"شُح العسل".. نحل ديالى يتضور جوعا والنحّالة رحّالة (صور)
شفق نيوز/ زادت خلال السنوات الماضية مزارع تربية النحل في العديد من المحافظات العراقية، والتي خلقت فرص عمل للكثير من الشباب، تلك المهنة التي لا تحتاج الى رأس مال كبير بقدر الخبرة والاهتمام في هذا المجال.
وبحسب تقديرات وزارة الزراعة فإن هناك ما يزيد عن خمسة آلاف حقل لتربية النحل في عموم العراق، وأن غالبيتها قد عملت على رفد الاسواق المحلية بأنواع مختلفة من العسل.
ووفقا للإحصائيات الرسمية فإن محافظة ديالى هي في صدارة المحافظات الثلاث الاولى من حيث عدد مزارع النحل والانتاج وتأتي وبعدها نينوى وبغداد وإقليم كوردستان شمال العراق.
وأسست أول جمعية نموذجية للنحالين على مستوى العراق في ديالى عام 1973 وكان عدد أعضائها يبلغ 191.
وعلى الرغم من وفرة إنتاج العسل طيلة السنوات الماضية، غير أن الفترة الأخيرة في ديالى شهدت تراجعا في إنتاج العسل لأسباب في مقدمتها تراجع الغطاء النباتي والتغير المناخي وهو ما أدى الى انحسار المراعي الطبيعية للنحل.
ويقول علوان عبد الرزاق المياحي رئيس الجمعية النموذجية للنحالين العراقيين لوكالة شفق نيوز، إن "كمية هذا العام لم تبلغ نصف ما حققته محافظة ديالى مما كانت تحققه في كل عام قبل 3 سنوات".
ويضيف المياحي؛ أن "كمية انتاج العسل في ديالى منذ بداية العام والى الان تقدر بـ50 طنا فقط وهذا يعني حتى مع انتهاء العام لانتوقع ان يبلغ او يتجاوز 100 طن، بعكس السنوات الماضية التي حققت من 150 الى 200 طن سنويا".
ويوضح أن "أهم الأسباب التي أدت إلى تراجع الإنتاج، هي التأثير المناخي الذي جلب الأمطار في وقت متأخر وهذا أثر بشكل كبير على الازهار و أشجار الكالبتوس، فضلا عن تراجع الغطاء النباتي والمساحات الخضراء خلال السنوات الماضية.
ويشير رئيس الجمعية النموذجية للنحالين الى أن "المعوقات التي تواجه مربي النحل هي عدم توفير غطاء نباتي يوفر للنحل بيئة جاذبة ومنتجة للنحل، ناهيك عن عدم وجود زراعة كافية لزهرة عباد الشمس وهناك بعض الأمراض التي تصيب الأشجار وحالات الجفاف التي تعاني منها البلاد".
أما حسن التميمي وهو احد مربي النحل في بعقوبة يبين خلال حديثه لوكالة شفق نيوز أن "هذه المهنة ورثها من أبا عن جد وأصبح يتقن تربية النحل والعمل على نقل خلايا النحل من مكان إلى آخر ومن فصل الى اخر، حيث يتم نقل تلك الصناديق المقفلة الى مناطق الشمال أو في بادية ربيعة غرب محافظة نينوى لمدة شهرين او ثلاث، ومن ثم يأتي بها ثانية الى ديالى، وهذا عرف متيع عند الكثير من المربيين الذين يبحثون عن جودة ونوع العسل المستخرج من تلك الخلايا".
وتعد بلدة ربيعة في محافظة نينوى الاكثر رغبة لدى مربي النحل لنقل خلاياهم اليها ، لما تحمل تلك المنطقة من صفات بيئية ناجعة ، فضلا عن المناخ المعتدل".
ويلفت التميمي إلى أن "عدد النّحالين حاليا في تناقص بعد أن شهد زيادة عددية قبل خمس سنوات، وهذا يأتي لعدم وجود دعم خاص لمربي النحل من قبل وزارة الزراعة من حيث توفير اللقاحات المناسبة او اعطاء قروض ميسرة".
بدوره؛ يؤكد ابو محمد القيسي وهو أحد مربي النحل وهو من ناحية بهرز ولديه 150 خلية نحل في وضعها في بستانه على ضفاف نهر ديالى أن "سنوات التصحر قد أثرت على هذه المهنة بشكل كبير لعدم وجود غطاءً كافيا من النباتات أو الاشجار، ولدينا احد الغابات في ناحية كنعان 25 كم شرق بعقوبة يوجد فيها أكثر من 6500 دونم زراعي لكنها مهملة من قبل القطاعات ذات الشأن، وهذه بأمكانها لو استثمرت بشكل صحيح لجعلت من المحافظة جاذبة لمربي النحل وكافية لنقل الخلايا التي ستكون أقرب مما لو ذهبنا بها الى شمال العراق".
وأضاف في حديثه لوكالة شفق نيوز أن "إنتاج العسل في العراق بات لايغطي نصف حاجة السوق وفق تقديراتنا على الرغم من أن السنوات الماضية كان الإنتاج وفيرا وهذا تسبب بانخفاض إقبال مربي النحل على توسعة مزارعهم".
ويباع العسل العراقي في الاسواق المحلية بأسعار تتراوح بين 25 الف دينار و 60 الف دينار فيما يتفوق العسل الجبلي على الأنواع الباقية وهو بسعر يصل الى 100 الف دينار عراقي للعلبة الواحدة.
وفي السياق، قال ابورامي السلطاني وهو أحد بائعي لوازم مزارع النحل والعسل في ديالى إن" بعض أصناف العسل تكون رخيصة نسبة لنوع الغذاء الذي يتلقاه النحل، فعسل البرسيم والكالبتوس هو الارخص ويتراوح سعره بين 25 الى 35 الف دينار للكيلو الواحد، بينما يكون سعر عسل القداح وهو من الأنواع المرغوبة ولونه مائل للأشقر فيصل سعره الى 60 الف دينار حسب نقاءه وجودته، لكن النوع الجبلي يعتبر نادر وقليل، لذلك يلجأ اغلب مربي النحل بأخذ خلايا النحل الى شمال العراق حيث الجبال ليتغذى ويخرج هذا النوع من العسل الذي يصل سعره في بعض الاحيان الى اكثر من 100 الف دينار عراقي.
ودعا السلطاني الحكومة ووزارة الزراعة الى "ضرورة الاهتمام بقطاع تربية النحل وإنتاج العسل من حيث الاهتمام بالمزارع وتوفير اللقاحات والمستلزمات بأسعار مدعومة باعتباره انتاجا وطنيا ذو أرباح جيدة".
وتعتزم وزارة الزراعة إقامة المهرجان الأول لإنتاج العراق، إذ يضم العراق أكثر من 190 ألف خلية، كما يبلغ عدد النحالين بحسب الوزارة 6 آلاف نحال.
وبلغت كمية إنتاج العسل خلال العام الماضي في العراق قرابة 850 طنا بأنواع مختلفة وفي محافظات عدة.