التصحر يجهز على "نصف العراق" ويهدد مصير سكانه

التصحر يجهز على "نصف العراق" ويهدد مصير سكانه
2025-07-03 19:41

شفق نيوز - بغداد

تعاني 42 بالمئة من مجموع مساحة العراق من التصحر، بسبب الحفاف والتطرف المناخي وانعدام التشجير، حتى باتت هذه الظاهرة تتوسع وتهدد البلاد، بحسب مختصين.

ويؤكد المختصون، أن الحل الرئيسي لمكافحة التصحر يكمن بقيام الحكومة بدور دبلوماسي مع دول المنبع لإطلاق الحصص المائية الكافية وبناء السدود والحفاظ على الخزين الاستراتيجي للمياه الجوفية، فضلاً عن اعتماد إجراءات وتطبيقات ميكانيكية وبايلوجية للحد من هذه الظاهرة.

ووبهذا السياق، يقول الخبير البيئي، حيدر رشاد الربيعي، إن "نسبة الأراضي المتصحرة تبلغ 42 بالمئة‎ وفقاً لبيانات جهاز الإحصاء المركزي في وزارة التخطيط، وهي نسبة كبيرة تهدد الأراضي الأخرى، خاصة في وسط وجنوب البلاد".

ويذكر الربيعي، لوكالة شفق نيوز، أن "نسبة الأراضي المتصحرة في العراق بتزايد مستمر، ويمكن إضافة الأراضي الصحراوية البالغة 15 بالمئة إلى النسبة الرسمية".

ويضيف، أن "العديد من الأراضي تصحرت بسبب الحفاف والتطرف المناخي وانعدام التشجير الذي يحد من ظاهرة التصحر"، لافتاً إلى أن "نسبة مجموع الأراضي الصحراوية والمتصحرة تصل إلى نحو 60 بالمئة من مساحة البلاد، أي أكثر من نصف العراق".

ويعزو الربيعي، أسباب التصحر إلى سببين رئيسيين هما، طبيعي وآخر بشري، منوهاً إلى أن "السبب الطبيعي يتلخص في أن الأراضي العراقية تضم مناطق صحراوية واسعة في بادية السماوة والنجف والأنبار".

أما الأسباب البشرية، فيمكن تلخيصها وفق الربيعي بـ"قلة الغطاء النباتي وسوء استخدام المياه وشحتها، فضلاً عن هجرة الناس وترك مهنة الزراعة وعدم وجود حزام أخضر".

ويؤكد الخبير البيئي، أن "أكثر مناطق العراق تضرراً هي مناطق البادية الجنوبية وبعض مناطق النجف وكربلاء"، مبيناً، أن "هذه المناطق تعاني من انعدام الغطاء النباتي وشحة الأنهر وندرة الأمطار".

ويشير إلى أن "العراق يأتي بالمرتبة الخامسة عالمياً من حيث التأثر بالمتغيرات المناخية، وأن ما تعرض له خلال الفترات السابقة من عواصف ترابية أثرت بشكل كبير على طبيعة الأرض".

وتعرضت بعض دول الجوار إلى التصحر، بيد أنها بذلت جهوداً في مقاومة التغيرات المناخية من خلال تقوية الغطاء النباتي واستغلال الأراضي الصحراوية بإقامة مشاريع عملاقة كما حدث في إيران والإمارات والسعودية، وجميعها تضم أراضٍ صحراوية واسعة تم استغلالها بمشاريع زراعية وصناعية.

ووفق خبراء، فإن السدود التركية والإيرانية خفضت نسبة المياه الواردة إلى نهري دجلة والفرات في العراق إلى 20 بالمئة، وهو ما عرّض أراضٍ واسعة في العراق إلى التصحر، دون أن تبرم الحكومة على مدى السنوات السابقة اتفاقات رسمية مع هذين البلدين لزيادة الإطلاقات المائية لمعالجة الجفاف.

وبهذا الصدد، يقول مدير عام دائرة الغابات والتصحر في وزارة الزراعة، بسام كنعان عبد الجبار، إن "نسب التصحر في الأراضي العراقية غير محسوبة حتى الآن، وتعمل الدائرة في الوقت الحالي لاحتساب نسبة التصحر على أساس التصحر في الأراضي الزراعية".

ويضيف عبد الجبار، خلال حديثه للوكالة: "كما تسعى دائرة الغابات والتصحر حالياً بالتعاون مع وزارات البيئة والموارد المائية والصناعة ومركز دراسات الصحراء في جامعة الأنبار وغيرها لتحديد نسب التصحر، ومن المؤمل أن تصدر اللجنة المشكلة من الدائرة توصيات لمعالجة التصحر".

وينوّه عبد الجبار، إلى أن "التغيرات المناخية والجفاف الناجم عن قلة تساقط الأمطار وضعف الإطلاقات المائية، تعد من أبرز الأسباب التي تهدد البلاد والعديد من الدول الإقليمية بالتصحر، فيما أسهم انحسار الغطاء النباتي بزيادة مساحة التصحر في العراق".

ويشير إلى أن "ملف التصحر لا يخص دائرة معينة بل هو مسؤولية مشتركة بين عدد من الوزارات والجهات، ما يؤكد ضرورة وجود تنسيق عالٍ بين جمع الوزارات والدوائر الحكومية للسيطرة على التصحر الذي يهدد البلاد".

ويوضح، أن "دائرة الغابات والتصحر تعتمد إجراءات وتطبيقات حالياً للحد من هذه الظاهرة، منها تطبيقات ميكانيكية تتلخص بتغطية طينية للكثبان الرميلية لمنع زحفها وتوسعها، إضافة إلى عمل الخنادق والسواتر الترابية".

أما التطبيقات البايلوجية، يبين عبد الجبار، أنها تتمثل بزراعة العديد من الأشجار التي تتحمل التطرف المناخي والتي تقوم المشاتل في المحافظات بزراعتها".

وينوّه إلى "وجود مشروع لتثبيت الكثبان الرملية في محافظة ذي قار، فيما تم ضمن خطة عام 2025 إدراج مشروع يهدف إلى زراعة الخط السريع الذي يربط محافظات ذي قار والمثنى والديوانية بأشجار مقاومة للجفاف والتطرف المناخي".

وكان مركز الروابط للدراسات الإستراتيجية أشار في وقت سابق إلى أن 90 بالمئة من مساحة العراق تقع ضمن منطقة المناخ الجاف وشبه الجاف، وأن ارتفاع درجات الحرارة في الصيف يصل أحياناً إلى أكثر من 50 درجة مئوية، فيما تصل نسبة انخفاض الأمطار بين 5 – 15 سم، متأثرة بنسبة التبخر العالية.

بدورها، توضح خبيرة البيئة، إقبال لطيف، أن "اللسان الملحي في محافظة البصرة يسبب التصحر وهو ناتج عن شحة الإطلاقات المائية، وأن التصحر لم يقتصر على المناطق الجنوبية والغربية بل امتد أيضاً إلى المناطق الشمالية".

ومن أبرز عوامل التصحر في العراق، تبين لطيف، لوكالة شفق نيوز، أنها "الحروب واستخدام الأسلحة المحرمة التي رفعت درجة حرارة الهواء، إضافة إلى العشوائية في حفر الآبار، والتجاوز على الحصص المائية على نهري دجلة والفرات، وإنشاء أحواض سمكية متجاوزة على الحصص المائية المخصصة للأراضي الزراعية، وتحويل جنس الأراضي الزراعية إلى سكنية".

وتلفت إقبال، إلى أن "الحل الرئيسي لمكافحة التصحر يكمن بقيام الحكومة بدور دبلوماسي مع دول المنبع لإطلاق الحصص المائية الكافية وبناء سدود تخزن مياه الأمطار، إضافة إلى الحفاظ على الخزين الاستراتيجي للمياه الجوفية".

وفي حزيران/يونيو الماضي، أعلن مرصد العراق الأخضر، أن نحو 40 بالمئة من أراضي البلاد تعرضت للتصحر، فيما تحولت أكثر من 70 بالمئة من الأراضي الزراعية إلى أراضٍ غير منتجة.

وبيّن المرصد، أن محافظة ذي قار سجلت أعلى معدلات النزوح المرتبط بالتصحر على مستوى العراق.

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon