"فاو": الأمن الغذائي للعراق ولبنان واليمن الأشد تضرراً من كورونا والحرب الأوكرانية
شفق نيوز/ كشفت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، يوم السبت، أن العراق واليمن ولبنان من أشد الدول تضرراً من وباء كورونا والحرب الأوكرانية فيما يتعلق بالأمن الغذائي.
وقال المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا لمنظمة "فاو"، عبد الحكيم الواعر، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية"، إنّ العالم واجه تحديات متعددة الأوجه في السنوات الأخيرة، كان لها عواقب وخيمة على الأمن الغذائي في مناطق عدة ومنها المنطقة العربية.
الدول الأكثر تضررا
وعن البلدان الأكثر تضرراً بأزمة كورونا ومن بعدها الحرب الروسية الأوكرانية، أوضح الواعر "جميع البلدان العربية تقريباً تأثرت بشكل أو بآخر بهاتين الأزمتين، بما في ذلك البلدان ذات الدخل المرتفع والتي قد تأثرت كذلك بسبب ارتفاع الأسعار ومشاكل سلاسل الإمداد، إلا أنه ووسط التحديات التي يشهدها العالم حالياً، مثل التغير المناخي، والنزاعات، كان التأثير واضحا على كل من العراق ولبنان واليمن في منطقتنا".
وأشار إلى أن لدى منظمة "فاو" خطة لمساعدة البلدان المتضررة، حيث "نقف مع البلدان الأعضاء في المنطقة أثناء مرورها بهذه الأوقات الصعبة، وقد كثفنا جهودنا لدعم هذه البلدان في إدارة الأزمة".
خطوات المساعدة
ومن بين الخطوات التي تم اتخاذها لمساعدة البلدان المتضررة، مساعدة البلدان على تحويل النظم الزراعية والغذائية لديها لجعلها أكثر كفاءة وشمولية واستدامة وقدرة على الصمود، واقتراح حلول فورية مثل تسهيلات تمويل الواردات الغذائية.
وتابع الواعر "بالنسبة لمنطقتنا، فقد وضعنا نهجاً جديداً لدعم البلدان على مستوى الاستراتيجية والسياسات، إضافة إلى البرامج والتدخلات الهادفة إلى تصميم وتطبيق نُهج وحلول استراتيجية مستدامة".
وأردف "بناء القدرات القيادية والتحليلية وقدرات صنع القرار للبلدان الأعضاء لإمدادها بالأدوات مثل البيانات والتنبؤات والمهارات لوضع السياسات الاستباقية وتنفيذها".
وأضاف "بدأنا استشعار التأثير الحقيقي لأزمة كوفيد-19 والتي ترافقت مع تباطؤ اقتصادي عالمي، مما يؤثر سلباً على وصول الملايين من السكان إلى الغذاء".
وبين "كما تفاقم هذا الوضع بسبب الأزمة الأوكرانية، وضعف الإمدادات الغذائية، حيث تساهم أوكرانيا وروسيا بحوالي ثلث إجمالي صادرات الحبوب في الأسواق العالمية، علاوة على ذلك، كان إنتاج المحاصيل الرئيسية قريباً من مستويات الركود بسبب العديد من العوامل، ليرتفع مع ذلك أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم، مما أثّر بشكل خطير على شرائح المجتمع ذات الدخل المنخفض".
الأمن الغذائي
وقال الواعر "ستتأثر الركيزتان الأوليتان للأمن الغذائي، وهما توفر الغذاء وإمكانية الحصول عليه، بشكل خطير في عام 2022، مع ما يترتب على ذلك من تأثير على الركيزتين الأخيرتين وهما الاستخدام والاستقرار، وكل تلك الأسباب جعلت 2022 الأكثر قسوة".
وحول الأزمات التي تتعرض لها المنطقة العربية الخاصة بنقص السلع الأساسية وعدم الاستقرار الاقتصادي، أكد المسؤول الأممي على عدد من الإحصاءات "الجوع في المنطقة العربية آخذ في الازدياد، فوفقاً لتقديرات عام 2021، بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في المنطقة 54,3 مليون نسمة، أو 12.2% من السكان، ويشكل هذا زيادة ثابتة على مدى العقدين الماضيين، اقتربت من الذروة في عام 2011، عندما عانت المنطقة صدمة كبيرة نتيجة الثورات والانتفاضات الشعبية".
واوضح ان "انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الحاد واصل اتجاهه التصاعدي، مؤثر اعلى ما يقدر بنحو 154,3 مليون شخص في عام 2021، بزيادة بلغت 11,6 مليون شخص مقارنة بالعام السابق".
وبين انه "ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بشكل مطرد منذ عام 2014، وفي عام 2021، عانى ما يقدر بنحو 34.7% من سكان المنطقة من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الحاد وكانوا محرومين من الوصول المنتظم إلى الغذاء والتغذية الكافيين".
وأشار إلى انه "يقدر عدد الأشخاص الذين تعرضوا لانعدام الأمن الغذائي الحاد في عام 2021 بنحو 53.9 مليون شخص، بزيادة قدرها 5 ملايين عن العام السابق".
التباطؤ الاقتصادي
وبحسب الواعر فقد "اقترنت كل تلك الأرقام بحالة من التباطؤ الاقتصادي وزيادة في ضغوط التضخم وتقليص الحيز المالي في معظم البلدان العربية، كما أن المنطقة العربية تعتمد بشكل كبير على الواردات لتلبية متطلبات الأمن الغذائي، وقد أدى الضغط الأخير على سلسلة التوريد، والذي يرجع بشكل أساسي إلى الأزمة الأوكرانية، إلى حالة من التوتر والضبابية في البلدان العربية".
ونوّه "هناك توجه نحو تدابير التخفيف مثل تعزيز الإنتاج المحلي، وتوسيع قدرة التخزين، وزيادة مصادر التوريد البديلة، ومع ذلك، لن يكون لهذه التدابير سوى تأثير ضئيل على المدى القصير".
أزمة صناعة الأسمدة
وفيما يخص أزمة "صناعة الأسمدة" خاصة وأن روسيا تنتج وحدها ما بين 30-50% منها، أكد الممثل الإقليمي "غالباً ما يساء تقدير تأثير أسعار الأسمدة وأزمة الإمدادات بسبب تركيز الاهتمام على القمح والحبوب، لقد شهدت أسعار الأسمدة عدة ارتفاعات خلال السنوات الماضية بسبب مشاكل الإمداد في البحر الأسود، وربما لم يتم بعد تقييم التأثير الحقيقي لأزمة الأسمدة، لأن نقص إمدادات الغاز إلى أوروبا سيطلق موجة أخرى من نقص إمدادات الأسمدة وارتفاع الأسعار".
وأكمل "ونظراً إلى أن الأسمدة هي من أهم مدخلات الإنتاج الزراعي، فمن المؤكد أنه سيكون لها تأثير على البلدان العربية، لا سيما المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، وفي حين أن مصر وبلدان أخرى في معزل عن هذا النقص (بسبب الإنتاج المحلي)، إلا أن المنطقة لا تزال تواجه خطراً كبيراً يتمثل في خسارة الإنتاج بسبب تلك الأزمة".
أزمة الإمدادات
وأشار المسئول الأممي إلى أنّ "أزمة تعطل سلاسل الإمدادات بسبب الحرب الروسية- الأوكرانية من الصعب إدارتها على المدى القصير، لأن ثُلث الصادرات العالمية من الحبوب تأتي من روسيا وأوكرانيا".
وأضاف "رغم أن الاتفاق الذي توسطت به الأمم المتحدة وتركيا مؤخراً يبعث على الارتياح، إلا أنه غير ثابت، وسيؤدي الانخفاض المتوقع (حوالى 50% بحسب بعض التقديرات) في إنتاج الحبوب للموسم المقبل في أوكرانيا، إلى جانب الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والظواهر الجوية المتطرفة في مختلف أنحاء العالم، إلى الإبقاء على سلاسل الإمداد والأسواق في وضع حرج لبعض الوقت مستقبلاً".