"الأنبار بلا غاليري".. فنان تشكيلي يدون "أوجاع" الناس بريشته (صور)

"الأنبار بلا غاليري".. فنان تشكيلي يدون "أوجاع" الناس بريشته (صور)
2025-05-01 08:48

شفق نيوز/ في زاوية بسيطة من منزله في قضاء الحبانية، تحديداً في الخالدية بمحافظة الأنبار، ينهمك حسام الرسام في الرسم كما لو أنه يؤدي "صلاة صامتة".

حسام الرسام لا يملك مرسماً بالمعنى التقليدي، لكنه صنع من ركن صغير عالماً واسعاً تنبض فيه القصص والأوجاع والأحلام. فنان تشكيلي شاب من الأنبار، يؤمن أن اللوحة ليست زينة على جدار، بل مرآة لإنسان يعيش وسط المتاهة، ويقاوم باللون، وينجو بالشغف.

يقول حسام الرسام لوكالة شفق نيوز، إن لحظة التحوّل الكبرى في حياته الفنية لم تكن حين تلقى أول إعجاب، بل حين لمح الدهشة في عيون شخص وقف أمام لوحة تشبه وجعه. من هناك، أدرك أن الفن التشكيلي أعمق من مجرد مزج ألوان وتشكيل أشكال؛ هو رسالة، ومشروع حياة، وجسر إنساني يُبنى بالفرشاة ويمتد نحو الآخر حتى من دون أن يعرفه.

لا يعتبر الرسام نفسه رساماً فقط، بل ناقلاً لقصص الناس، راوٍ لتفاصيلهم اليومية، ومترجماً صادقاً لمشاعرهم المكبوتة. أعماله لا تسعى لإبهار بصري بقدر ما تسعى لتحريك الداخل. يرسم عن الفقد، الكرامة، الأمل، الطفولة، وعن الإنسان الذي يتشبث بالنور رغم عتمة الطريق.

رغم الطلبات التي تصله من محيطه، سواء كانت لوحات خاصة، أعمال مدرسية، أو حتى جداريات في الحدائق والشوارع، يحرص دائماً أن تحمل كل لوحة بصمته الشخصية، وألا تتحول إلى تكرار: "الفن مو شغلة إنتاجية.. هو حالة عيش"، يصف ببساطة فلسفته التي تقوم على الصدق لا على البيع.

وشارك الرسام في معارض فردية وجماعية داخل العراق، وكان لبغداد حصة الأسد من تلك المشاركات، "حيث التذوّق الفني أكثر حضوراً". إلا أن مشاركاته بدأت تتراجع لأسباب لا يخفي ألمها، بين ما هو معلوم من تراجع الدعم، وما هو مسكوت عنه من محاولات طمس الذاكرة الفنية وسلب الهوية الثقافية من جذورها، على حد وصفه.

ويرى الرسام أن المأساة الكبرى تكمن في غياب غاليري واحد في محافظة الأنبار، رغم ما تحمله من ثقل تاريخي وثقافي، هذا الغياب ليس مجرد نقص في البنية التحتية، بل عتب كبير، وجرح مفتوح في جسد الحركة الفنية المحلية.

ورغم هذا، لا يتوقف طموح الرسام الأنباري عند معرض شخصي أو دعوة دولية، بل يحلم بمشروع فني يمتد أثره خارج الجدران، مشروع يحكي عن الناس ويعيش معهم. ويتمنى تأسيس فضاء حر مدرسة أو ورشة دائمة، تفتح الأبواب للمواهب الجديدة، خصوصاً من المناطق المهمّشة التي غُيبت فنياً وإعلامياً.

وأكثر لوحة أثّرت فيه كانت تلك التي رسمها في لحظة وطنية حرجة، بعنوان: "قصة المدينة التي سُلب شرفها، وقتل أهلها، وأقصى أمانيها أن يُقدّم لها اعتذار"، لوحة تشبه صرخة مكبوتة، أو مرثية لمدينة تبحث عن كرامتها في زمن النسيان.

ويؤمن حسام الرسام أن "الفن ليس نهاية، بل بداية لكل حكاية نحب أن نعيشها ونغيّر بها شيئاً حقيقياً".

ويختم بنصيحة يوجهها لكل من يمتلك موهبة، أن "لا يقيس نفسه بعدد الإعجابات أو المتابعين، وأن يتعلم من الخطأ، ويصبر على البدايات البسيطة، لأن الموهبة، كالبذرة، إن لم تُسقَ بالتدريبوالمعرفةتموت".

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon