موجة تسريح غير مسبوقة تضرب الإعلام الإيراني

شفق
نيوز- بغداد/ طهران
ترجمة
خاصة
رغم
توقف المعارك بعد الحرب التي استمرت 12 يوماً بين طهران وتل أبيب، إلا أن العاصفة
الاقتصادية ضربت الوسط الإعلامي الإيراني بعنف، دفعت عدداً من أبرز المؤسسات إلى
تسريح موظفيها أو تقليص رواتبهم.
وتشير
تقارير غير رسمية إلى فقدان نحو 150 صحفياً وعاملاً إعلامياً وظائفهم، في ظل صمت
حكومي وغياب الدعم المؤسساتي.
الإعلام
تحت نيران الأزمة
مواقع
وصحف بارزة مثل "راهپرداخت"، "خبرآنلاين"، "اقتصاد
نيوز"، "تجارت نيوز"، "دنياي اقتصاد"، "اقتصاد
أونلاين"، والمنصة البصرية "إكوإيران"، أعلنت بعد الهدنة عن
إجراءات تقشفية شملت تقليص الرواتب وتسريح عدد من العاملين كخطة إنقاذ للخروج من
الأزمة المالية التي تفاقمت مع الحرب.
لكن
تقريراً لصحيفة "همميهن"، وترجمته وكالة شفق نيوز، كشف أن الأعداد أكبر
بكثير، مع تسريح طواقم تحرير كاملة في بعض المؤسسات، فيما اضطرت أخرى إلى تأخير
دفع الرواتب أو دفع جزء منها فقط، في ظل إفلاس أقسام الإعلانات التجارية أو تعذر
تحصيل الشيكات.
سبعة
صحفيين من ضحايا التسريح، فضلوا عدم الكشف عن هوياتهم خشية الإضرار بمحاولاتهم
لاستعادة حقوقهم. بعضهم وُصف وضعه وكأنه طُرد من منزله الثاني: "بقينا نحارب
الخوف والموت بالكلمات، لكن بعد الهدنة طُلب منا المغادرة وكأننا لا شيء".
أحدهم
يقول: "قيل لنا بوضوح: من لا يستطيع الحضور للمكتب خلال الحرب، لا مكان له في
الفريق. وبعد الهدنة، عُرض علينا تقديم الاستقالة بدلاً من الطرد العلني".
آخرون
تلقوا رسائل مقتضبة تخبرهم بأنهم في "إجازة غير مدفوعة حتى استقرار
الوضع". كثير منهم لم يحصل على عقود موثقة، ما صعّب عليهم أي مسار قانوني
لاحق للمطالبة بحقوقهم.
خسائر
مضاعفة
في
واحدة من أكبر الصحف الاقتصادية، تم تسريح جميع العاملين في غرفة الأخبار باستثناء
شخصين، بينما تم الإبقاء على موظفي القسم التجاري الذين يعتمدون على العمولات.
أحدهم علق بمرارة: "كنا نحمل الصحيفة على أكتافنا، لكن في النهاية الأولوية
كانت دائماً للمال، لا للكلمة".
وفي
مؤسسة إخبارية أخرى، أُبلغ الصحفيون أن المؤسسة غير قادرة على دفع حتى راتب شهر
حزيران، بسبب توقف التحويلات المالية وإغلاق حسابات الشركات الإعلانية الكبرى.
لم
يقتصر التسريح على الصحفيين فقط، بل شمل أقساماً كاملة مثل التحرير والتصحيح
اللغوي، والموارد البشرية والمالية. في إحدى الحالات، طُلب من قسم التصحيح (8
موظفين) أن يختاروا بأنفسهم 4 منهم للتسريح "الطوعي". في النهاية،
طُردوا جميعاً دون تفسير واضح.
صحفية
قالت إنها طُلب منها مغادرة طهران والعمل عن بعد بسبب الحرب، لكنها تفاجأت بأن
الأولوية في دفع الرواتب كانت لمن واصل الحضور إلى المكتب، رغم سوء الإنترنت
والمخاطر الأمنية في العاصمة. شعرت بالخداع: "عرضوا عليّ الاستمرار مؤقتاً
حتى يتم إعلامي رسمياً بتسريحي".
مرتضى
كاردر، عضو مجلس إدارة نقابة الصحفيين، أكد أن بعض المؤسسات سرّحت ما يصل إلى ثلثي
موظفيها، مستشهداً بتوقف خدمات التوزيع خلال الحرب وتعطّل سلاسل الإمداد، ما جعل
الصحف غير قابلة للاستمرار.
ويرى
كاردر أن ما حدث ليس أزمة طارئة فقط، بل نتيجة تضخم غير مبرر في بعض المؤسسات
الإعلامية التي ضاعفت موظفيها بلا حاجة واقعية، خصوصاً في القطاعات الفنية والتجارية،
والآن "تتخلص من هذا الحمل الزائد تحت ستار الأزمة".
أشار إلى أن النقابة تحاول إقناع المؤسسات بعدم
التعجل في التسريح، وتسعى للتواصل مع الصناديق والجهات الرسمية لتوفير دعم مالي
مؤقت للصحف. لكنه اعترف أن بعض هذه الإجراءات قد لا تكون كافية، إذ تتطلب الأزمة
حلولاً بنيوية تتعلق بطريقة تخصيص الدعم وطبيعة التوزيع.
ويختم:
"نحتاج إلى حصر المؤسسات التي تستحق الدعم فعلياً، لا تلك التي ظهرت فقط
للحصول على الإعلانات الحكومية أو حصص الورق".