"من التلميح إلى الاعتداء".. مخاوف من انتشار "التحرش الجنسي" في العراق
شفق نيوز/ سلوك التحرش داخل المجتمع العراقي، سواء في الشارع والأماكن العامة، أو في المدرسة أو العمل، أو حتى داخل البيت من خلال الأقارب، آخذ في الانتشار خلال الآونة الأخيرة.
وهناك أنواع عدة للتحرش، فبعضه يقتصر على التلميح والإشارة وانتظار ردود فعل الضحية، والآخر اللفظي المباشر، كما أن هناك تحرشاً جسدياً الذي ينتهي بالاعتداء الجنسي.
إحدى الفتيات اللواتي تعرضن للتحرش من قبل مديرها في العمل بالقطاع الخاص، تحدثت لوكالة شفق نيوز، مفضلة عدم الكشف عن هويتها، بالقول: "ساومني على ترقيتي في العمل مقابل السماح له بالتحرش، ما اضطرني وقتها إلى ترك العمل".
وقالت الضحية، إن "التحرش لا يقتصر على صعيد العمل فحسب، بل هناك الكثير من النساء يتعرضن للتحرش في أماكن مختلفة لكن لا يفصحون عن ذلك بسبب المجتمع العشائري المحافظ الذي يجد صعوبة في تقبل الفتاة حتى وأن كانت ضحية".
حالة أخرى روتها أم مع ابنها البالغ من العمر 8 أعوام، بالإشارة إلى أن ولدها تعرّض للتحرش من قبل الجيران، "قال لي ذات مرة كان يلامسني".
وأضافت الأم التي تحدثت شريطة عدم الإفصاح عن هويتها لحساسية الموضوع، للوكالة: "لم يكن هناك خيار لمعالجة الموقف سوى بيع المنزل والانتقال للعيش في منطقة أخرى".
أنواع التحرش
يمكن تلخيص أنواع التحرش بشكل عام بـ"(التحرش في بيئة العمل، والتحرش في الأماكن العامة، وتحرش القريب)، ويعد التحرش في الأماكن العامة من أسهلها، لكنه في الوقت نفسه الأكثر احراجاً، باعتباره يحدث بشكل علني، وينتهي بمجرد أن ترفع الضحية صوتها على المتحرش بها، أو تستعين بأحد قريب للتخلص منه"، بحسب الباحثة الاجتماعية، زينة الصباغ.
أما التحرش في بيئة العمل، فهو بحسب الصباغ، التي لفتت خلال حديث خاص للوكالة، ليس خطيراً على الضحية، لكونه نادراً ما يصل إلى التحرش الجنسي والاغتصاب، وغالباً ما يكون عبارة عن تمهيد أو إغراء ولا يبلغ المعنى الحقيقي للتحرش، ويُكثر في القطاع الأهلي من خلال المساومة على البقاء في الوظيفة، ما يضطر أكثر الفتيات إلى ترك العمل، على خلاف القطاع الحكومي الذي تقل فيه نسبة التحرش، لكونه بيئة منغلقة وهناك قانون تستطيع الموظفة من خلاله الشكوى على المتحرش بها".
وتابعت: "أما تحرش القريب فإما أن تكون الضحية طفلاً أو في عمر المراهقة، وتقع المسؤولية في هذه الحالة على الأهل في حماية أولادهم ومراقبة مع من يجلسون وطبيعة ردود أفعالهم، فضلاً عن التقرب منهم لدرجة الأمان وتوعيتهم عن هذه الميول الشاذة لكي يستطيعوا الإبلاغ عنها فور حدوثها".
الجانب النفسي
ويعاني من يتعرض للتحرش، إلى حالات نفسية قد تتفاقم بمرور الوقت في حال عدم معالجتها، بحسب المختص في مجال علم النفس، كاظم سلمان، مبيناً أن "أولها هو رفض الضحية زيارة المكان الذي تعرض فيه إلى التحرش خوفاً من تكرار الحادث".
ونوه سلمان، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "التحرش قد يسبب صدمة تؤدي إلى انعزال الضحية عن المجتمع، ونتيجة للخجل والحياء لا تتحدث عنها، ما يخلق لديها مشكلات نفسية وخوف وقلق تزداد مع تقدم الزمن، لذلك من الضروري مراجعة الطبيب المختص لمعالجة هذه الحالة".
الجانب القانوني
من جهتها، رأت رئيسة منظمة "الأسل" لتمكين المرأة والطفل، الحقوقية أزهار الدليمي، أن "القانون العراقي لا يتضمن نصوصاً شديدة ورادعة لمن يمارس فعل التحرش الجنسي، في ظل عدم وجود إحصائيات تُحدد حجم هذه الجريمة".
وزادت الدليمي بالقول إن "التحرش أو الاعتداء الجنسي جريمة فيها حق عام وخاص، أما الأول فهو مسؤولية القضاء بأن ترفع الضحية دعوى في المحاكم الجزائية ضد المتحرش بها ليأخذ جزاءه، والثاني هو مطالبة الضحية بحقها أمام المحكمة".
وعن عقوبة التحرش، لفت الخبير القانوني، علي التميمي، إلى أن "النوع الأول من التحرش الذي يكون بالقوة أو التهديد أو الحيلة على ذكر أو أنثى أو حتى الشروع في ذلك، يعاقب وفق المادة 396 من قانون العقوبات بالسجن 7 سنوات وتُشدد العقوبة إلى 10 سنوات إذا كان المجني عليه أقل من 18 سنة، وفي بعض الدول مثل أميركا تكون العقوبة المؤبد".
أما النوع الثاني من التحرش، بحسب التميمي الذي تحث للوكالة، فهو الذي يكون بالطلب، ويعاقب عليه قانون العقوبات "في المادة 402 بالسجن 3 أشهر أو الغرامة، وتشدد العقوبة إلى 6 أشهر في حال تكرار الفعل".
ومع شيوع ظاهرة التحرش، شدد الخبير القانوني، على ضرورة "تشريع قانون يجمع هذه المواد المبعثرة، ويجد الحلول النفسية والاجتماعية، خصوصاً مع وجود هذه الجريمة مع التطور التكنولوجي".