موسيقى "خان حمو" تغني لإعمار الموصل وعودة الحياة
شفق نيوز/ يتراءى لمن يدخل خان حمو القدو، للوهلة الأولى، أن الحرب لم تطأ أقدامها بلاط الخان، وبعد أن كانت مشاهد الخراب والدمار شاخصة في المكان، لم يعد لها وجود الآن.
وبعد ما كان الإرهاب يريد الاطاحة بهوية هذه المدينة الاثرية والتراثية؛ صدح وقع الموسيقى ليعلن اعادة الحياة لها، وتحركت اوتار العازفين للمرة الاولى بعد ان هدأ هدير المدافع والقنابل قبل ثلاث سنوات.
وخان حمو القدو يعد من الخانات المهمة في الموصل، بناه آل القدو في سنة (1300هـ/1882م) وكانت البناية آية في الفن المعماري الموصلي، حيث تبلغ مساحته أكثر من 379م2. ويتكون من طابقين، الأول: يحتوي على (45) دكاناً و(19) خزانة و(5) أواوين. وأمام الدكاكين (الحوش) أو الفناء.
وما بين هذه الأواوين الأثرية التي يتجاوز عمرها أكثر من 140 عاماً اجتمع مجموعة من العازفين والفنانين من داخل العراق وخارجه، لإقامة أول حفل موسيقي داخل خان حمو القدو، وجاء هذا الحفل برعاية منظمة العمل للأمل وبالاشتراك مع مؤسسة ملتقى الكتاب.
حضور كبير
وحضر الحفل مجموعة من الفنانين أبرزهم انور ابو دراغ عازف الجوزة المشهور والذي حضر من بلجيكا الى الموصل لإحياء هذا الحفل.
وقال أبو دراغ لوكالة شفق نيوز؛ انه سعيد جداً بإحياء هذا الحفل داخل الموصل، وتحديداً في المدينة القديمة التي شهدت أعنف حرب في التاريخ الحديث.
ووعد انه سيكرر هذه التجربة ويتمنى أن يحيي المزيد من الحفلات الموسيقية في الموصل.
ثقافة الموسيقى
ويقول حارث ياسين احد المساهمين من شباب الموصل في هذا الحفل، ان الموصل بحاجة الى ثقافة الموسيقى واحياء روح الحفلات الموسيقية لتنسى المدينة ماعاشته في السنين الماضية من ويلات ومآسي.
وأضاف ياسين لوكالة شفق نيوز؛ أن "نجاح هذا الحفل اليوم في ظل كل التحديات وظروف جائحة كورونا؛ سيكون له صدى واسعاً وينقل رسالة اكثر من رائعة عن الموصل، فهذا المكان من اقدم الخانات التراثية واعادة اعماره بطرازه المعماري القديم رسالة عظيمة عن إرادة الموصليين وتمسكهم بهوية مدينتهم".
وأشار إلى أن "حضور كل هؤلاء الفنانين والموسيقيين من أماكن خارج العراق واحياء الحفل في أجواء بسيطة سينقل رسالة بأن الموصل آمنة ولم يعد للإرهاب مكانٌ فيها
ونحن بحاجة الى ايصال هذه الصورة الى العالم".
عودة الأمل
اما محمد حسين وهو احد الحاضرين في الحفل ومن سكان المدينة القديمة قال انه لم يكن يتوقع يوماً ان يرى حفلاً موسيقياً تحييه شخصيات من خارج البلاد في مكان كان قبل عامين ممتلئاً بالقنابل وبقايا جثث عناصر التنظيم.
وتابع حسين: "اليوم نسيت كل شيء عندما استمعت للموسيقى والاغاني التراثية أشعر بأن الأمل موجود وستعود الحياة الى مناطقنا حتى وإن تأخر الوقت".
آليات جديدة للمجتمع
أما الناشط في المجال الثقافي ابراهيم الطائي، يرى ان من اهم الاليات الجديدة التي يصاغ بها المجتمع بطريقة صحيحة هي الموسيقى والفن".
ولفت إلى أن "الموسيقى جمعت اليوم فئتين على عتبة الحفل، فقد كان هنالك فرقة دينية قدمت الاناشيد الدينية والموشحات الإسلامية، كما قدم المشاركون من خارج نينوى، اغانٍ تراثية عراقية لمختلف المكونات العربية والكردية والتركمانية"، مؤكدا أن "التوسع في مثل هذا المجال مهم جداً".
وبين الطائي، أن "الموصليين يحتاجون الى الموسيقى في مدينتهم، وارى ان هذه المبادرة فيها رسائل عديدة منها تسليط الضوء على هذه المدينة ونقل صورة جميلة عنها".
وأضاف ان "من يرى مثل هذا الحفل الموسيقي في وسط مدينة كانت شبهة الإرهاب ملتصقة بها فيما مضى لن يصدق ما قيل عنها سابقاً"، واردف أن "الموصل اليوم تستحق الكثير من المبادرات لأنها عانت الكثير".