البحث عن تحقيق التوازن.. لماذا لا يبدو الانسحاب الامريكي من العراق محتملا؟
شفق نيوز/ ذكر موقع "ميديا لاين" الامريكي، انه برغم دعوة بغداد إلى الانسحاب الامريكي من العراق، إلا أن ذلك ليس ممكنا في ظل حاجة العراق الى "حليف قوي" مع تزايد نفوذ ايران في هذا البلد والمنطقة، واحتمال تكرار سيناريو ظهور تنظيم داعش، مع استمرار الأزمات الداخلية التي يعاني منها البلد.
وتحت عنوان "صراع العراق: منقسم بين التحالف الامريكي والتحول الى دولة وكيلة لإيران"، اعتبر التقرير الأمريكي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إنه برغم حاجة العراق الى "الحليف القوي"، إلا أن الحكومة العراقية تحاول تحقيق التوازن في علاقاتها مع كل من الولايات المتحدة وإيران من خلال السماح لايران وبشكل سلبي بتعزيز قوتها بين الميليشيات في البلد.
وبعدما لفت التقرير الى ان الحاق الهزيمة بداعش وخسارته لـ95% من الاراضي التي كان يسيطر عليها بين عامي 2014 و2017، بما في ذلك تحرير الموصل، إلا انه لا يزال يتحتم على العراق استعادة الاستقرار بعد سنوات من سيطرة داعش.
واوضح التقرير انه رغم تحرر العراق بشكل شبه كامل من تهديد داعش، الا ان امامه مشاكل عليه التعامل معها، وخصوصا فيما يتعلق باعادة 1.1 مليون شخص من النازحين داخليا والذين يعيشون حاليا في مخيمات او اجبروا على اعادة الاستيطان في أماكن أخرى بسبب القتال المستمر بين مختلف الميليشيات المحلية.
ونقل التقرير عن المحلل المختص بقضايا الشرق الاوسط والعراق عمر النداوي قوله إنه فيما يتعلق بسنجار فإن "تركيا والميليشيات المحلية التي تعتبر تابعة لحزب العمال الكوردستاني، لا تزال تتقاتل، بينما لا تزال مناطق اخرى في جنوب غرب بغداد تحت سيطرة الميليشيات، وهي مناطق خالية من السكان عمليا، ولا يتم السماح للناس بالعودة الى ديارهم، وهم يشكلون حوالي 3٪ من سكان العراق".
وبالإضافة إلى ذلك، لفت التقرير الى وجود مشكلة كبيرة أخرى يواجهها العراق حاليا وتتمثل في عدم الاستقرار الاقتصادي حيث تأتي أكثر من 90% من إيرادات الحكومة من النفط، مما يجعل العراق معتمدا على الأسعار العالمية والتقلبات داخل السوق.
وبحسب النداوي فإنه في حال"انخفضت أسعار النفط إلى 60 دولارا للبرميل، فإن العراق سيكون في مشكلة كبيرة، وسيكون من المستحيل دفع تكاليف كافة خدمات الدولة الضرورية وكذلك رواتب الموظفين".
ونقل التقرير عن النداوي قوله إن الاقتصاد "لا يزال ضعيفا جدا، والحكومة هي أكبر جهة للتوظيف، ومن دون نمو حقيقي، وخصوصا في القطاع الخاص وقدرته على خلق فرص العمل، فإنه يكاد يكون من المستحيل على الحكومة أن توظف كل الناس المحتاجين، ولهذا فان العراق قد يواجه ازمة اقتصادية اخرى في السنوات القليلة المقبلة".
بالاضافة الى قضية اعادة النازحين والوضع الاقتصادي السيء، فان العراق يواجه تحدياً مهماً آخر يتمثل في تفشي الفساد.
ونقل التقرير عن الباحث في المعهد الملكي البريطاني أوربان كونينغهام قوله إن "الفساد مسيطر بشكل شبه كامل على الحكومة العراقية والخدمة المدنية، بما في ذلك في الاقليم الكوردي ايضا".
ولفت التقرير إلى أنه برغم هذه الأزمات الخطيرة الا ان داعش لم يتمكن من استعادة سلطته في العراق وتوسع في المقابل في منطقة الساحل الأفريقي وأفغانستان وآسيا الوسطى.
ونقل التقرير عن النداوي قوله برغم ذلك أنه "لا ينبغي لنا أبداً أن نستهين بتأثير تنظيم داعش وايديولوجيته، ولكن مقارنة بالسنوات الماضية، نرى حاليا ان قوات الامن العراقية أصبحت أكثر قوة، والتنظيم الإرهابي في العراق صار أضعف من أي وقت مضى".
وبحسب النداوي، فإن داعش اكتسب قوته في الماضي "بسبب الحرب الاهلية في سوريا، ومحدودية الدعم الأمريكي، والبيئة الفاسدة، والقيادة السياسية التي لا تتمتع بالكفاءة، ولهذا، فقد أصبح من الصعب جدا اليوم ان يعود هذا السيناريو، لكنه ليس مستحيلا ابدا".
ونقل التقرير عن الباحث السياسي مجموعة "هانز للاستشارات" في استونيا فلوريان هارتلب قوله ان قوة هذا التنظيم هي أن يتمتع بالتأثير خارج الشرق الاوسط، وهو يكتسب القوة من الهجمات الارهابية في اوروبا وامريكا، مثلما رأينا في موسكو"، مضيفا أنه "من المفارقات أن تهديد داعش يجب أن تتم مراقبته بشكل أكبر في الغرب في الوقت الراهن".
ومع ذلك، قال التقرير ان العراق يدرك أنه بحاجة إلى "حليف قوي، مثل الولايات المتحدة، لمواجهة احتمال ولادة تنظيم داعش من جديد في المستقبل، وهو حليف سيساعد العراق في الحفاظ على سيطرته على اراضيه واكتساب الخبرة في ميدان الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، وسوف يساعد أيضا في ضمان التطور الاقتصادي".
وبحسب كونينغهام، من المعهد الملكي، فإنه "برغم من دعوة العراق الولايات المتحدة للانسحاب، فإن هذا لا يمكن أن يكون ممكنا"، مضيفا أن حلف الناتو موجود ايضا في العراق، وهم يريدون الاحتفاظ بموقعهم هناك لكي يوازن نفوذ إيران في البلد الذي اصبح وكيلا لإيران". وتابع قائلا إنه "لهذا السبب تريد الولايات المتحدة تعزيز العلاقات الدبلوماسية اليومية مع العراق".
وتابع التقرير قائلا إنه برغم ذلك فان الحكومة العراقية تحاول تحقيق التوازن في علاقاتها مع كل من الولايات المتحدة وإيران، لكن الحكومة العراقية تسمح بشكل سلبي لإيران بتضخيم قوتها بين الميليشيات الشيعية في البلد، وذلك لان الصراع الحالي في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، قد يقود الى تغييرات كبيرة ستشكل مستقبل العراق".
ونقل التقرير عن كونينغهام قوله إن "هناك وجهة عامة بين دول الشرق الأوسط تجاه ايران، بدأت حتى قبل الحرب الحالية بين إسرائيل وحماس"ن مضيفا أن "الفيل الذي يبدو أنه منسي في الغرفة، هو ان ايران قريبة جدا من امتلاك اسلحة نووية، وهو ما من شأنه أن يخلق تأثير الدومينو وسباق تسلح في الشرق الاوسط، وعندها لن تكون هذه مشكلة اقليمية فقط، وانما مشكلة دولية".
ترجمة: شفق نيوز