نصيحة ايطالية: لا تتركوا نينوى التاريخية لمكبات النفايات
شفق نيوز/ حذر الباحث الايطالي "ستيفانو كامبانا"، من ان منطقة نينوى التاريخية في العراق قد تتحول الى "مكب للنفايات" ما لم يتم وضع خطط لترميمها بعدما قام تنظيم "داعش" بتدمير آثارها عمدا وهي جرائم رصدتها صور الاقمار الصناعية والطائرات المسيرة بينما كانت تحدث.
وقال الباحث الايطالي في تقرير نشره موقع "ذا برينت"، وترجمته وكالة شفق نيوز، إن التدمير للمواقع الاثرية حصل عمدا، وان نينوى التي كانت ذات يوم اكبر مدينة في العالم، يمكن ان تتحول الى مكب للنفايات ما لم يتم وضع خطة لترميمها واعادة اعمارها.
وتابع الباحث الايطالي، وهو من جامعة سيينا الايطالية، قائلا ان "داعش الحق اضرارا جسيمة بالمواقع الاثرية في نينوى، وهو ما يظهر على خريطة طبوغرافية جديدة استندت على بيانات الاقمار الصناعية والطائرات المسيرة".
وبعدما وصف نينوى بانها اصحبت خلال العصر الحديث، مكانا للتعايش المشترك، اشار الى انه بعد اعادة سيطرة الحكومة عليها، فانه توجد هناك "فرصة لمنع تحول نينوى الى مكب نفايات ملوث ووقف ابتلاع مدينة الموصل الاخذة في التوسع، لها".
واوضح الباحث انه بعد فترة قصيرة من احتلال داعش لمناطق في شمال العراق، "بدأ فريق عراقي – ايطالي، بتسجيل وتقييم الدمار الذي خلفه داعش باستخدام الاستشعار عن بعد عبر الاقمار الصناعية"، مشيرا الى ان فريق الباحثين اكتشف ان مساحة كبيرة تقدر بعشرات الكليومترات، قد جرى تخريبها بعمليات البناء وجمع القمامة التي قام بها التنظيم.
واشار التقرير الايطالي إلى أن المرحلة الاولى من المبادرة خلصت الى وضع قاعدة للبيانات الجغرافية لمواقع التراث الاثري والثقافي في المحافظات العراقية الخمس التي خضعت كليا او جزئيا لسيطرة داعش".
وأوضح أن الفريق العراقي -الايطالي، قام بعمليات تقييم وتحديد للأضرار في مناطق مختارة من خلال مطابقة وتحليل صور عالية الدقة، من الاقمار الصناعية، والتي جرى التقاطها قبل احتلال داعش لها، وبعده، مضيفاً أن صور الاقمار الصناعية شملت نحو 1380 كيلومترا مربعا، حيث تم التوصل الى اعداد خرائط ل 997 منطقة تمثل اهمية اثرية خاصة.
وتابع التقرير ان البيانات التي تم جمعها عن بعد وغيرها من نظم المعلومات الجغرافية وسجلات الموقع، جرى تحوليها الى "خريطة اثرية عراقية" محدثة تنفذها هيئة الاثار والتراث العراقية.
ومما اظهرته عمليات المسح التي تمت، تراجع عدد المواقع التي يبدو انها تعرضت للنهب لسرقة الاثار وتهريبها، وهو ما يعكس نتائج عمليات التقييم الاخرى التي طالت مناطق شمال العراق بشكل عام، مضيفاً أن الخراب الاسوأ الذي جرى بدوافع العمليات الداعائية من جانب داعش، تركز في المناطق الحضرية، وان الموصل كانت من بين المناطق المستهدفة بشكل رئيسي.
ولفت التقرير الى ان نينوى تلقت اهتماماً اقل من غيرها، وهي الان محاطة بالموصل، واصبحت مندمجة في نسيج المدينة الحديثة، ولهذا فانها تتعرض ضغط التنمية الحضرية على المنطقة الاثرية كبير.
وبحسب التقرير، فأن عمليات المقارنة والتدقيق اعتمدت على "صور بانكرومية" متعددة الاطياف القتطتها الاقمار الصناعية في 15 نوفمبر/تشرين الثاني العام 2013، اي قبل مرحلة بدء الاحتلال الداعشي، ثم في 29 اغسطس/آب وتشرين الثاني العام 2016.
واظهرت المقارنات الاضرار المتعمدة التي لحقت بنينوى في ظل احتلال داعش والي تضمنت تفجير المباني الدينية في اب/ اغسطس العام 2014 ، وعمليات تجريف وتشويه اجزاء من اسوار المدينة وبواباتها في العام 2015.
وتابع التقرير انه خلال عامين من احتلال داعش، ارتبط 4% من الاضطرابات في اراضي منطقة نينوى، بعمليات التخريب و 91 % بمخططات تتعلق بالاستيطان او البنية التحتية الجديدة.
ولفت الى انه من بين الاضرار المثيرة للانتباه تلك المتعلقة بـ"الصوامع تحت الارض"، حيث اظهرت عمليات الاستطلاع التي قامت بها طائرات مسيرة وتفتيش المواقع وشهادات المسؤولين الميدانيين، ان هناك خنادق ضخمة مستطيلة حفرها داعش واستخدمها لتخزين احتياطيات الحبوب والمواد الاخرى، وقد غطت هذه الخنادق مساحة اجمالية قدرها 1.2 هكتار، وفي بعض الاحيان كان عمقها يبلغ 8 امتار، مما الحق اضرارا غير قابلة للاصلاح، بالطبقات الاثرية.
وختم التقرير بالاشارة الى ان "خلافة لداعش" طبقت برنامجا ممنهجا للتخريب، كان هدفه الاول ازالة اماكن عبادة الاديان السماوية، وخاصة المساجد والاضرحة والمقابر الاسلامية، اما الهدف الثاني، فكان يتمثل بتدمير الفن والاثار في حقبات ما قبل الاسلام، بما في ذلك تحطيم التماثيل والتحف في متحف الموصل، وتدمير الاقنعة المجسمة في الحضر، وهدم الاثار في نينوى ومدينة نمرود الاشورية.
واكد التقرير الايطالي، ان "التراث الثقافي والاثار والعمارة ليست مجرد اموراً مادية، انما هي رموز للتاريخ البشري والعادات والهوية والتنوع"، مضيفاً أن نينوى تأثرت بنشاط التطور، وظاهرة التاكل قبل احتلال داعش، وهي عمليات استمرت بعد انتهاء الاحتلال.
كما أكد التقرير الايطالي أن خطة ترميم نينوى واستصلاحها ستبدأ سريعاً، بما في ذلك طمر الحفريات والخنادق العديدة المنتشرة حول الموقع، وهو ما سيتبعه برنامج على المدى الطويل، لترميم وصيانة الاثار والمعالم الثقافية المتبقية في المدينة، معتبرا أان بامكان نينوى ان تستعيد هويتها السابقة بالاضافة الى دعم سبل الحياة اليومية لمجتمعاتها المحلية التي عانت الكثير.