معهد واشنطن يذكر الأمريكيين بـ"تفجير المارينز 1983": لا استهانة برد المقاومة
شفق نيوز / حذر "معهد واشنطن" الأمريكي، من تجاهل التهديدات التي تطلقها جماعات مدعومة من إيران، بما في ذلك في العراق، ضد إسرائيل والولايات المتحدة، أو الاستخفاف بها، في ظل التداعيات المحتملة للحرب الجارية بين اسرائيل وحركة حماس، مستعيدا في هذا السياق، تجربة تفجير مقري القوات الأمريكية والفرنسية في بيروت التي أوقعت مئات القتلى قبل 40 سنة تماماً.
وذكّر تقرير أمريكي، نشره المعهد، وترجمته وكالة شفق نيوز، بما جرى في 23 تشرين الاول/أكتوبر عام 1983، عندما استهدف حزب الله اللبناني القوات المتعددة الجنسيات لحفظ السلام في لبنان عن طريق قيادة شاحنة مفخخة انتحارية إلى داخل ثكنة المارينز الامريكية في بيروت ومنشأة عسكرية فرنسية قريبة، مضيفاً أن المعلومات الاستخبارية التي رفعت عنها السرية تظهر أن التفجيرات نُفذت بأوامر إيرانية.
وبعد مرور أربعة عقود، يتردد صدى هذه الهجمات عالياً في التهديدات الجديدة الصادرة عن حزب الله، وأعضاء آخرين في شبكة وكلاء إيران، حذر كبار المسؤولين وشخصيات بارزة أخرى من أن القوات الأمريكية ستُستهدف إذا حاولت إسرائيل طرد حماس من غزة، أو إذا حاولت أي جهة منع الميليشيات في المنطقة من فتح جبهات أخرى في الحرب الإسرائيلية الجارية، وفقاً للتقرير.
وبحسب التقرير الأمريكي، لا ينبغي الاستخفاف بهذه التحذيرات بما أن وكلاء إيران قد استهدفوا بالفعل المنشآت الأمريكية في العراق وسوريا ومناطق أخرى، بعد أسبوعين فقط من بدء النزاع في غزة.
ونقل التقرير عن المعلق التابع لحزب الله الشيخ صادق النابلسي، قوله: "إذا استهدفت الولايات المتحدة ما يسمى (محور المقاومة)، فقد تستهدف هذه الجماعات بدورها السفن البحرية الأمريكية في المنطقة.
وقال النابلسي: "إذا أردتم أن تستخدموا القوة النارية مع المقاومة اللبنانية أو مع محور المقاومة، ستفتحون أبواب الجحيم ونوافذ الجحيم عليكم.. أيها الأمريكيون تذكروا تماماً ماذا حلّ بكم في لبنان، وهرولتم منسحبين".
سابقة قاتلة
واوضح التقرير الامريكي، أن هجوم العام 1983 جرى من جانب (حركة الجهاد الإسلامي)، وهي وحدة العمليات الإرهابية التابعة لحزب الله، التي استهدف عناصرها قوات حفظ السلام الأمريكية والفرنسية التابعة "للقوة المتعددة الجنسيات في لبنان"، حيث أسفر التفجيران عن مقتل 241 من المارينز وغيرهم من الأفراد الأمريكيين، و58 جندياً فرنسياً، و6 مدنيين.
وكان الهجوم، واحد من ثلاث عمليات دراماتيكية استهدفت المصالح الأمريكية في لبنان خلال 18 شهرا، بما في ذلك تفجير السفارة الأمريكية في نيسان/إبريل 1983 وملحق السفارة في أيلول/سبتمبر 1984، بحسب التقرير.
وتابع التقرير أن الحرس الثوري الايراني وحزب الله، دخلا في حالة تأهب في تشرين الثاني/نوفمبر 1984، خوفاً من رد القوات الأمريكية بضرب "ثكنة الشيخ عبد الله" المشتركة بينهما في سهل البقاع في لبنان، إلا ان الولايات المتحدة لم ترد حينها.
ونقل التقرير، عن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية قولها في العام 1987 أن "العديد من القادة الإيرانيين يستخدمون هذه السابقة كدليل على أن الإرهاب يمكن أن يكسر عزيمة الولايات المتحدة"، واصفةً كيف أصبحت طهران تنظر إلى "التخريب والإرهاب كخيار مهم في مواجهتها مع الولايات المتحدة في الخليج العربي". وتابع التقرير انه في وقت لاحق، أشار زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، إلى الانسحاب من بيروت كدليل على نجاح مثل هذه الهجمات.
تصعيد أفقي
وفي هذا الصدد، رأى التقرير أن حزب الله سرع في الأيام الأخيرة، من وتيرة هجماته عبر الحدود، مطلقاً صواريخ وقذائف مضادة للدروع وقذائف هاون وطائرات مسيرة على إسرائيل، بينما حذر نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، إسرائيل من أنها ستدفع ثمناً باهظاً مقابل أي هجوم بري في غزة، مضيفاً أن "حزب الله" أصبح أساساً "في قلب" المعركة، وحذر أيضاً من التصعيد على نطاق أوسع، متسائلاً: "هل تتوقعون أن تستفردوا بالمقاومة الفلسطينية ولا يتحرك المقاومون في المنطقة؟".
وتابع التقرير انه من اجل ردع وكلاء إيران من فتح جبهات إضافية، قامت الولايات المتحدة بإرسال مجموعتين ضاربتين من حاملات الطائرات إلى المنطقة، وانه وفقاً لأحد كبار مسؤولي الدفاع الأمريكيين، يهدف التغيير الواضح للغاية في الموقف العسكري إلى تقديم "دليل لا لبس فيه بالفعل وليس بالقول فحسب على دعم الولايات المتحدة للدفاع عن إسرائيل"، بالإضافة إلى "إشارة رادعة" لإيران ووكلائها، مشيرا إلى أنه "يجب على هؤلاء الخصوم أن يفكروا مرتين" قبل الانخراط، مذكرا بتحذير الرئيس جو بايدن القائل: "إياكم".
وبرغم ذلك، نوه التقرير الأمريكي، إلى أن "هؤلاء الوكلاء يختبرون بالفعل عزيمة واشنطن، كما أن احتمالات التصعيد الأفقي، أي ضرب المصالح الأمريكية، وليس الإسرائيلية فقط، مرتفعة بشكل خطير حيث أطلقت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران صواريخ وطائرات انتحارية مسيرة على القوات الأمريكية في سوريا والعراق وهي جماعات تعمل حالياً تحت اسم "المقاومة الإسلامية في العراق"، الا انه مجرد مصطلح شامل لوكلاء طهران المحليين.
كما ذكر التقرير بتصريحات زعيم منظمة بدر هادي العامري الذي هدد القوات الأمريكية، قائلاً: "موقفنا واضح، على الأمريكان أن يفهموا بوضوح إذا تدخلوا (في المعركة مع حماس) فسوف نتدخل... إذا تدخلت أمريكا في هذه المعركة، فكل الأهداف الأمريكية سنعتبرها حلالا".
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية امرت في 22 تشرين الأول/أكتوبر بمغادرة موظفي الحكومة الأمريكية غير الأساسيين وأفراد أسرهم المؤهلين من سفارتها في بغداد وقنصليتها في أربيل، مشيرةً إلى تهديدات الميليشيات المتزايدة ضد الموظفين الأمريكيين والمواطنين الأمريكيين الآخرين والشركات الدولية في جميع أنحاء العراق، بينما حذر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن من تصعيد كبير محتمل ضد القوات الأمريكية في المنطقة.
كما لفت التقرير الى تهديدات جماعة الحوثيين في اليمن التي أطلقت ثلاثة صواريخ "كروز" وعدة طائرات مسيرة في اتجاه إسرائيل والتي تم اعتراضها من قبل السفينة الأمريكية "يو إس إس كارني".
مؤامرات ملهمة
واعتبر التقرير ان إيران و وكلاءها قد يستفيدون بطريقة أخرى من أزمة غزة، وهي مضاعفة جهودهم لإلهام المتطرفين الشيعة العنيفين المحليين بتنفيذ الهجمات، مضيفا انه وفقا لنشرة استخباراتية تم توزيعها على سلطات تطبيق القانون الأمريكية، فقد دعا حزب الله وغيره من الجماعات الإرهابية مؤيديهم بالفعل إلى استهداف المصالح الأمريكية والإسرائيلية في سياق حرب حماس.
ولفت التقرير الى ان السلطات قلقة من تطور مماثل منذ عدة سنوات، حيث وصف تقرير صادر عن "المركز الوطني لمكافحة الإرهاب" العام 2018، المتطرفين العنيفين المحليين بأنهم "أفراد يستلهمون أو يتأثرون بدول مثل إيران، أو منظمات إرهابية أجنبية مثل حزب الله، أو جماعات شيعية مسلحة، ولكنهم لا ينتمون إلى هذه الجماعات ولا يتلقون توجيهات منها".
الخلاصة
وخلص تقرير "معهد واشنطن" الأمريكي، إلى القول: "خلال السنوات الـ40 التي تلت استهداف حزب الله للقوات الأمريكية بناءً على طلب طهران، فان النهج الدولي الفاتر وغير المتسق في كثير من الأحيان تجاه الجماعات الإرهابية التي ترعاها إيران، لم يؤد سوى إلى تشجيعها".
وبرغم أن "هذه الجماعات والمتطرفين العنيفين المحليين الذين تلهمهم قد لا ينفذون تهديداتهم أو لا يستخدمون جميع قدراتهم عندما ينفذون هجوماً"، إلا أنه من الضروري أن تؤخذ تحذيراتهم على محمل الجد، وفقاً للتقرير الأمريكي.
وختم التقرير بالقول إن "من الصعب دحض الخلاصة التي توصل إليها الإرهابيون من كافة المشارب من تفجيرات بيروت العام 1983، إذ يعتبرون أن الضربات القوية والمدمرة نفسياً يمكن أن تُفقد الولايات المتحدة شجاعتها وتدفعها إلى الانسحاب".