مفاجأة.. وزير دفاع ترامب فضّل البقاء في العراق على العودة لأمريكا

مفاجأة.. وزير دفاع ترامب فضّل البقاء في العراق على العودة لأمريكا
2025-01-24 15:17

شفق نيوز/ رصد تقرير أمريكي، أفكار بيت هيجسيث، المرشح لتولي منصب وزير الدفاع في ادارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، وكيف تركت مشاركته في حرب العراق، أثراً عميقاً على توجهاته ومواقفه الحادة من السياسيين الليبراليين في واشنطن ومن الحزب الديمقراطي، وعلى رغبته العميقة في "تطهير" البنتاغون والقوات المسلحة من الجنرالات الذين لا يحملون افكاراً سياسية مشابهة، بدلاً من التركيز على التحديات العسكرية الخارجية التي تواجه الولايات المتحدة.

وذكر تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "اللحظة التي تغيرت فيها حياة هيجسيث الى الابد حصلت في العراق، وتحديدا في قاعدة عسكرية (قاعدة العمليات الامامية في براسفيلد-مورا التي تحمل اسم جنديين امريكيين قتلا في هجوم بقذائف الهاون)، وكان ذلك في اذار/مارس 2006، عندما كانت الحرب تجري بشكل سيء بالنسبة للاميركيين، في حين كان هيجسيث يجلس امام جهاز الكمبيوتر الخاص به في الموقع، للتدقيق في معلومات استخبارية من مخبر عراقي.

واستعاد التقرير، ما نشره هيجسيث في كتابه الذي يحمل عنوان "الحرب على المحاربين" الصادر في العام 2024، حيث قال إن "جسدي كان مرهقا للغاية وعقلي يذوب"، مضيفاً أن هيجسيث كان سيحمل معه هذه اللحظة من الضغط  و"الارهاق العظيم"، من العراق الى قاعة الاستماع في لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، حيث استجوبه المشرعون قبل ايام حول جدارته ليكون وزيرا جديدا للدفاع.

ونقل التقرير الأمريكي، عن هيجسيث قوله في الكتاب عن أفكاره في تلك اللحظة "اذا كان بامكاني الحصول على عائلتي هنا (في العراق)، فلن اغادر أبدا."

ولفت التقرير الى ان هيجسيث، بشكل ما، لم يغادر العراق حيث عمل طوال السنوات ال18 الماضية على قيادة جماعتين غير ربحيتين تركزان على المحاربين القدامى والجيش، واصدر 5 كتب، وتزوج مرة ثانية ثم ثالثة، وعمل كمضيف لحوار اسبوعي في برنامج اخباري يعتبر من البرامج المفضلة لدونالد ترامب.

واشار التقرير، إلى أن الطريقة الامثل لفهم هيجسيث هي اعتباره بمثابة نتاج لحربين خاسرتين في افغانستان والعراق، وأن هناك القليل في كتاب "الحرب على المحاربين" بما يشير الى ان هيجسيث كان يتوقع ان يصبح يوما ما وزيرا للدفاع، كما ان الكتاب لا يتضمن اي نصائح حول كيفية اعادة تأهيل الجيش لمواجهة الصين او روسيا وهي من القضايا التي تحمل اهمية كبيرة في البنتاغون، كما انه لا يطرح اي افكار حول كيفية اصلاح برامج التسليح المتضخمة والتي تتخطى احيانا كثيرة الميزانيات المحددة لها.

وأوضح أن هيجسيث يركز بشكل اساسي، مثله مثل رئيسه ترامب، على محاربة الاعداء الداخليين مثل من يصفهم بـ"الماركسيين" الثقافيين، و"مخربي العدالة الاجتماعية" و"الجنرالات الضعفاء" الذين يتهمهم بشكل متكرر بتخفيض معايير الجيش وتقييد ايديه في المعركة، وهم الاشخاص الذين يحملهم مسؤولية هزائم امريكا في العراق وافغانستان.

وقال هيجسيث في كتابه، إن "جنودنا المنشغلون بقتل الاسلاميين في بلدان قذرة، وخانهم قادتنا، لديهم كل الاسباب لترك العصر الامريكي يتراجع"، مضيفا ان "اليساريين سرقوا منا الكثير، لكننا لن نسمح لهم بان يسلبونا ذلك. لقد حان الوقت من اجل حوض جولة ثانية، ولن نفوت هذه المعركة".

لكن التقرير، نبه إلى أن هيجسيث في السنوات الاولى بعد عودته من العراق في العام 2006 ثم من مهمة في افغانستان في العام 2012، سارع الى الاشادة بالجنرالات المسؤولين عن تلك الحروب وناشد الامريكيين المرهقين، على المضي قدما في هذا المسار.

وعندما انتهت هذه الحروب التي تواصلت لعقود بشكل سيئ او غير حاسم، انتقل هيجسيث، مثل العديد من المحاربين القدامى، للبحث عن شخص لالقاء اللوم عليه، وفقاً لتقرير "واشنطن بوست".

وأشار التقرير الأمريكي، إلى أن سردية "الطعنة في الظهر" هذه غالبا ما تأتي بعد الهزائم العسكرية، مثلما جرى مع الجيش الالماني بنهاية الحرب العالمية الاولى حيث القى مسؤولية خسارة نيل النصر في المعركة، على عصابة من الشيوعيين والاشتراكيين واليهود، وهي السردية الاسطورة التي غذت بشكل كبير صعود النازيين لاحقا.

ورأى أن هناك سرديات اخرى متعلقة بـ"الطعنة في الظهر" هدفها تبرئة الجيوش من الذنب عن اخطائها، مثلما جرى في حرب فيتنام، عندما اتهم القادة العسكريون الرئيس السابق ليندون جونسون بمنعهم من شن هجوم تقليدي واسع النطاق على فيتنام الشمالية، كما حملوا الاعلام المسؤولية بسبب نشر تقارير سلبية قوضت الدعم في الداخل الامركي للحرب.

وبحسب التقرير، فإن كتاب هيجسيث يطرح سردية مشابهة لما بعد حرب فيتنام، حيث ينتقد المحامين العسكريين لانهم كانوا يفرضون قواعد اشتباك مقيدة بشكل مبالغ فيه على الجنود في الخطوط الامامية، مما سمح للعدو بالنجاة من الاذى، كما يوبخ كبار القادة من "الجنرالات الذين يجلسون في مكاتب مكيفة" – لأنهم كانوا يؤيدونهم في ذلك.

ولفت التقرير الأمريكي، إلى أن وجهة نظر هيجسيث للحرب، تتعارض بشكل كبير مع اراء كبار القادة في ساحة المعركة، مثل الجنرال ستانلي ا. ماكريستال، الذي سبق لهيجسيث، أن أشاد به باعتباره "بطل حرب".

وبين التقرير، أن الجنرال ماكريستال، كتب في مذكراته المنشورة تحت عنوان "دوري في المهمة) في العام (2012)، وهو يصف مداهمة ليلية شارك فيها في العراق حيث نظر في عيون طفل مرعوب كان والده محتجزا من جانب الجنود الامريكيين، قائلاً انه "بينما كنت اشاهد ذلك، شعرت بالغثيان، وباحساس العار والغضب لدى الاب (المعتقل)، وفكرت، ولم يكن ذلك المرة الاولى، كيف سيكون من السهل علينا أن نخسر الحرب".

وفي المقابل، قال التقرير ان كتاب هيجسيث، لم يكن هناك حديث عن غارات فاشلة، ولا عن تفاقم الاستياء العراقي، ولا عن جرائم حرب امريكية او خسائر في صفوف المدنيين، وانما كان هناك فقط جنود اميركيون شجعان، وبيروقراطيون جبناء، واشرار يستحقون الموت".

ولفت هيجسيث، في كتابه، إلى أن هدفه الاهم صار "تدمير الاسلاميين المتطرفين" وتقوية "آلة القتل"، اي القوات المسلحة، من اجل تحقيق ذلك، كما أشار إلى أن تجربته في العراق كانت بمثابة ولادة روحية جديدة، وان هيجسيث القديم انتهى وانه دخل مجددا متجسدا في حياة سابقة، وانه مع نهاية مهتمه العسكرية، لم يعد مجرد مواطن وطني أو جندي تطوع بشجاعة لخوض الحرب، وانما صار عضوا في "طبقة المحاربين".

واعتبر التقرير الأمريكي، أن هذه التطورات كانت بالنسبة لهيجسيث كما لو ان الحرب التي خاضها في الخارج والتي منحت المعنى والهدف لحياته، قد وصلت الان الى الشواطئ الامريكية، وانه يتحتم عليه القيام باي شي شيء لالحاق الهزيمة بفكرة "التحول الجذري” الذي يخضع له الجيش الامريكي، وهي معركة يرى هيجسيث ان الاعداء فيها، يتواجدون في كل مكان.

لكن هيجسيث، وبحسب التقرير، تمسك بمقولة انه بمثابة "كتاب مفتوح"، ورفض اما مناقشة تلك الافكار او اعترض عليها باعتبارها "تشهيرات مجهولة المصدر"، حيث بدا انه يرى وجود "حرب على المحاربين"، على غرار اسم كتابه.

وخلص تقرير "واشنطن بوست"، إلى أن "هيجسيث في كتابه، تعهد بانقاذ الجيش من بيروقراطيي البنتاغون والايديولوجيين السياسيين، واتهم اليسار بالاستيلاء على الجيش"، مردفاً بالقول: "علينا ان نستعيده بوتيرة اسرع، وان نشن هجوما مضادا سريعا في وضح النهار".

وختم التقرير الأمريكي، بأن هيجسيث لا يتوقف عن التفكير في ان "تطهير" الجيش من الافكار السياسية التي لا يحبها قد يكون له تاثيرات معاكسة، حيث انه بدلا من توحيد القوة، فإن تصرفاته يمكن أن تهدد بجعل الجيش اكثر شبها بالدولة التي يخدمها: "مستقطب حزبياً، وغاضب ومتفكك".

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon