من الازدهار إلى الاندثار.. رحلة شاقة للنقل السككي العراقي

شفق نيوز/ يعد العراق من الدول الأولى بالنقل السككي منذ فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، لكنه يعاني حالياً من إهمال كبير لهذا القطاع الحيوي، وفق مختصين في مجال النقل.
يأتي هذا في وقت تُحمّل لجنة النقل النيابية، الحكومة الحالية، مسؤولية عدم إكمال المنهاج الوزاري لتطوير قطاع النقل، ورغم قرب انتهاء ولايتها لا تزال أغلب المشاريع في طور الاستشارات.
في المقابل، تؤكد وزارة النقل تأهيل 12 خطاً سككياً وإعادتها إلى الخدمة خلال السنوات الثلاث الماضية، والعمل مستمر لإكمال بقية المشاريع.
"إهمال كبير"
وبهذا السياق، يقول الخبير في مجال النقل، باسل الخفاجي، إن "العراق كان من الدول الأولى بالنقل السككي منذ فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وكان القطار ينطلق من محطة المعقل في البصرة ويصل إلى ميناء أم قصر ويتجه نحو بغداد وكل الحافظات ويصل إلى تركيا".
ويضيف الخفاجي لوكالة شفق نيوز، أن "القطار كان يتجه من المحطة العالمية في منطقة العلاوي ببغداد نحو تركيا، ومن ثم ينتقل أكثر الركاب والسواح إلى قطار آخر للذهاب إلى ألمانيا، وهذا غير متوفر حالياً نتيجة الإهمال الكبير من قبل وزارة النقل".
ويشير إلى أن "سكك قطار طريق التنمية من المفترض أنها موجودة من معقل البصرة إلى تركيا، لكنها بحاجة إلى إعادة بنائها بسكة حديثة وتصل إلى ميناء الفاو الكبير عبر مدها لمسافة 400 كم بعد ميناء أم قصر، للاستفادة منها تجارياً ولنقل الركاب".
نقض للمنهاج الحكومي
من جهته، يُحمّل عضو لجنة النقل النيابية، هيثم الزركاني، الحكومة الحالية "بعدم الالتزام بالمنهاج الوزاري حتى بنسبة 25%، ورغم قرب انتهاء ولايتها لا تزال أغلب المشاريع في طور الاستشارات والاجتماعات، لذلك تم عقد استضافات للمسؤولين عن قطاع النقل".
ويدعو الزركاني خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى "محاسبة رئيس الوزراء لعدم إكمال المنهاج الحكومي الذي كان يتضمن تطوير قطاع النقل من فك الاختناقات ومعالجة طرق النقل وسكك الحديد".
ويشير إلى أن "قطاع النقل لا يرتقي بالمستوى وخصوصاً سكك القطارات، فهي غير مؤهلة ولا تواكب التطور الحالي في دول العالم التي تصل سرعة القطارات فيها إلى 300 كم في الساعة، بل حتى لا تواكب الدول المجاورة مثل تركيا وإيران".
ويضيف، أن "الربط السككي العراقي مع إيران لم ينجز بعد، رغم استكمال إيران للربط داخل حدودها، كما هناك حاجة للربط السككي لنقل البضائع خاصة عند الانتهاء من ميناء الفاو، حيث إن القاطرة الواحدة قد تعوض عن العشرات من شاحنات النقل".
ولا تقتصر أهمية السكك على نقل البضائع، بل أن "نقل المسافرين بين المحافظات مهم أيضاً"، وفق الزركاني، معتبراً افتتاح "الربط السككي بين بغداد والموصل مؤخراً، إضافة جيدة".
تأهيل 12 خطاً
بدوره، يؤكد المتحدث باسم وزارة النقل، ميثم الصافي، أن "الوزارة أكملت تأهيل 12 خطاً سككياً وتمت إعادتها إلى الخدمة خلال السنوات الثلاث الماضية، والعام الماضي تم افتتاح مشروع ساوة – حجامة، والعمل مستمر لإنجاز بقية المشاريع".
وعن سكك خط بصرة - شلامجة، يوضح الصافي لوكالة شفق نيوز، أن "هذا المشروع مخصص للمسافرين والزائرين، وتم التعاقد مع شركة (إيماثيا) الإسبانية التي شرعت بإجراءات تنفيذه".
ويلفت إلى أن "هذا المشروع، يحتاج إلى عمليات تأهيل من إزالة الألغام ورفع المخلفات الحربية والتجاوزات على الطريق، وبدأت وزارة النقل بعمليات التأهيل وهي في مراحل متقدمة، وعلى أبواب الدخول بتنفيذ المشروع بشكل مباشر".
ويتابع "كما هناك مشروع آخر والذي أُطلق عليه طريق التنمية المرحلة الأولى، ويجري العمل على تأهيل السكك الحالية أو ما تُعرف بالخطوط القديمة للاستفادة من هذا المشروع في تشغيل ميناء الفاو لمرحلته الأولى، فضلاً عن تنشيط قطاع السكك في المحافظات التي يمر فيها، حيث وضعت وزارة النقل خطة لإعادة تأهيل الخط من البصرة إلى بغداد ومن ثم من بغداد باتجاه المناطق الشمالية".
وعن خط بصرة - شلامجة، يشير الصافي، إلى أن "المشروع هو خط بطول 36 كم من الحدود الإيرانية إلى محطة البصرة، ومنها ينطلق إلى عدة محافظات بينها كربلاء، بالإضافة لذلك، هناك مشروع آخر يربط النجف مع كربلاء، وهو مشروع قطار معلق بطول 85 كم، وهناك عروض عليه من قبل شركات عدة، وهو حالياً محال إلى هيئة الاستثمار".
ويضيف، أن "العمل مستمر لمشروع طريق التنمية الاستراتيجي، وتم إكمال مرحلة التصاميم الأولية فيه، وهو حالياً في مرحلة التصاميم التفصيلية، وهذه تنتهي نهاية العام الحالي، وبعدها يعرض المشروع أمام الشركات لغرض التأهيل، وتم تقسيم المشروع إلى سبع مقاطع من أجل تنافس الشركات العالمية عليه وفق رؤيا الدولة العراقية وبما يتناسب مع طموحات وآمال الشعب العراقي في هذا المشروع العملاق".
كما أكد الصافي، أن "ميناء الفاو يمر حالياً بمراحل تقدم ملحوظة في العمل، حيث تتصاعد نسب الإنجاز فيه، لاسيما بعد استلام الأرصفة الخمسة للميناء، واستكمال الطريق الرابط بطول 62 كم، فيما تسير الأعمال وفقاً للتوقيتات الزمنية في النفق المغمور وساحة الحاويات وعمليات الحفر في القناة الملاحية".
"ومن المؤمل أن تستكمل تلك المشاريع والتي تمثل البنى التحتية لميناء الفاو في نهاية هذا العام، ليكون محطة مهمة ومكوناً رئيسياً لطريق التنمية الاستراتيجي"،يقول الصافي.