من الإرهاب إلى الاستجمام.. "صحراء الأنبار" تتحول إلى منطقة سياحية واعدة (صور)

شفق نيوز- الأنبار
في عمق صحراء الأنبار غربي العراق، وتحديداً على ضفاف نهر الفرات في البغدادي على وجه الخصوص، المنطقة التي كانت لسنوات طويلة عنواناً للأحداث الدامية وأحد أبرز معاقل الجماعات المتطرفة "الإرهابية"، مابعد العام 2003، ينهض منتجع "صحرا" كعلامة تحول جريئة ومفعمة بالأمل.
هنا، في أرضٍ كانت تُعد رمزاً للخطر والمجهول، ينبثق مشروع سياحي هو الأول من نوعه في غرب البلاد، ليحمل رسالة واضحة مفادها أن "الأوضاع الأمنية في الأنبار قد تغيرت".
وتقع ناحية البغدادي ضمن قضاء هيت في محافظة الأنبار، بمساحة تقدر بنحو 480 كيلومتراً مربعاً، مركزها مدينة البغدادي، التي تمثل نقطة استراتيجية تربط بين مدن غرب المحافظة، وتُعرف بطبيعتها الفراتية الساحرة وعمقها العشائري والثقافي.
وشهدت الناحية تحولات أمنية كبيرة على مدى العقود الماضية، لكن التحوّل الأهم كان ما بعد 2003، حين تحوّلت إلى أحد أبرز معاقل تنظيم "القاعدة"، قبل أن تسقط لاحقاً في قبضة تنظيم "داعش"، لتكون في واجهة الصراع الدموي الذي اجتاح المنطقة في السنوات الماضية.
من التحدي إلى الإنجاز
ويُعد "صحرا"، المشروع الأول من نوعه في غرب العراق، جامعاً بين سحر الطبيعة الصحراوية وأصالة التراث البدوي من جهة، وحداثة الخدمات السياحية من جهة أخرى، ما يجعله نقطة انطلاق جديدة لواقع سياحي واعد في الأنبار.
ولم يكن الطريق إلى إنشاء المشروع مفروشاً بالورود، إذ واجه مؤسسوه جملة من التحديات منذ انطلاق المشروع، حيث يقول مدير المنتجع، طارق عبد الكريم، في حديثه لوكالة شفق نيوز، إن "العقبة الأولى تمثلت في غياب ثقافة المنتجعات السياحية لدى سكان المنطقة، ما تطلّب جهداً كبيرًاً في كسب ثقة المجتمع المحلي وتغيير نظرته تجاه الفكرة".
وهناك تحديات أخرى ارتبطت بطبيعة البيئة الصحراوية، والكلام لعبد الكريم، التي لم تألف مثل هذه المشاريع، فاحتاج الأمر إلى تخطيط وتكيّف مع الظروف المناخية والجغرافية الخاصة بالأنبار.
كما أنه تكن الظروف الأمنية بمعزل عن هذه المعوقات، إذ يشير عبد الكريم، إلى أن "فترات عدم الاستقرار، خاصة في محيط قاعدة عين الأسد، تسببت في إيقاف العمل لفترات متقطعة"، مضيفًا أن "المخاوف الأمنية لا تزال تُراود بعض الزوار المحتملين، لكنها تتلاشى تدريجياً مع تزايد تجارب الزوار الإيجابية وتداول محتوى بصري يوثق أمن وجمالية المكان".
ويشير إلى أن الصورة النمطية التي كانت تربط الأنبار بالعنف والإقصاء بدأت تتغير، فالزوار اليوم يكتشفون أماكن سياحية خلابة تتعدى شهرة نواعير هيت، لتشمل مناطق أخرى مثل ضفاف الفرات في البغدادي، والتي ما تزال بحاجة إلى تسويق أوسع، لكنها تخطو بثبات نحو خارطة السياحة الوطنية.
دعم رسمي وتكامل مؤسسي
مع انطلاق المشروع، كان لا بد من تنسيق وثيق مع الجهات الأمنية، التي أبدت تعاوناً متزايداً بعد أن تم تسجيل المنتجع رسمياً في وزارة السياحة وغرفة التجارة، ما أضفى عليه صبغة قانونية سهلت التعاون مع السلطات في البغدادي.
ويؤكد عبد الكريم، أن الدعم المؤسسي أسهم في تعزيز مصداقية المشروع، وفتح الباب أمام مشاريع مشابهة في المنطقة، لافتاً إلى أن "صحرا" لم يغير فقط من نظرة الناس للسياحة في الأنبار، بل غيّر من الصورة الذهنية للمحافظة ككل.
ويسعى "صحرا"، وفقاً للقائمين عليه إلى حماية التراث البدوي الأصيل الذي يميز الأنبار، من خلال تقديم أنشطة ثقافية وفلكلورية تعكس هوية المنطقة، كما يشمل ذلك تنظيم فعاليات شعبية مثل رقصة الجوبي، وتقديم الأطباق التقليدية كـ"المدكوكة"، إلى جانب الحفاظ على عادات العشائر العراقية الغربية التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي المحلي.
وسقطت محافظة الأنبار بيد التنظيم في عام 2014، وتحولت في وقتها إلى واحدة من أخطر بؤر التطرف في المنطقة، إلا أن القوات الأمنية العراقية تمكنت من تحرير مدنها بالكامل في العام 2017.