المخدرات في العراق: إقبال على طلب الشفاء و"الانتكاسات واردة"
شفق نيوز/ يزداد إقبال المُدمنين لغرض العلاج والتعافي من تعاطي المواد المخدرة في العاصمة بغداد، بحسب مختصين، ما تعد بادرة جيدة تبعث على التفاؤل للتخلص من هذه العادة الخطيرة، لكن في الوقت نفسه لا تلبي تلك النسب مستوى الطموح، حيث أن الانتكاسات واردة بنحو كبير، بسبب الظروف المحيطة بالشخص المُتعافي.
وتشير آخر إحصائية إلى "نسب جيدة وفي تزايد" للمقبلين على مستشفى ابن رشد في بغداد للعلاج من الإدمان، بناءً على عدد المراجعين إلى العيادة الاستشارية، وكذلك نسبة الراقدين في الردهات، وتتراوح أعمارهم ما بين 20 إلى 40 عاماً، وفق مدير مستشفى ابن رشد، د.عدنان ياسين محمد، مؤكداً أنها تُعدّ "بادرة جيدة تبعث على التفاؤل".
ويضيف محمد لوكالة شفق نيوز، "رغم ارتفاع أعداد المتعافين ووصولها إلى مستوى مقبول، إلا أنها لا تلبي الطموح، لأن الانتكاسات واردة بنسب كبيرة، بسبب الظروف العامة المُحيطة بالشخص المُتعافي، لذلك يجري التعاون مع وزارة العمل لغرض تشغيل المتعافين وتعليمهم مهناً يستفيدون منها في حياتهم".
وينبه مختصون إلى أن ثقافة معالجة المتعاطين تغيب بدرجة ملحوظة في المجتمع العراقي، رغم أن "التعاطي حاله كحال أي مرض يمر به الإنسان، إلا أنه يُعدّ من الأمراض المُستعصية، لذلك ينبغي على عائلة المتعاطي التكاتف لعلاج فردها المدمن ودعمه طيلة مرحلة علاجه، كما هو الحال في أمراض السرطان وغيرها"، وفق الباحثة الاجتماعية زينة الصباغ.
وتوضح لوكالة شفق نيوز، أن "التعاطي حالة مرضية يلجأ إليها الإنسان في الغالب عندما يكون في حالة ضعف، وأول خطوة بالعلاج هي الاعتراف بأن المُدمن مريض أكثر من كونه مُذنباً، ومعالجة السبب الأساسي وراء تناول المخدرات، واللجوء إلى الجهات المعتمدة والرسمية في علاج المُدمنين".
طرق العلاج
تبدأ مرحلة العلاج من الإدمان بوجود شخص يساعد المتعاطي ويرافقه طيلة مرحلة علاجه، ويذكره دائماً بأهميته لعائلته واصدقائه، ويعامله على أنه مريض نفسياً وضحية، وليس مجرماً يجب معاقبته، بحسب الخبيرة الجنائية، د.زينب البيروتي.
وتوضح لوكالة شفق نيوز، أن "كل مادة مخدرة لها طريقة علاج تختلف عن الأخرى، وتتراوح فترة سحب المواد المخدرة من الجسم من أسبوعين إلى 45 يوماً، إلا أنها لا تخرج من عقل المُتعافي، وهنا يكمن الخطر".
ويعني ذلك، أن المُدمن عند تعرضه لمشكلة أو العودة إلى رفقاء السوء، فأنه سيعود إلى الإدمان بسهولة وأشدّ من المرة الأولى، لذلك أهم خطوة في العلاج هي إخراج المخدرات من عقل المُدمن وليس من جسمه فقط، وفق البيروتي.
وتبدأ مرحلة العلاج بسحب السموم "ديتوكس" - مصطلح "حمية إزالة السموم" - من خلال شرب المياه والسوائل بكثرة، لأن الشخص المُدمن تكون صحة كليته وكبده العضوان المسؤولان عن طرح السموم متعبين، ويكون ذلك بالتزامن مع تقليل المادة المخدرة للمُدمن.
وتضيف البيروتي، "بعدها تبدأ مرحلة العلاج المعرفي السلوكي، ثم العلاج السلوكي الجدلي، وذلك من خلال النقاش مع مدمنين آخرين، وهذا ما يجري في مراكز علاج الإدمان، حيث هناك مستشفيات العطاء وابن رشد وابن القف لعلاج الادمان في بغداد".
وتتابع، "ثم ينتقل المُدمن إلى العلاج السلوكي الانفعالي العقلاني، المتمثل بردود فعل المُدمن للعلاج، وتُعقد مقابلات دورية بين المُدمن والطبيب تسمى بـ(التحفيزية)، التي لها دور رئيسي في العلاج، وكذلك اعطائه مواد طبية قريبة من المادة المُدمن عليها".
وتشير إلى أن "هناك علاج النارنون، وهذا يتمثل بتحريك مشاعر الشخص تجاه عائلته ومحبيه، وهناك علاج التحفيز بالإبر الصينية لتحفيز الجهاز العصبي المركزي".
ويعاني مُدمن المخدرات من ضعف الجسم والمناعة والأعصاب، وبالتالي يكون مُعرضاً للأمراض، لذلك ينبغي اعطائه فيتامينات (دي، ودي 3، وبي 12)، وإبر النيوروبيون المقوّية للأعصاب، بالاضافة إلى عشبة الدارسين التي تعد أفضل عشب مقوي للأعصاب، ليعود الجهاز العصبي المركزي للمُدمن للعمل مرة ثانية، بحسب البيروتي.
وعن مراحل الفترات العلاجية، تبين أنها تتضمن "فترة التغيير، وفترة الحرمان، والفترة الانسحابية من المواد المخدرة، وفترة الحماس التي تستغرق من شهر إلى 3 أشهر، وفترة الملل من 3 إلى 6 أشهر، وآخر فترة هي فترة بدء الحياة الجديدة، من 6 إلى 9 أشهر، أو إلى 12 شهراً".
قانون المخدرات
"يعاقب قانون المخدرات 68 لسنة 1965 بالسجن 15 سنة على تعاطي المخدرات، في وقت لم تكن المخدرات بهذا الشكل المريع والمخيف بحيث يُحال المتعاطي إلى الجنايات"، وفق الخبير القانوني، علي التميمي.
ويضيف لوكالة شفق نيوز، "جاء القانون الجديد للمخدرات 50 لسنة 2017 في المادة 32 منه لينزل بالعقوبة بالنسبة لتعاطي المخدرات إلى جعلها جنحة عقوبتها من الحبس سنة واحدة إلى سنتين، وغرامة مالية تصل إلى 10 ملايين دينار فقط، وهي عقوبة هزيلة لا تناسب كون العراق سوقاً للتعاطي وليس مصدراً أو منتجاً للمخدرات".
ويشير التميمي إلى أن "أهداف العقوبة الجنائية الردع وتحقيق العدالة الاجتماعية والنزول بالعقوبة كان غير موفق في تشريع هذا القانون المهم، وتعاطي المخدرات ازداد في مقاهي الأرجيلة والملاهي كما أعلن إعلامياً".