على شرفات ذاكرتي

امير الداغستاني
تلح علي أطياف من عرفتهنَّ ، حيث لا شغل لي سوى التأمل بعد اعتزلي الدنيا .. أجلسهنَّ على شرفات ذاكرتي ، وانا اسحب أنفاس من سيجارتي ، والثمها كمن يلثم حبيبةٍ غائبة . أي عقل جنوني كنت املك ؟! لا كوابح له..عندما كانت تثيريني إمرأة ما، لا أملك إلا ملاحقتها ، اهتم بأدق تفاصيلها، احاصرها بروح مقاتل عنيدة لا تعرف الهوادة ولا الانهزام ، ، وبإهتمامٍ وحبٍ وحنان أجيد تصنّعهُ ، أنصبُ شبكة الوهم التي انسجها باحتراف ، لا تملك أي إمرأة تقع في طريقي المقاومة ، تستسلم صاغرة تحت سطوة رجولتي وطريقة تعاملي معهنَّ. قررت استدعاءهنَّ ، اجلسهنَّ امامي في حوار مفتوح… ما لي وما عليهنَّ .. سأحاول ان أكون منصفاً في حكمي .نطّت من ذاكرتي إمرأة ممشوقة القوام ، آه تلك زميلتي ! التي عشت معها لحظات جنونية، حين قررت بعد حين تركها لاتزوّج زواجاً تقليدياً من إمرأة على ذوق الوالدة وباشتراطات عقليتي الرجعية …قالت ودمعة نزلت من عينها لن اسامحك.. توارت لتحل بدلها ابنة الجيران كم لهوت بجدائلها، كان ميدان لهونا السطح حيث كنا نطالع دروسنا ،، حينما نجحنا من الثانوية ذهبت لتتزوج من رجل غني واستبدلت جدائلها بشعر قصير يلائم وضعها الارستقراطي الجديد . اشاحت وجهها بتكبر لتترك المجال إلى المرأة التي كنت قد التقيتها في إحدى دهاليز دوائر الدولة كنا نكمل أوراق تعييننا بعد التخرج وكل منا يحمل آماله العريضة بمعية هذه الأوراق ، كان تعارفنا سطحيا لكن مع تكرار اللقاء تبادلنا أرقام الهواتف وبعدها العشق الذي جرفنا نحو قرار الهروب إلى المجهول، لكنني تراجعت في اللحظات الأخيرة، حيث حضر عقلي ليقول كلمته الفصل، ليذعن القلب صاغراً لحكمه القاطع، نزلت دمعة من عينها وقالت بانكسار لن أسامحك… تلاشت لتحضر سيدة ذات شخصية وجمال طاغ حاولت معها مراراً، لم تسعني الدنيا حين فزتُ بابتسامتها التي ترسم غمازتين ساحرتين على صفحات وجهها المضيء ، تلك الابتسامة غيرت مجرى حياتها، إذ نزلت بعد حين من برجها العاجي لتتحول إلى جارية راضخة، تستجيب لكل رغباتي مهما كلفها الأمر، مللتها بعد إن نلت لذة.. هكذا انا أمل سريعاً ، ينتابني ضجر رهيب.. لا اطيق بعده المرأة، احاول استبدالها بأخرى. قفزت ذاكرتي لتلك التي رأيتها صدفة وهي تركن سيارتها قرب باب بيتها ، تجاهلت نظراتي لكنني تحديت نفسي لامتلك ذلك الجمال، قررت البدء برحلتي لصيدها ، كررت تواجدي وقت مجيئها لالفت انتباهها ، سنحت لي فرصة ذهبية حينما احتاجت لاحد يساعدها في تبديل اطار سيارتها، تطوعتُ بهمة الرجل الشهم ، اسمعتها كلاماً جميلاً وأنا أقوم بمهمتي، فهذه فرصة ذهبية لن تتكرر، استلطفتني واطمئنت لي، حصلت على رقم جوالها بحجة اذا احتاجت مساعدتي مرة ثانية .. لتتكون بيننا علاقة ظلت حلاوتها عالقة لا يمكن للدهر أن يمحوها . بخجل توارت ربما كان ذلك سببه أنها كانت غير مرتاحة لخيانتها الزوجية، لكنها لم تقاوم تعاويذ محاولاتي التي كانت عبارة عن اشعار وكلمات تذوب الصخر انفثها بأذني من اتعرف عليها منهنَّ. وقفت بشموخ ممتلئة ثقة وكبرياء، تلك الشابة التي وضعها الفيس بوك في طريقي ، كانت كارثة النساء بحسنها وجسدها المغري ، قمت بمراسلتها على الرغم اني لم اقم بذلك من قبل، لكن جمالها الأخاذ من اجبرني على ذلك ، شعرت انها كانت مستاءة بادئ الامر لاقتحام صفحتها دون معرفة سابقة ، لكني اتبعت معها اسلوباً مختلفاً بالحديث لاقنعها ، تكررت الرسائل وتوطدت العلاقة ، واصبحت لقاءاتنا متواصلة حتى باتت لاتستغني عني، تعلقت بي خلال مدة قصيرة بشكل غريب ، اما انا فقد كان يملؤني زهو ذكوري ونشوة انتصار، كلما كانت تترجاني لتجديد اللقاء حتى حان موعد رحيلي عنها، تركتها ولا زالت فاغرة فمها متعجبة كيف إن مثلها يُترك.. كأنت علامات التعجب لا تزال مرسومة على وجهها،. تلاشت لتحضر تلك المرأة الشاعرة. لم اقرأ حرفا مما كتبت من أشعار مملة، كان شغلي الشاغل نيلها، كنت احاصرها برسائلي واهتمامي، لم اترك صغيرة ولا كبيرة من يومياتها إلا وضعته ضمن دائرة اهتمامي… ثوبها، عطرها، ساعتها، ما تطبخه، كانت تقاوم بادئ الأمر حتى استسلمت صاغرة، كسرت كل القيود لتكون طوع أمري، مللتها سريعاً لانسحب رويداً من حياتها تاركاً لها أثرا لا ينسى، تحاول مدارات خيبتها بما تبقى لها من كرامة بذلتها تحت قدمي . لا اطيق المراة التي تتوسل الحب. لازالت قوافل النساء تمر من أمامي حتى استدعتني الممرضة التي كانت ترافقني في المصحة تدعوني للدخول فقد بدأ المطر يهطل ماحياً إلى الأبد آثار كل العشيقات.