ملايين الكلمات من أجل رسالة حيّة
علي حسين فيلي/ يبدأ تراجع اي وسيلة اعلامية في الوقت الذي تبتعد فيه عن المصداقية، ومن الطبيعي ان اي موضوع يحقق تسجيلاً وتسليماً للحقيقة ستكون له إجابات مناسبة وضرورية وعادلة لمتطلبات المجتمع.
إن السلطة والأطراف السياسية من حقها أن تصور الالتزام الوطني والقومي والاخلاقي كما يحلو لها، ولكن لا تستطيع التنصل عن أسباب فشل المشاريع الثقافية والإعلامية التي تم تأسيسها باسم المكونات.
إن آداب الخطاب في هذا البلد والمصطلحات تثبت أن اسوأ الافعال والافكار لا زالت معمولة بها، ويتم الحديث عنها بكلِّ فخر عن اختلافات اللون والمعتقدات والاعراق والدماء و..، وفي معظم الموضوعات، على الرغم من أن الشعارات جميعها تؤطر بقالب المدنية، الا ان الافعال عنصرية!
بعد مضي عشرين عاماً، تثبت مساعينا المستمرة المباركة منذ البداية، أن مؤسسة شفق بصورة عامة ومجلة فيلي بشكل خاص، كانت تعتمد اتجاه حركة عقارب العمل أهم من سرعتها. واليوم لم تعد العراقيل والموانع لها معنى عندما تصدر المجلة بشكل متميز ومتواصل على وتيرة توجهها الخاص. وفي الحقيقة فإن هذه المساعي لوحدها لن تخلق بطلا للدفاع عن الهوية والتاريخ الفيلي، ولكن عندما تتحول أفكارنا واعتقاداتنا إلى أفعال، فإن تأثيرها واستمرارها يصبح معيارا للنجاح، لأن المشروع خَلَق فرصة للأشخاص الذين أصبحوا شركاء في هذا الانجاز الكبير، ومن منهم غادر الحياة أو أصبح بعيداً عنا للأسف.
في عملية تقديم الخدمة للكورد الفيليين والمجتمع بصورة عامة، انبثقت عن شفق أقسام وموضوعات كثيرة ونمت وترعرعت مثل: الاذاعة، الصحف الأسبوعية والمجلات، والمواقع الإلكترونية ووكالة الانباء بلغات متعددة، و مختلف أنواع النشاطات والحراك المدني وجدت لها مكانا في شفق وسط اعماق الأفكار المسيطرة، لتبقى في هذا المكان محمية ولا تطالها هجمات البؤس والشقاء.
أن القلق يعد من أسوأ التقاليد، ولكن عند فقدان الثقة بالنفس يغدو التقصير أكبر، مع الاسف برز جيل، من دون أن يكون الشارع مواسيا ليأسهم، أصبحوا لا يألفون معالجات وأمجاد الماضي. في عملية البحث عن الذات يقولون: لم تُكلف الجهود أو حتى الحروب في الدفاع عنا، لأننا أصبحنا ضحايا الإهمال والنسيان.
عشرون عاما من العمل المتواصل، كان من نتائجها الهرم الجسدي لمعظم فريق عملنا. ومن حسن الحظ فإن العمر الطويل لمجلة فيلي مكّنها من أن تخلق رسالة مشتركات وسط الافكار والاراء المتنافرة المنتشرة في المجتمع، وأن تقول بشجاعة في الكتابة والاستمرار في الصدور والنشر إن: مجموع 240 عدداً من هذه المجلة يبعث على الثقة بقضية ونهج مقدس.
فِعبر طريق الشمولية والمصداقية، ومن دون الالتفات الى الجنس والعرق والدين او الانتماء السياسي، عبّر الكتاب عن أفكارهم بشأن كل مديات الحياة بالتزام إنساني ومهني. وباستحضار هذه الحقائق فان المجلة اسمها فيلي ولكنها عملت لجميع المكونات بشكل عملي، وكانت مليئة بالموضوعات التي ترى في التعددية والألوان الكثيرة في العراق رأسمالا كبيرا لبناء الحاضر والمستقبل.
وفي المحصلة النهائية احتضنت مجلة فيلي ملايين الكلمات الملونة لتوصل رسالتها هذه "الذكرى السنوية العشرون" وصدور 240 عدداً هدية لجميع الأشخاص والأطراف التي تعد نفسها صاحبة هذه الباقة العطرة..