مهلة ترامب.. تكتيك يضع إيران أما مسارين "الثاني" خطر على العراق

مهلة ترامب.. تكتيك يضع إيران أما مسارين "الثاني" خطر على العراق
2025-06-21 19:56

شفق نيوز/ مع تواصل التصعيد بين إيران وإسرائيل، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مهلة أسبوعين لاتخاذ قرار بشأن التدخل المباشر لمهاجمة طهران، فيما يرى مراقبون أن الغاية من هذا التأجيل هو اعطاء مساحة للتفاوض، وفي الوقت نفسه الاستعداد للعمل العسكري، وسط حالة ترقب وانتظار عراقي لما ستؤول إليه الأحداث وانعكاساتها عليه والمنطقة عموماً.

ويأتي الموقف الأمريكي الحالي استمراراً لعقود من الصراع مع إيران، وازدادت حدته في عهد ترامب، خاصة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، ثم اتخاذ ترامب سياسة "الضغط الأقصى"، بفرض عقوبات اقتصادية شديدة على طهران، مهدداً باتخاذ إجراءات عسكرية إن لزم الأمر.

في هذا الصدد، قال كبير الباحثين في المجلس الأطلسي، ونائب مساعد وزير الأمن الداخلي الأميركي الأسبق، توماس واريك، إن مهلة ترامب تمثل "نافذة دبلوماسية أخيرة"، لكنها مدعومة بإجراءات عسكرية واضحة تؤكد جدية التهديد، مشيرًا إلى تحرك حاملة الطائرات "نيميتز" وقاذفات B2 نحو قواعد استراتيجية.

وأضاف واريك، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن ترامب "يريد منح فرصة حقيقية للدبلوماسية، مع إبقاء كل الخيارات على الطاولة"، محذرًا من أن إيران ستخسر برنامجها النووي إما باتفاق أو عبر ضربة عسكرية، وعليها أن تختار ما إذا كانت تريد شيئًا مقابل ذلك لشعبها".

"مهلة إيران"

منح ترامب مهلة لإيران، فهذا يعود بحسب المحلل السياسي، إيهاب الكيالي، إلى أن في عالم السياسة الدولية، تستخدم الدول الكبرى وسائل متعددة للضغط على خصومها دون اللجوء المباشر إلى الحرب. 

ومن بين هذه الوسائل "المهلة الزمنية"، فعندما أعطى ترامب "مهلة لإيران"، فإن المقصود بذلك أن على إيران اتخاذ خطوة معينة، وإلا فإن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات صارمة، وفق الكيالي. 

ورأى الكيالي، خلال حديثه للوكالة، أن ترامب استخدم أسلوب المهلة لإعطاء إيران فرصة للتراجع عن تخصيب اليورانيوم، ولإظهار القوة أمام الرأي العام الأمريكي والعالمي دون الدخول الفوري في الصراع، وكذلك لتهيئة الأجواء السياسية أو الإعلامية لأي خطوة مقبلة، سواء دبلوماسية أو عسكرية.

وعمّا سيحدث بعد انتهاء المهلة، رجح الكيالي، أن "إذا لم تستجب إيران للمطالب الأمريكية خلال المهلة، فقد تقوم الولايات المتحدة بعدة إجراءات، منها فرض عقوبات جديدة تزيد الضغط على الاقتصاد الإيراني، أو تحريك قوات عسكرية في المنطقة أو تنفيذ ضربات محدودة، أو تصعيد الخطاب السياسي والإعلامي لتحشيد الدعم الداخلي والدولي".

مشكلة "المهلة"

من جهته، اعتبر الباحث في الشأن الإيراني، سعيد شارودي، أن "مهلة الأسبوعين تبرز المشكلة الإيرانية الأساسية مع الولايات المتحدة، إذ أن الأخيرة ترسم كل شيء وتضعه أمام طهران وتريد منها التنفيذ، حيث كان قبل هذه المهلة، أن أعطى ترامب مهلة شهرين لتتوصل إيران لاتفاق معها، وهذا المنطق يخلق الأزمات بدلاً من حلها".

وأوضح شارودي، لوكالة شفق نيوز، أن "ملف البرنامج النووي الإيراني لا يمكن الوصول إلى حل دائم له خلال مدة شهرين، لذلك فشلت المفاوضات بسبب المدة القصيرة، ليعطي بعدها ترامب الضوء الأخضر لإسرائيل لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية".

ونبه إلى أن "ترامب حالياً يكرر الخطأ السابق نفسه، لكن بشكل أسوأ باعطاء مهلة أسبوعين، إذ لا يمكن الوصول بهذه الفترة الزمنية لحل للمشاكل المتبقية، إلا في حال قبول أمريكا بحقوق الشعب الإيراني والموافقة على تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية بالمستوى الذي تحتاجه لأنشطتها النووية، وحينها ستزال عقبة كبيرة أمام المفاوضات".

ولفت شارودي، إلى أن "القضية الأساسية والأولى لإيران في المفاوضات والتي لا يتحدث عنها ترامب، هي رفع العقوبات المفروضة عليها من قبل الغرب وأمريكا، وأن لا تعاد هذه العقوبات مرة أخرى، كما تريد ضمانة بعدم مهاجمتها بأي ذريعة كانت، وهذا ما لا يتحدث عنه الجانب الأمريكي".  

فرصة للدبلوماسية

بدورها، أبرزت الباحثة في الشأن السياسي، نوال الموسوي، أن "المهلة تأتي بعدما أعطى ترامب تعهدات لقيادات عربية وتحديداً لقطر عن سياسته بالمنطقة، وكان الاتفاق بأن لا تنخرط الولايات المتحدة بعمل عسكري ضد إيران".

وأكدت الموسوي، خلال حديثها للوكالة، أن "المهلة هي لاعطاء فرصة للدبلوماسية لأخذ دورها خاصة وأن هناك حراكاً دبلوماسياً كبيراً سواء من دول المنطقة أو دول الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، فهذه المحاولة قد توصل الأمور لاتفاق مبدئي".

أما البعد الأخر للمهلة، أشارت الموسوي، إلى أنها "تمثل اختباراً لقدرة إسرائيل على الاستمرار بالحرب دون تدخل أمريكي، فيما تشهد واشنطن انقساماً بالرأي حول ضرورة المشاركة من عدمها، بين من يرى أن هذه الحرب حتمية ولا بد من خوضها، وبين من يخشى المشاركة لتداعياتها على الأمريكيين، خاصة وأن السلاح الإيراني لا يصل بلادهم، بحسب الرأي الثاني".

مساران لا ثالث لهما

من جانبه، فصّل رئيس مركز التفكير السياسي وأستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، الدكتور إحسان الشمري، مهلة الأسبوعين لإيران بأنها "ذات مسارين، الأول، اعطاء فرصة لإيران للتعاطي مع الاشتراطات الأمريكية التي رفضتها سابقاً، للحفاظ على نظامها ووحدة أراضيها".

وذكر الشمري، لوكالة شفق نيوز، أن "هذا المسار، هو جزء من فلسفة ترامب للسياسة الخارجية لاستقرار المنطقة، ويبدو أنه استجاب لدعوات الحلفاء، في ظل حديث عن وساطة أو ضغط من قبل المملكة العربية السعودية ومحاولات من سلطنة عمان وللترويكا الأوروبية، وبالتالي أعطى ترامب مساحة للمفاوضات".

لكن في مقابل، توقع الشمري، أن "ترامب يعد العدة عسكرياً بمسارين، الأول، القضاء على القدرات الإيرانية من خلال الضربات الإسرائيلية، والثاني يبدو أن الخطط العسكرية الأمريكية ستستكمل خلال مدة الأسبوعين (المهلة) للدخول في هذه الحرب، إن لم تعلن إيران استسلامها بدون شروط، خاصة مع أنباء عن وصول المزيد من القوات الأمريكية للمنطقة".

وبناءً على ذلك، نبه الشمري، إلى أن "ترامب وضع مسارين أمام إيران لا ثالث لهما، أما التفاوض أو الخيار العسكري".

العراق يترقب

وعن مدى انعكاس ذلك على العراق، قال الشمري، إن "العراق والمنطقة في لحظة ترقب، حيث هناك ارتباك عام في المنطقة من استهداف المنشآت النووية وضررها البيئي على الدول المجاورة، ومضيق هرمز وغلقه وخطوط الطاقة، ونشوب حرب واسعة واحتمالية تضرر الكثير من الدول في المنطقة، فهذا الهاجس هو نفسه في العراق". 

لكن العراق "له خصوصية" وفق الشمري، معللاً ذلك لـ"وجود فصائل مسلحة أعلنت أنها ستنخرط في هذه الحرب إذا ما دخلت فيها الولايات المتحدة الأمريكية وعملت على إسقاط النظام أو استهدفت المرشد الإيراني، لذلك العراق في حالة ترقب وانتظار لما سيجري".

 

وزاد بالقول: "كما يبدو أن هناك تعاطياً مع عدد من السيناريوهات سواء على مستوى استهداف المرشد الإيراني أو حتى على مستوى إسقاط النظام أو اشتراك الفصائل المسلحة في هذه الحرب".

وكشف الشمري، عن "وجود بعض القرارات الاستباقية في العراق متمثلة بما يعرف باتفاق الفصائل والإطار التنسيقي، لكن هذا الاتفاق هش، وسيسقط إذا دخلت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب إلى جانب إسرائيل، أو استهدفت الفصائل في العراق".

وخلص الشمري، في ختام حديثه، إلى القول: "إذا حدث هذا السيناريو، فإن العراق سيكون الأكثر تضرراً لأنه الدولة الأكثر هشاشة وتُستخدم لتصفية الحسابات، ولا أتصور هناك قدرة على ضبط الأمور في الداخل العراقي، وبالتالي سيكون العراق بعد هذه الحرب على اعتاب الشرق الأوسط الجديد".

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon