معهد أمريكي يرى ضرورة تغيير النظام الإيراني: الأمر مختلف عن العراق

معهد أمريكي يرى ضرورة تغيير النظام الإيراني: الأمر مختلف عن العراق
2025-07-10 11:22

شفق نيوز- ترجمة خاصة

انتقد معهد "بروفيدانس" الأمريكي المقارنة بين عراق 2003 وإيران 2025، وفكرة أن "تغيير النظام" في طهران ستثير فوضى وتتحول إلى مستنقع وحرب لا نهائية، مؤكداً أن هذه النظرية "مختلة".

وأوضح المعهد الأمريكي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أنه مع تنفيذ إسرائيل ضربات على المواقع النووية والعسكرية الإيرانية، تجدد الحديث عن "تغيير النظام"، كما بدأ المنتقدون يحذرون من "عراق آخر، وفوضى مستنقع، وحرب بلا نهائية"، إلا أن هذه المقارنة "مختلة" هيكلياً، حيث أن إيران ليست العراق.

واعتبر التقرير أن ما جعل عراق ما بعد صدام حسين، يتحول إلى "كارثة" لم يكن تغيير النظام بحد ذاته، وإنما "قرار إيران المدروس بجعله كذلك من خلال إغراقه بالميليشيات، وخطف سياساته، وتحويله إلى ساحة معركة بالوكالة لإخراج القوات الأمريكية وتعزيز هيمنتها على المنطقة".

وبحسب التقرير الأمريكي فإن فكرة تكرار السيناريو نفسه في إيران، تتجاهل حقيقتين مهمتين، أولاً أن الديناميكيات المجتمعية مختلفة تماماً، وثانياً يتمثل في غياب أي قوة خارجية بإمكانها فعل ما فعلته إيران بالعراق.

ولهذا، يقول التقرير إن تغيير النظام في إيران، سيؤدي إلى القضاء على مصدر الفوضى، لا أن يطلقها.

وتابع التقرير أنه قبل الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، فإن مؤيدي فكرة تغيير النظام، اعتبروا أن نظام صدام حسين يمثل تهديداً للأمن الدولي، وأنه يمتلك أسلحة دمار شامل، وبمقدوره استخدامها أو نقلها إلى جماعات إرهابية مثل تنظيم القاعدة.

وبالإضافة إلى ذلك، اعتبر هؤلاء أنفسهم أن إزاحة صدام حسين لن تساهم فقط في تحرير العراقيين من الاستبداد، وإنما ستطلق أيضاً شرارة الديمقراطية في كل أنحاء الشرق الأوسط.

غير أنه بدلاً من ذلك، حدث العكس، كما أكد التقرير، موضحاً أنه بعد الغزو، "انزلق العراق إلى الفوضى والإرهاب والعنف الطائفي"، وهو ما عزز الاعتقاد بأن تغيير النظام سيؤدي حتماً إلى "كارثة".

ومع ذلك، قال التقرير إن الحقيقة تكمن في أن عدم الاستقرار في العراق بعد الغزو لم يكن أمراً عفوياً وإنما نتيجة حتمية لتغيير النظام، مشيراً إلى أن عدم الاستقرار هذا سببه بدرجة كبيرة إيران التي اغتنمت سريعاً "الفرصة الإلهية" المتاحة لتوسيع نفوذها، وهو هدف كانت تطمح إليه منذ فترة طويلة.

وبحسب التقرير، فإن النظام الإيراني خصص بعد الغزو الأمريكي مباشرة، 26 مليون دولار إضافية لفيلق القدس التابع للحرس الثوري لتسليح الميليشيات العراقية والتغلغل في السياسة العراقية، من أجل تحويل العراق إلى جبهة رئيسية في أجندته الإقليمية.

وأشار إلى أن "قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني حول العراق إلى ساحة معركة لحروب الوكالة والاضطرابات الأهلية والتدخل الأجنبي، وهو ما تسبب في مقتل آلاف الأمريكيين والعراقيين".

ولفت التقرير إلى أن "سليماني أشرف على إقامة طرق لتهريب الأسلحة على طول الحدود الإيرانية العراقية، وأطلق تمرداً مدروساً ضد القوات الأمريكية من خلال الميليشيات التي نفذت حرباً بالوكالة، وشاركت في الحرب الطائفية وهو ما سمح لإيران بصياغة سياسات تعزز مصالحها مع الحد من نفوذ الولايات المتحدة والمنافسين الإقليميين المحتملين مثل المملكة السعودية".

إلا أن التقرير أقرّ مع ذلك بأن النفوذ الإيراني وحده لا يفسر تفكك العراق، حيث أن فشل المهمة كان متجذراً أيضاً في غياب التخطيط المتماسك والتنفيذ الخاطئ من جانب الولايات المتحدة وحلفائها، مضيفاً أن الأخطاء الكارثية التي ارتكبتها الحكومة الأمريكية، إلى جانب الإخفاقات الاستخباراتية، عكست سوء تقدير كبير لحقائق ما بعد الحرب.

وفي هذا الإطار، ذكرّ التقرير بما أسماه "التفكيك الخاطئ" للمؤسسات العراقية، واجتثاث البعث الشامل، وتدمير قدرات الدولة، وإعطاء الأولوية للمكاسب السياسية قصيرة المدى بدلاً من بناء المؤسسات الحقيقية، وهو ما خلق فراغاً مهد الطريق لاندلاع فوضى ما بعد الحرب وساهم في عدم الاستقرار الطويل، بما في ذلك صعود تنظيم "داعش".

واعتبر التقرير أن الأخطاء التي نفذت في الماضي كانت نتيجة لخلل في التنفيذ، وليس لأن الأهداف نفسها كانت غير مشروعة.

وبالإضافة إلى ذلك، ذكر التقرير أن المقارنة بين العراق وإيران تتجاهل الاختلافات الأساسية في الثقافة السياسية، والتماسك المجتمعي، والتكامل العرقي بين البلدين، موضحاً أنه على العكس من العراق قبل الغزو الأمريكي، فإن إيران المعاصرة شهدت ازدهاراً للجماعات المدنية، مثلما يظهر في حركات الاحتجاج البارزة، مثل الحركة الخضراء عام 2009، والحركة البيئية، والنشاط المستمر في مجال حقوق الإنسان والمرأة، إلى جانب ازدهار الخطاب العام والفكري حول قضايا اجتماعية وسياسية حساسة، مثل العلاقة بين الدين والدولة، ودور المجتمع المدني، والتوجه الإيديولوجي المستقبلي لإيران.

وتابع التقرير أنه رغم وجود عناصر انفصالية بين الأقليات الإيرانية (الكورد والعرب والبلوش والأذريين)، إلا أن هذه العناصر لا تتمتع بالتنظيم أو الشعبية الكافية لتشكل تهديداً خطيراً للتماسك الوطني، مضيفاً أنه بالنظر إلى الوعي المدني للمجتمع الإيراني والنظرة غير الانفصالية للمجتمعات غير الفارسية، فإن انتشار الفوضى في أعقاب أي تغيير محتمل للنظام، يبدو مستبعداً تماماً.

وختم التقرير بالقول إن استخدام المثال الفاشل لتغيير النظام في العراق كدليل على وجوب عدم محاولة تغيير النظام مجدداً هو خطأ فادح، وهو لن يؤدي سوى إلى تشجيع النظام في طهران، مما يسمح له بمواصلة القمع في الداخل وسياساته المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon