ثاني أهم عملية انتخابية في اقليم كوردستان

ثاني أهم عملية انتخابية في اقليم كوردستان

فرحان جوهر

2024-10-22T19:56:17+00:00

بعد أولى العمليات الانتخابية في عام 1992، تُعد العملية الانتخابية التي جرت قبل أيام من أهم الانتخابات في كوردستان لعدة عوامل:

1- غياب البرلمان ومفوضية الانتخابات في كوردستان.

2- انتهاء الشرعية عن إدارة الحكم في الإقليم منذ فترة طويلة.

3- وقوع القرارات القانونية ومصير شعب كوردستان تحت رحمة المحكمة الاتحادية العراقية العليا.

4- نوعية الحملات الدعائية الانتخابية، حيث استخدمت الكيانات السياسية أشد أنواع الخطاب والشعارات ضد بعضها البعض، ومع ذلك لم يشكل ذلك أي تهديد لأمن المواطنين، مما يعكس ارتفاع مستوى وعي شعب كوردستان.

5- ارتفاع أعداد المشاركين في الانتخابات، مما يشير إلى أن شعب كوردستان لا يرى أي وسيلة لتغيير نظام الحكم سوى صناديق الاقتراع. وهذه النقطة هي الأهم في هذه الانتخابات، مما يعطينا الأمل بمستقبل ديمقراطي لا بديل له في الإقليم والعراق.

6- إجماع الأطراف السياسية، سواء من السلطة أو المعارضة، على نزاهة وشفافية الانتخابات، مما يزيل أي شكوك حول شرعية الحكومة القادمة في الإقليم.

النقطة المتبقية، وهي نقطة مهمة، تتعلق بتشكيل الكابينة الحكومية المقبلة في وقت وجيز. إذا تم اجتياز هذه الخطوة بنجاح، كما تم اجتياز الحملات الانتخابية وعملية الاقتراع، فستصبح عملية تشكيل الحكومة العاشرة منعطفًا هامًا في تطور كوردستان. الأولوية في المنطقة حاليًا، سواء بالنسبة للمواطنين أو للمنطقة بشكل عام، هي تثبيت الأمان وترسيخ الهدوء.

هذه الانتخابات سيكون لها تأثير على استقرار الأمن في العراق أيضًا، حيث إن وجود حكومة تتمتع بالثقة على المستويين المحلي والدولي يجعل من الصعب على الحكومة العراقية الانخراط في الحرب الجارية حاليًا في الشرق الأوسط. فالعراق، من الناحية القانونية والسياسية، لا يمكنه اتخاذ قرار الحرب دون موافقة حكومة الإقليم، رغم أن العراق لا يمتلك القدرة على خوض حرب بهذا الحجم في الظروف الحالية. لكن هذه الإمكانية تصبح واردة إذا فقد العراق استقلالية قراره.

لذلك، فإن الإسراع في تشكيل حكومة جديدة في ظل هذه الظروف يُعدّ أمرًا ضروريًا وملحًا، حيث تمر المنطقة بأوضاع ساخنة ومعقدة للغاية.

أعتقد أن الحزب الديمقراطي، باعتباره الفائز الأول في الانتخابات، سيعمل على طرق أبواب جميع الأطراف من أجل تشكيل الحكومة المقبلة، ولن يستخدم "الفيتو" ضد أي قوة أو طرف يرغب في المشاركة في التشكيلة الجديدة. فقد صرح الرئيس بارزاني خلال الحملة الانتخابية: "بعد الانتخابات سنمد يد السلام والعمل الجماعي إلى جميع الأطراف." هذه إشارة واضحة إلى أن الحزب الديمقراطي لا يسعى لإغلاق الباب أمام أي حزب يرغب في المشاركة في الحكومة، مما يعكس خطوة صحيحة نحو التعاون.

كانت هذه الانتخابات مهمة لجميع الأطراف، لكنها اكتسبت أهمية مضاعفة بالنسبة للحزب الديمقراطي الكوردستاني، لأن "البارتي" وُضع في موقف القيادة منفردًا كقوة حاكمة في كوردستان. ورغم الانتقادات والنواقص التي وُجهت إليه، بقي الحزب الديمقراطي الفارس الوحيد الذي انتصر في ميدان الانتخابات. من جهة، كان هذا رمزًا لوعي أهالي كوردستان، ومن جهة أخرى، تأكيدًا لصحة سياسة الحزب الديمقراطي والرئيس بارزاني، الذي نجح في هذه المرحلة الحساسة في الحفاظ على مكانته في القمة، متجاوزًا كل المشكلات والعراقيل.

في الوقت الحاضر، يُعد وجود جبهتين تمثلان السلطة والمعارضة أمرًا مهمًا لكوردستان، لأن النظام الديمقراطي من دون معارضة قوية سيكون غير متوازن. لذلك، فإن بقاء قوة ما خارج الحكومة الجديدة سيكون خطوة جيدة وصحيحة، إذ أن الحفاظ على المعادلة الديمقراطية بوجود معارضة هو خيار صحيح. فالحكومة، من دون معارضة وطنية، مسؤولة، وقوية، لن تكون قادرة على خدمة الشعب بشكل كامل.

لكن مع ذلك، لا يجب على المعارضة توجيه الاتهامات جزافًا أو نشر اليأس دون تقديم أدلة وبراهين موثوقة. ما قامت به المعارضة في الماضي ألحق ضررًا بها قبل أن يضر بالحكومة والشعب. فليس من دور المعارضة المسؤولة نشر الاتهامات وزرع الشكوك بين الناس تجاه العملية الديمقراطية، لأنها في النهاية جزء من هذه العملية، وقد تكون ضحية للشعارات التي ترفعها بنفسها إذا لم تكن تلك الشعارات مبنية على حقائق.

لكوردستان وضع خاص، فهي ليست دولة تتمتع بهوية كاملة، أو أرض محددة، أو سيادة مستقلة. بالإضافة إلى هذه التحديات، تعاني كوردستان من مشكلات تتعلق بالإعمار، والخدمات، ومعيشة المواطنين، مما يجعل أعباء الإقليم مضاعفة. لذلك، تتحمل المعارضة الكوردستانية مسؤولية كبيرة تجاه هموم الأمة والوطن، ولا يمكن التهرب من هذه التحديات إذا أرادت أن تكون معارضة مسؤولة أمام الشعب والوطن.

ترجمة: شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon