"نتحلى بالصبر".. موقف عراقي "غائب" بعد تنصيب الشرع رئيساً لسوريا

"نتحلى بالصبر".. موقف عراقي "غائب" بعد تنصيب الشرع رئيساً لسوريا أمير قطر هنأ الشرع في دمشق
2025-01-30 20:37

شفق نيوز/ يغيب الموقف العراقي الرسمي من التحول السياسي في سوريا، ورغم إعلان تنصيب أحمد الشرع، رئيساً للمرحلة الانتقالية، يرى مراقبون أن غياب الموقف سيستمر، لكن سيراقب العراق بعض المواقف الإقليمية والتصريحات الرسمية السورية تجاه العراق ليحدد بوصلته من هذا الوضع الجديد.

حيث لم يتفاعل العراق رسمياً إلى اللحظة مع إعلان الإدارة السورية الجديدة، أمس الأربعاء، تعيين الشرع رئيساً للبلاد في المرحلة الانتقالية، وذلك بعد أقل من شهرين على الإطاحة ببشار الأسد.

وأعلن الرئيس السوري، أحمد الشرع، يوم الخميس، في خطاب متلفز، بمناسبة تنصيبه رئيسا لسوريا، إن "سوريا تحررت من نظام مجرم"، مضيفا "أخاطبكم اليوم بصفتي رئيسا لسوريا في هذه الفترة المصيرية".

وأضاف: "سنستعيد هوية سوريا المفقودة وبناء الوطن مسؤوليتنا جميعا"، مؤكدا "سنصنع سوريا المستقبل".

وأوضح: "تسلمت مسؤولية البلاد بعد مشاورات مكثفة مع الخبراء القانونيين لضمان سير العملية السياسية".

كما اتخذت الإدارة سلسلة قرارات تشمل حلّ كل الفصائل المسلحة، إضافة الى الجيش والأجهزة الأمنية القائمة في العهد السابق، وإلغاء العمل بالدستور وحلّ مجلس الشعب وحزب البعث الذي حكم البلاد على مدى عقود.

والشرع برز أولاً تحت مسمى أبو محمد الجولاني، وبدأ طريقه مع تنظيم القاعدة في العراق، ثم انتقل لاحقا إلى سوريا وأسس "جبهة النصرة" فرعًا للقاعدة، عقب ذلك أعلن انشقاقه وفك ارتباطه عنها في يوليو/تموز 2016، وغيّر اسم تنظيمه إلى "جبهة فتح الشام"، وصار لاحقا يعرف بـ"هيئة تحرير الشام".

كان وصول "الجولاني" أولاً إلى العراق قبل بداية الغزو الأميركي عام 2003 بنحو أسبوعين، وسكن في الموصل فترة، وعمل مقاتلا مع تنظيم القاعدة تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي ثم خلفائه من بعده، قبل أن تقبض عليه الولايات المتحدة الأميركية، وتودعه سجن أبو غريب، ومن هناك نقلته إلى سجن بوكا، ومن ثم سجن كروبر في مطار بغداد.

سلمته أميركا لاحقا إلى الحكومة العراقية، التي وضعته في سجن التاجي، ومن هناك أطلق سراحه عام 2008، وكان مجموع فترة اعتقاله 5 سنين.

لاحقاً كشف اسمه الصريح أحمد الشرع وتم تعيينه أمينا عاما لـ"إدارة العمليات العسكرية" التي أطلقت معركة "ردع العدوان" في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، واستطاعت في أيام السيطرة على إدلب وحلب والتوغل في حماة وصولاً لإسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، وهو حليف رئيسي للنظام في العراق.

وكان العراق اتخذ سلسلة إجراءات أَمنية مشددة على الشريط الحدودي مع سوريا بطول 620 كيلو مترا، بعد إطاحة الأسد.

ونشر آلافا من قوات الجيش والشرطة وحرس الحدود، وأقام جدارا إسمنتيا وخندقا، ونصب أسلاكا شائكة وكاميرات حرارية لمراقبة الحدود، فضلا عن تحليق شبه متواصل للطيران العراقي.

تجنب العراق بشكل عام التعامل بشكل مباشر مع الإدارة السورية الجديدة بإدارة الشرع، كما أن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني أكد من جهته موقف العراق الرسمي بالحرص على وحدة الأراضي السورية والاستعداد لدعم عملية سياسية شاملة في سوريا دون التدخل بشؤونها.

واكتفت بغداد إلى الآن بإيفاد وفد رسمي برئاسة رئيس جهاز الاستخبارات العراقي حميد الشطري.

في هذا الإطار تقول حكومة دمشق الجديدة، إنها ترغب بعلاقات سلمية متوازنة مع جميع الدول بما فيها العراق "وبدء صفحة جديدة مع الجميع".

وفي هذا السياق، يقول الكاتب والباحث السوري، بسام سليمان، إن "حكومة دمشق الجديدة تريد علاقات سلمية متوازنة مع جميع الدول لكي تتفرغ لإعادة بناء سوريا، ورغم مشاركة فواعل عراقية بعد اندلاع الثورة السورية سلباً بالوقوف مع النظام السوري ضد الشعب، ومنها كانت ميليشيات عراقية، لكن اليوم وبعد سقوط النظام، هناك رغبة بتجاوز الماضي وبدء صفحة علاقات جديدة مع الجميع".

ويضيف سليمان لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومة السورية تريد تصفير المشاكل مع الجميع، فلا تريد خلق مشاكل مع أي أحد، وبالوقت نفسه لا تريد من أي أحد خلق مشاكل معها، لذلك نأمل أن يفتح العراق صفحة جديدة مع سوريا، لكي تعيش جميع شعوب المنطقة بأمان".

لكن عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي، مختار الموسوي، يرى أن "الموقف السوري لا يزال غير واضح، وتقييم الوضع السوري حالياً ليس بالسهل، بل يحتاج إلى وقت، في ظل سيطرة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) على ربع مساحة سوريا، وهناك معركة محتملة بينها وبين الحكومة السورية".

ويضيف الموسوي لوكالة شفق نيوز، "كما لم يتضح بعد توجه الجولاني هل هو ديني أم علماني؟، في حين هناك بعض التصريحات له ضد العراق، ويقول إن الحكومة العراقية فاشلة بسبب المحاصصة، لذلك العراق حالياً يتحلى بالبصر وبانتظار التصريحات الرسمية السورية تجاه العراق".

بدوره، يقول أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، ورئيس مركز "التفكير السياسي"، الدكتور إحسان الشمري، إن "الحكومة العراقية لم تتعامل مع الإدارة الانتقالية في سوريا رغم أنها كانت تحضى بما يسمى بـ(الشرعية الثورية) نتيجة عدة عوامل".

ويوضح الشمري تلك العوامل لوكالة شفق نيوز، أن "منها ما يرتبط بمواقف سابقة لحكومة السوداني وطاقمه الذين هاجموا الجولاني، وكذلك المخاوف من هيئة تحرير الشام، فضلاً عن ذلك، السوداني وحكومته لا تريد خسارة علاقاتها مع إيران، خاصة وأن الأخيرة على تقاطع تام مع هذه الإدارة الجديدة في سوريا".

ويضيف، أن "هذا الموقف العراقي سيستمر حتى ما بعد اختيار أحمد الشرع رئيساً مؤقتاً للجمهورية العربية السورية، لأن المخاوف لا تزال مستمرة، لكنها سترحب بما لا يقبل الشك باختيار أحمد الشرع وستدفع باتجاه استكمال متطلبات المرحلة الانتقالية ومشاركة جميع الطيف السياسي المجتمعي في سوريا، وبالتالي سيكون ترحيباً حذراً، وهذا له عوامل".

ويبين، أن "الحكومة العراقية تنظر إلى أن الشرع لم يأتِ من خلال انتخابات أو غيرها، بل هو جاء من طيف معين، لكن قد تكون مضطرة بالترحيب لأن السياق العام وتعاطي المجتمع الدولي هو لدعم عملية التحول في سوريا، لذلك العراق لن يقف بالضد، لكنه في الوقت نفسه لن ينفتح بشكل كامل على الوضع الجديد، سواء بانتخاب أحمد الشرع أو بالمرحلة الانتقالية لبقاء الهواجس".

ويشرح الشمري هذه الهواجس بالقول، إن "التنسيق الأمني بين البلدين غير محسوم لحد الآن، في ظل وجود لداعش في شمال شرق سوريا، وكذلك في كيفية تعامل الشرع مع (قسد) واحتمالية اندلاع اشتباكات بينها وبين الحكومة السورية الجديدة، وكذلك مسألة ضبط الحدود وغيرها، وهذا كله يؤثر على العراق، لذلك سيكون الموقف حذراً، وسينظر العراق إلى بعض المواقف الإقليمية ليحدد بوصلته".

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon