوادر التدريسية.

تحديات بنيوية وتشريعية

سناء كرمياني، وهي تشغل منصب المدير العام لدائرة اللغة الكوردية في وزارة التربية الاتحادية، تؤكد وجود نقص حاد في الكوادر التعليمية المختصة بهذه اللغة، معتبرة أن هذا التحدي "يقع خارج صلاحيات المديرية والوزارة"، رغم استمرار الجولات التفتيشية التربوية لمتابعة آلية تدريس الكوردية في المدارس العربية.

من جهتها، تُحمّل زليخة إلياس، عضو لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب، غياب التشريعات مسؤولية ضعف مادة اللغة الكوردية في النظام التعليمي.

وفي حديث لوكالة شفق نيوز، تشير إلى أن "البرلمان لم يطرح حتى الآن أي قانون يُفعل اللغة الكوردية في المدارس العربية".

كما قالت إلياس، إنها كانت مديرة مدرسة، وكانت تلجأ لأي إداري أو معلم من أي اختصاص، حتى الكاتب، لتدريس اللغة الكوردية، موضحة أن بعض المناطق فيها مدرس واحد فقط للكوردية لكل ثلاث مدارس.

ووفقاً للتدريسيين فإن بعض الطلبة يفضلون المدارس الخاصة على المدارس الحكومية كونها أكثر التزاماً بتدريس اللغة الكوردية واللغات الأخرى ومنها الإنجليزية والفرنسية.

ورغم مرور سنوات على إقرار اللغة الكوردية لغة رسمية في البلاد، مازالت مادة اللغة تواجه تحديات هيكلية في مدارس العراق العربية، بدءاً من غياب المدرسين المتخصصين، ومروراً بالتعامل الشكلي مع المادة، وانتهاءً بغياب التشريعات الداعمة.

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon