بعد قرار السوداني .. رحلة خلاص الكورد الفيليين من التبعية من أين تبدأ وعند أي نقطة تنتهي؟
شفق نيوز/ يتطلب من المواطن الكورد الفيلي الراغب بالحصول على الجنسية العراقية وحقوق المواطنة في البلاد كـ"عراقي أصلي"، أن يجلب كتاب تأييد من مجلس المحافظة بأنه ينتمي لهذه الشريحة من شرائح المجتمع لإحالة اضبارته من سجل الأجانب إلى العراقيين وفق قانون رقم 26 لسنة 2006.
ويرى مختصون أن هذا الإجراء يزيد من معاناة الكورد الفيليين خاصة عند مراجعتهم لدوائر "سيئة الصيت" التي كانت في مبناها نفسه في عهد النظام السابق قد جُمعوا فيها وهُجّروا عبرها، ووضعت إشارات الترقين والقيد والتجميد والعلامة الحمراء على سجلاتهم.
ويدعو المختصون إلى نقل جميع سجلات الكورد الفيليين من شعبة الأجانب إلى كيفيتها القانونية ما قبل صدور قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، بعيداً عن هذا الإجراء الفردي الذي يُثقل المواطن الكوردي الفيلي جسديا ونفسيا، في وقت ما يزال يخشون فيه من قدوم حكومة قد تصفهم بالتبعية وتعود لتسفيرهم إلى خارج البلاد مع مصادرة أموالهم وحقوقهم.
مساواة في الحقوق
يؤكد النائب عن الكورد الفيلي، حسين مردان، أن "تحويل الكورد الفيليين الذين هم عراقيون أصلاء من سجل الأجانب إلى سجل العراقيين يُحصّن وضعهم النفسي، حيث كانوا يتألمون من هذه القضية، ويخشون من مجيء حكومة قد تعتبرهم تبعية إيرانية وتسفرهم وتأخذ أموالهم وحقوقهم".
ويضيف مردان لوكالة شفق نيوز، أن "امتلاك الكوردي الفيلي للجنسية العراقية هي ضمان لحقوقه في البلاد كسائر العراقيين".
وكان النائب الكوردي الفيلي، قد كشف في يوم (2 شباط الجاري)، عن بدء إجراءات حكومية بإيعاز من رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بنقل سجلات الكورد الفيليين في دوائر الجنسية من شعبة الأجانب الى العراقيين، مبيناً أن هذه الموافقة جاءت بعد تقديمه طلباً بهذا الشأن.
وأظهرت وثيقة تحصلت عليها وكالة شفق نيوز صادرة عن مكتب رئيس مجلس الوزراء بتاريخ (16/ 1/ 2023) الايعاز لمكتب وزير الداخلية بتحويل سجل شريحة الكورد الفيليين من سجل الأجانب الى سجل العراقيين.
غير أن مستشار شؤون الكورد الفيليين في مجلس النواب العراقي، فؤاد علي أكبر، قال إن "هذا الطلب غير صحيح وليس في محله، لأن قانون 26 لعام 2006 منح الكوردي الفيلي الجنسية العراقية لمن يجلب تأييداً من مجلس المحافظة بأنه فيلي، ويُحال سجّله وإضبارته من قسم تبعات الأجانب إلى العراقية، والآلاف فعلوا هذا الأمر وفق هذا القانون".
الفيلي غير المسيحي
ويشير علي أكبر خلال حديثه لوكالة شفق نيوز إلى أن "دائرة الجنسية أوضحت سبب ضرورة مراجعة الكوردي الفيلي للدائرة، بأنها لا تمتلك معلومات عنهم لكي يُخرجوا ملفهم بكامله من التبعة الإيرانية، على خلاف المسيحي اذ يُكتب فيه الديانة، لذلك ليس لديهم إمكانية سحب الإضبارات لوحدهم".
ويضيف علي أكبر "وعند إتمام الكوردي الفيلي الآلية المعمول بها حالياً، يُمنح شهادة الجنسية العراقية وفق المادة (3 أ) ويُعامل كأنه عراقي لأول مرة يحصل على الشهادة، وتُلغى كل التبعات القديمة".
دائرة "سيئة الصيت"
من جهته يرى المحلل السياسي، حيدر الفيلي، مراجعة الكورد الفيلي لدوائر ما تزال فيها الروتين والبيروقراطية ومنها دائرة الجنسية وبالأخص في منطقة سيد إدريس في الكرادة تتسبب له بمعاناة نفسية "لأن هذه الدائرة كانت سيئة الصيت في عهد النظام المباد، حيث كانت تجمع فيها أسر فيلية وتُهجّر وتُوضع عليهم إشارات الترقين والقيد والتجميد والعلامة الحمراء على سجلاتهم".
ويدعو الفيلي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز رئيس الوزراء إلى "إصدار قرار حقيقي يقضي بالموافقة على نقل جميع سجلات الكورد الفيليين من شعبة الأجانب وعودتها إلى كيفيتها القانونية ما قبل صدور قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، دون الحاجة إلى مراجعة الكوردي الفيلي هذه الدائرة وتحميل كاهله الكثير من الأعباء".
يذكر أن النظام السابق الذي رأسه صدام حسين ولنحو ثلاثة عقود ساق آلاف الشبان من الكورد الفيليين إلى اماكن غير معلومة وما يزال مصيرهم مجهولاً ويرجح بأنهم قضوا في المعتقلات أو دفنوا أحياء في مقابر جماعية.
وشرع نظام البعث في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن المنصرم بحملة كبيرة لتهجير الكورد الفيليين، وسحب الجنسية العراقية منهم ومصادرة ممتلكاتهم واموالهم المنقولة وغير المنقولة.
كما تعرض الكورد الفيليون للتسفير والتهجير والاعتقال والقتل إبان حكم الرئيس الأسبق أحمد حسن البكر في عامي 1970 و1975، ومن بعده نظام صدام حسين في 1980، ويرى مؤرخون يرون أن التهجير جاء بسبب انتماءاتهم المذهبية والقومية.
وأصدرت محكمة الجنايات العليا حكمها في العام 2010 بشأن جرائم التهجير والتغييب ومصادرة حقوق الكورد الفيليين وعدها من جرائم الإبادة الجماعية.
وأصدرت الحكومة العراقية في الثامن من كانون الأول 2010، قرارا تعهدت بموجبه بإزالة الآثار السيئة لاستهداف الكورد الفيليين فيما أعقبه قرار من مجلس النواب في الأول من آب من العام 2010، عد بموجبه عملية التهجير والتغييب القسري للفيليين جريمة إبادة جماعية.