"عبد الحميد".. خطاط من الأنبار يُعيد للحرف العربي وهجه بشغف لا ينطفئ (صور)

"عبد الحميد".. خطاط من الأنبار يُعيد للحرف العربي وهجه بشغف لا ينطفئ (صور)
2025-04-25 11:10

شفق نيوز/ في زوايا محافظة الأنبار، حيث تغيب الفنون عن المشهد العام، بزغ نجم عبد الحميد ناظم الذبّان كواحد من الأسماء الفنية النادرة، ممسكاً بالقلم لا ليخط حروفاً فحسب، بل ليصوغ قصة شغف وهوية لا تعرف الانطفاء.

وُلد الذبّان في 26 أيلول/ سبتمبر عام 1992، ولم يكمل سوى دراسته المتوسطة، غير أن دربه في الخط العربي كان موازياً لمسيرته التعليمية، مدفوعاً بموهبة فطرية واجتهاد استثنائي لا يُقاس بالشهادات.

وحين يُسأل الذبّان، عن سرّ هذا الانجذاب، يصف الخط العربي بأنه "عالم متفرّد"، قائلاً إن "أول ما جذبني للخط هو روحانيته، والأجواء التي يغرق فيها الخطاط، إذ تشعر أنك دخلت عالمًا آخر بمجرد أن تمسك القلم"، مبيناً أن "هذا العالم المليء بالسكون والجمال، كان كفيلًا بأن يأسره بكل تفاصيله الدقيقة".

كانت انطلاقته الجادة على يد منذر الدليمي، الذي كان له الأثر الأكبر في توجيهه فنياً، حيث يضيف الذبّان، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أنه "منذ اللحظة التي رأيت فيها أستاذي يمشق القلم، أثار دهشتي، ودفعني ذلك إلى أن أبدأ رحلتي في هذا الفن العريق"، مشيراً إلى أن "فضل أستاذي ما يزال حاضراً، إذ يمدّني بالنصح والدعم حتى اليوم".

ولم تكن رحلة الذبّان، خاصة خلال سنوات النزوح التي قادته إلى مدينة السليمانية، لكن تلك المحنة تحوّلت إلى فرصة نضوج وتطوّر.

هناك، انفتح على مدارس خطية جديدة، وبدأ بتعلّم خط النسخ على يد خطاطين بارزين، منهم الأستاذ أحمد الأربيلي، أحد أعلام الخط في كوردستان، والأستاذ سيروان البرزنجي، كما يقول إنه "التقيت بالعديد من الخطاطين الكورد، وعلى رأسهم شيخ خطاطي كوردستان أحمد الأربيلي، وسيروان البرزنجي".

ورغم ما واجهه من صعوبات في توفير أبسط مقومات الاستمرار في الخط داخل الأنبار، خصوصاً شحّ الأدوات وغياب الدعم، إلا أن عبد الحميد الذبّان لم يسمح للظروف أن تُطفئ جذوة شغفه، بل واصل طريقه متحدياً كل العقبات، مؤكداً بالقول إن "أكبر تحدٍ واجهته هو الاستمرارية، لكون الأنبار تفتقر لأدوات الخط، وهي أساس لا يمكن تجاوزه لمن يريد مواصلة هذا الفن".

لكن ما يحمله عبد الحميد الذبّان في داخله يفوق المهارة الفنية؛ فهو يرى الخط العربي بوصفه هويةً وتراثاً لأمة كاملة، ويؤمن أنه يستحق عناية أكبر، مضيفاً أن "الخط هوية وتراث أمة، وهو الفن الذي يعبّر عن الحضارة الإسلامية والعربية، لكن للأسف يعاني من الإهمال، ويجب علينا أن نحافظ عليه من خلال نشره وتعليمه للأجيال".

أما عن أعماله الفنية، فيقول إن كل قطعة ينجزها تحمل جزءاً منه، مشيراً إلى أن كل عمل يمر بتجربة شعورية خاصة، فيها من الحكاية بقدر ما فيها من الحرف وكل عمل أنفذه أعيش معه قصة خاصة، لا يمكن أن تتكرر.

ويحلم الذبّان بإنشاء مركز متخصّص بالخط العربي في الأنبار، مركز يرى فيه نقطة انطلاق لنشر هذا الفن وتعليمه بأسس راسخة، مؤكداً أن أول درس سيقدمه لطلابه هو الحب لأن من أحبّه لن يتخلّى عنه، وسيصبح سفيراً له في كل مكان.

من الأنبار إلى السليمانية، ومن أقلام بسيطة إلى أحلام واسعة، يواصل عبد الحميد ناظم الذبّان رحلته بثبات، حالماً بأن يترك أثره في ذاكرة الخط العربي، انطلاقاً من أرض لم تنصف الفن بعد، لكنها قد تنجب من ينهض به من جديد.

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon