إصلاحات وتعامل على طريقة الـ(ستالايت) والقرار لخامنئي.. مسؤولون ايرانيون يقرون بـ"اخطاء" تجاه الحجاب
شفق نيوز /بعد شهرين من الاحتجاجات المستمرة في ايران ، اقر مسؤولون كبار من المحافظين بوقوع "أخطاء" واقترحوا اصلاحات بشأن ملابس النساء، فيما يؤكد صحفيون ايرانيون ان "القرار الأخير" بيد المرشد الاعلى علي خامنئي فقط.
بحسب جماعات حقوقية، قُتل أكثر من 300 شخص في الاحتجاجات منذ وفاة الناشطة الإيرانية مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاماً، في حجز الشرطة بعد اعتقالها بسبب حجابها.
"لن نرتدي الحجاب بعد الآن"
وبحسب ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني في تقرير صحفي، "يمكن رؤية الكثير من الشابات في شوارع طهران دون حجاب. يرتديه بعضهن، لكنهن يضعنه فقط على أكتافهن".
لا تزال هذه الظاهرة تثير الدهشة، ولكن يوماً بعد يوم يتحول مشهد النساء بلا حجاب إلى حالة طبيعية جديدة، مع إبقاء الشرطة على مسافة ملحوظة.
وقالت فهيمة، وهي في العشرينات من عمرها، لموقع Middle East Eye البريطاني: "جيلنا لن يرتدي الحجاب بعد الآن ما لم نصل إلى مرحلة الإيمان به، سواء أحببت الحكومة ذلك أم لا. لن ندعهم يأخذون منا هذه الحرية".
وأضافت فهيمة، التي ترتدي الآن حجابها على كتفيها في الأماكن العامة: "هذه الحرية هي نتيجة تضحيات العديد من جيلي الذين نزلوا إلى الشوارع وقتلوا. لذلك سنعتز بها ونحميها دائماً".
قصة قانون أطباق الأقمار الصناعية
واقترح علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي ورئيس البرلمان المعتدل السابق، أن تطبيق الحجاب يمكن أن يجري في المسار الذي تعاملت به السلطة مع أطباق الأقمار الصناعية.
فقبل ثلاثين عاماً، اقتحمت الشرطة الإيرانية منازل الناس لإزالة أطباق الأقمار الصناعية التي تبث القنوات الفارسية غير المصرح بها على أجهزة التلفزيون الخاصة بهم، والتي حظرها البرلمان. ولكن بعد عقدين من الاقتحام المستمر، أصبح من الممكن رؤية المزيد والمزيد من الأطباق على الأسطح الإيرانية.
في النهاية، استسلمت السلطات ببساطة، وغضت الطرف عن أطباق الأقمار الصناعية دون إلغاء القانون لها فعلياً.
قال لاريجاني الشهر الماضي: "في ما يتعلق بقانون الحجاب، يجب أن نتصرف مثل قانون حظر أطباق الأقمار الصناعية".
في غضون ذلك، قال عزت الله زرغامي، وهو شخصية محافظة ووزير السياحة، لمجموعة من الطلاب: "اليوم، تسير فتياتنا وطالباتنا الصغار في الشارع دون الحجاب. وماذا في ذلك؟ هل قلة الحجاب دمرت الثورة والنظام؟"، مبينا أن "الإصلاح مطلوب ويجب أن نمر به الآن".
هل يؤدي التساهل بقانون الحجاب لانهيار النظام؟
بعض المعارضين للجمهورية الإسلامية، وحتى من داخلها، تكهنوا بأن التراجع عن اللوائح الإيرانية الصارمة بشأن لباس المرأة يمكن أن يبدأ في تفكيك النظام الحاكم الإيراني.
مع ذلك، أصر زرغامي، الذي يُعتبر شخصية مؤثرة في المؤسسة، على أن التراجع لن يؤدي إلى تدمير الجمهورية الإسلامية.
وقال في إشارة إلى الهيئة المحافظة التي تفحص المرشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية: "هناك ثلاث مجموعات من الخصوم (ضد الإصلاحات): بعضهم لا يفهمونها على الإطلاق، وبعضهم ينتفع من الوضع الراهن، وبعضهم يرغب في اكتساب مصداقية من مجلس صيانة الدستور".
ليس زرغامي هو الصوت المحافظ الوحيد الذي يحث على التغيير. تحدث رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف عن الحاجة إلى الإصلاح -وكذلك إنهاء الاحتجاجات. ومن جهته، قال النائب المحافظ جلال الرشيدي الكوشي إن قراراً بإجراء بعض الإصلاحات في النظام السياسي قد اتُّخِذَ، "لكن الوضع ملتهب وننتظر تهدئة الأجواء لاتخاذ هذه الإجراءات". وأقرَّ قائلاً: "لا بد أننا ارتكبنا أخطاء".
القرار بيد خامنئي وحده
هذه كلمات مطمئنة للعديد من الإيرانيين الذين يسعون إلى حياة أفضل للمرأة ووضع حد للإجراءات الوحشية التي يعيشون في ظلها. لكن هل يمكن الوثوق بهم؟
قال صحفي سياسي في صحيفة مقرها طهران لموقع Middle East Eye، شريطة عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية: "لست متأكداً إلى أي مدى يقول المحافظون الحقيقة أم أن هذه مجرد حيلة لتهدئة الوضع".
وأضاف: "زرغامي أو قاليباف من بين المعتدلين من المتشددين الحاليين في السلطة، لكن ليس لديهما السلطة لإجراء تغييرات إيجابية. لاريجاني خارج السلطة أيضاً، حتى إنه مُنع من السباق الرئاسي".
وقال الصحفي إنه في النهاية سيكون قرار خامنئي وحده: "ولكن سيكون من الرائع أن يستمروا في السماح للشابات بالخروج دون ارتداء الحجاب. هذه خطوة جيدة جداً. ستصبح الأمور أوضح في الأسابيع القليلة المقبلة".
من جانبه، قال مسؤول سابق في مؤسسة محافظة لموقع Middle East Eye إن هذه التصريحات الأخيرة تشير إلى "وجود مناقشات جارية في بعض الدوائر المهمة".
المسؤول أضاف: "لكن بالنسبة لي، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان بإمكانهم التغلب على معارضة المحافظين المتطرفين الأقوى في المؤسسة".
وأضاف: "لقد وصلت المؤسسة إلى نقطة تحول. عليهم أن يقرروا ما إذا كانوا سيفرضون نسختهم من الشريعة بشكل كامل أو الخضوع لمطالب المجتمع، على الأقل إلى حد ما، مثلما لا تطلب قوات الشرطة الآن من الشابات تغطية شعورهن".