"ماستي قەڵاتێ".. يوم العطاء الكاكائي في حلبجة تجسيد لقيم المحبة والتكافل الاجتماعي (صور)

شفق نيوز/ في قرى هاوار، وهاوار القديمة،
ودرتوية بمحافظة حلبجة في إقليم كوردستان، وعلى امتداد ربيع كل عام، يحيي أتباع
الديانة الكاكائية مناسبة "ماستي قەڵاتێ"، أو ما يُعرف بيوم العطاء
الكاكائي.
هذا التقليد المتجذر في التاريخ المحلي يتجاوز
كونه طقساً دينياً، ليصبح مناسبة اجتماعية تعكس أسمى قيم العطاء والتآخي بين أبناء
المجتمع.
جذور تاريخية وروح متجددة
ويقول المواطن دشتي أحمد، لمراسل وكالة شفق
نيوز "تعود جذور هذا التقليد إلى عصور قديمة، حيث كان الأهالي يقدمون منتجات
حيواناتهم، خاصة الألبان، إلى المحتاجين والزائرين إلى الأماكن المقدسة في قرية
هاوار، وبمرور الزمن، أصبح لهذا اليوم طابع ديني واجتماعي مميز، يُحيي عبره
الكاكائيون معاني المحبة والتسامح، ويؤكدون على وحدة المجتمع رغم كل
التحديات".
أجواء روحانية
ومع نهاية شهر نيسان/ أبريل، تبدأ الاستعدادات
مبكراً. إذ تقوم العائلات بجمع منتجاتها من الحليب ومشتقاته وتقديمها للمحتاجين
والزوار، في مشهد يعكس كرم الضيافة، وتقام عروض موسيقية دينية، تُعزف فيها آلة
الطنبور الكاكائية الشهيرة، التي تحمل دلالات روحانية عميقة في الطقوس الدينية
الكاكائية.
ويقول عاصي صالح فائق، أحد المشرفين على تنظيم
الفعاليات، لوكالة شفق نيوز "يوم العطاء هو مناسبة لتأكيد وحدتنا، نريد أن
نُظهر للعالم أن العطاء والمحبة ليسا مجرد شعارات لدينا، بل هما أسلوب حياة متجذر
في معتقداتنا. نؤمن أن المجتمع الذي يُعطي بلا مقابل هو مجتمع قادر على الصمود
أمام كل التحديات".
التعايش والسلم الاجتماعي
رستم كاكائي، والذي شارك في الفعاليات، أوضح في
حديثه لمراسلنا، أن "هذا اليوم يبعث برسائل تتجاوز حدود المجتمع الكاكائي
و(ماستي قەڵاتێ) ليس فقط للكاكائيين، بل رسالة مفتوحة للجميع بأن التعايش والسلام
يبدأ من تفاصيل صغيرة كالعطاء والمشاركة، نُعلم أبناءنا أن الحب والتسامح لا حدود
لهما".
كما أشار إلى أن الطقوس تبدأ عادةً بزيارة مقام
"هاوار"، حيث يتجمع الكاكائيون لتلاوة الأدعية والابتهالات الخاصة، ثم
ينتقلون إلى توزيع منتجاتهم الغذائية على كل من يحتاجها دون تمييز.
دور المرأة الكاكائية
النساء الكاكائيات أيضاً لهن دور رئيسي في هذا
اليوم. تقول الناشطة الاجتماعية شكرية هاوارى، في تصريح لوكالة شفق نيوز "نحن
كنساء نُعدّ الأطعمة، نجمع اللبن، ونوزعه، المشاركة النسوية هنا ليست مساعدة فقط،
بل هي ركيزة أساسية لهذا التقليد. نعلّم أطفالنا كيف يكون العطاء جزءًا من
كيانهم".
التحديات والآمال
ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها
مناطق عدة في كوردستان، أصر الكاكائيون على استمرار إحياء هذه المناسبة، ويقول
الشاب هيمن درتويي، أحد المشاركين في الفعاليات "حتى لو كانت أوضاعنا صعبة،
فإن العطاء لا يتوقف. هذا اليوم يُذكرنا أن السعادة ليست في الأخذ بل في
العطاء".
رسالة تتجدد كل عام
ويؤكد هيمن أن يوم "ماستي قەڵاتێ"
بات أكثر من مجرد تقليد ديني؛ أصبح رمزاً لصمود الهوية الكاكائية، ومناسبة يجدد
فيها المجتمع التزامه بالمحبة والكرم وقيم التعايش السلمي، في وقت تشتد فيه الحاجة
إلى مثل هذه الرسائل الإنسانية.