واقعية الصيف توقظ العراقيين من حلم الكهرباء الدائمة
شفق نيوز/ يبدو أن "حلم" المواطن العراقي بتوفير كهرباء مستمرة في فصل الصيف بات ضرباً من ضروب الخيال حتى مع تعهدات الوزارة بذلك في ظل الواقع الحالي لمنظومة الكهرباء وانقطاعها في الفصل الأكثر سخونة عراقياً على مستوى العالم.
إذ يشكو مواطنون في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات من وصول ساعات الانقطاع الى نحو 18 ساعة وأكثر في بعض المناطق منذ عدة أيام، مطالبين الحكومة بضرورة ايجاد الحلول المناسبة لهذه الازمة التي يعاني منها البلد على مدى سنوات.
مواطنون: فقدنا الأمل والتعهدات "هواء في شبك"
ويقول المواطن حسنين عارف في حديث لوكالة شفق نيوز إن "أغلب مناطق بغداد تعاني من انقطاع الكهرباء الوطنية"، مبينا ان "التجهيز لا يتعدى 6 ساعات في اليوم الواحد".
وتساءل عارف اين هي "المحطات الانتاجية التي تم تشييدها خلال السنوات الماضية واين ذهبت الأموال التي تم صرفها على الكهرباء طوال هذه السنوات من دون حل لمشكلة الكهرباء"، مستغرباً "استيراد العراق الكهرباء من دول الجوار لغاية اليوم في ظل التخصيصات التي تم صرفها بالمليارات الدولارات على المنظومة الكهربائية".
بدوره يقول المواطن محمد جواد في حديث لوكالة شفق نيوز إن "الحكومة باتت عاجزة عن إيجاد حل لمشكلة الكهرباء المزمنة"، لافتا الى ان "تعهدات الحكومة ووزارة الكهرباء بأن يكون الصيف الافضل هو هواء في شبك".
واضاف ان "العراق صرف مليارات الدولارات على الكهرباء طيلة هذه السنين من دون جدوى"، مؤكداً أن "الأموال ذهبت الى جيوب الفاسدين وليس لأعمار منظومة الكهرباء".
الخلل في ثلاث "التوزيع والنقل والوقود"
ويقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث لوكالة شفق نيوز إن "تجهيز الكهرباء يرتبط بـ3 عوامل أولها حجم سعة التوليد المتاحة وتأمين الوقود اللازم لها، والثاني هو كفاءة شبكة النقل والتوزيع وتقليل التجاوزات عليها، والثالث الصيانة الكفوءة لوحدات التوليد قبل موسم الذروة".
ويضيف محمد علي ان هناك "خللاً في عنصرين منها الأول عدم كفاءة شبكة التوزيع والنقل بسبب التجاوزات والاختناقات، والثاني في تامين الوقود الكافي لتشغيل المحطات التي تعمل اغلبها بالدورة البسيطة وهو هدر للوقود وزيادة في الانبعاثات الكربونية".
وتابع أن "المعالجات المطلوبة هي بإكمال دورة المحطات للدورة الكاملة وتسريع استثمار الغاز الحر والمصاحب لتامين غازي الميثان والايثان اللذين يشكلان الغاز الجاف اللازم لتشغيل المحطات، اضافة الى التفكير في المستقبل المتوسط بمنح قروض وتسهيلات لشراء منظومات توليد بالطاقة الشمسية وان تبدأ هذه الخطوة في مؤسسات الدولة لتأمين طاقة نظيفة حتى لو كانت للإضاءة والاستخدامات غير التكييف فإنها ستحدث فارقاً في حجم الاستهلاك".
الربط مع دول الجوار حلول ترقيعية
الخبير الاقتصادي محمد الحسني يعتبر ان "الكهرباء في العراق لا يمكن حلها في المدى القريب في ظل التخبط والفساد الموجود لدى وزارة الكهرباء"، مؤكدا ان "ما تعمل عليه وزارة الكهرباء من ربط المنظومة بدول الجوار لا تحل مشكلة الكهرباء اطلاقا في العراق وهي حلول ترقيعية".
وتابع في حديث لوكالة شفق نيوز أن "الحل الامثل لمعضلة الكهرباء في العراق هو تشكيل لجنة مختصة من مجلس الوزراء بالتعاون مع وزارة الكهرباء واحالة هذا الملف على كبريات الشركات العالمية من سيمنس الالمانية او جنرال الامريكية"، مستدركا ان "العراق سيبقى يعاني من هذه المشكلة طالما يفتقر للوقود اللازم لتشغيل محطاته الكهربائية ".
ويعتمد العراق بشكل كبير على واردات الغاز الإيراني لتغذية شبكة الكهرباء، إذ تولد البلاد نحو 14 ألف ميغاواط من الشبكة المحلية، إلى جانب ما يقارب من أربعة آلاف ميغاواط إضافية عن طريق استيراد الغاز والطاقة.
ويجري العراق مباحثات مع دول خليجية وعلى رأسها السعودية لاستيراد الكهرباء منها عبر ربط منظمتها مع منظومة الخليج، بعد أن كان يعتمد على إيران لوحدها خلال السنوات الماضية عبر استيراد 1200 ميغاواط وكذلك وقود الغاز لتغذية محطات الطاقة الكهربائية المحلية.
كما يعتزم العراق استيراد الكهرباء من الأردن وتركيا، في مسعى من بغداد لسد النقص لحين بناء محطات طاقة تكون قادرة على تلبية الاستهلاك المحلي.
وزير الكهرباء: نعاني من عجز
واعترف وزير الكهرباء زياد علي فاضل "بوجود عجز كبير يفوق خمسين في المئة من إجمالي إنتاج المحطات حالياً".
وكشف فاضل عن أن إجمالي العجز في البلاد يصل إلى نحو ثلاثة عشر ألف ميغاواط"، مؤكداً على "وجود العديد من التحديات التي تواجه القطاع فضلًا عن أزمات النفط وشبكات التوزيع التي لا تغطي جميع المحافظات".
ويعاني العراق من أزمة نقص كهرباء مزمنة منذ عقود جراء الحصار والحروب المتتالي، ويتظاهر السكان منذ سنوات طويلة على الانقطاع المتكرر للكهرباء وخاصة في فصل الصيف، إذا تصل درجات الحرارة أحياناً إلى 50 مئوية.