"مرض صامت" سريع الانتشار يدفع المختصين في العراق للتوعية منه

"مرض صامت" سريع الانتشار يدفع المختصين في العراق للتوعية منه
2024-10-02T20:17:14+00:00

شفق نيوز/ أم علي إحدى ضحايا سرطان الثدي الذي تم تشخصيه بالصدفة قبل نحو عام ونصف العام، حين شعرت في العام 2023 بألم في الكلى، وعلى إثر ذلك أجرت فحوصات لمعرفة سبب الألم، لتكتشف إصابتها بالسرطان بالمرحلة الثانية في ثديها الأيسر.

تسكن أم علي (38 عاماً) في محافظة بابل جنوبي بغداد مع زوجها وأطفالها الأربعة علي ومحمد ورقية وفاطمة، تروي قصتها مع مرض سرطان الثدي ورحلة علاجها في داخل العراق وخارجه.

تتذكر أم علي خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، رحلة علاجها بين الأطباء ومعاناتها النفسية التي اضطرت للانتقال بين عدة أماكن داخل المحافظة وخارجها لإجراء الفحوصات بعد فحص الثدي بالماموغرام (تصوير شعاعي) والتأكد من الإصابة.

وتقول أم علي "بعد تشخيص إصابتي قررت السفر إلى خارج العراق لتلقي العلاج الذي بدأ بقلع الثدي الأيسر المصاب، ثم الخضوع لجلسات العلاج الكيمياوي والإشعاعي وبعدها العلاج النفسي".

وتشير إلى أن مدة العلاج استمرت عام ونصف العام، وتؤكد أنها حالياً بصحة جيدة بعد شفائها من المرض، لكنها ما تزال تتلقى هرمونات كل ستة أشهر، داعية النساء إلى أهمية الفحص المبكر خاصة وإننا في شهر التوعية من سرطان الثدي.

ويعد سرطان الثدي من الأمراض الأكثر انتشاراً بين النساء على مستوى العالم، وفي إطار جهود التوعية منه، تم تخصيص شهر أكتوبر من كل عام لزيادة الوعي حول أهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي من خلال التشديد على إجراء الفحوصات الدورية للكشف المبكر عن المرض في مراحله الأولى.

ورغم ذلك "لا تلجأ أكثر النساء إلى الفحص المبكر خاصة في الدول النامية"، بحسب اختصاصية الطب النفسي، الدكتورة بتول عيسى، عازية ذلك إلى "قلة الوعي وخوفاً من مراجعة الطبيب وحتى النطق باسم السرطان، بل يعمدون إلى القول (ذلك المرض) دون الإفصاح عنه صراحة".

وتضيف عيسى لوكالة شفق نيوز، "لكن عند تضاعف الحالة الصحية للمريضة وتراجع الطبيب يتبين أن إصابتها كانت من الممكن معالجتها في حال مراجعة الطبيب مبكراً، وهذا يعود إلى الخوف من الطبيب والعلاج ووصمة المرض أو الخوف من المرض ومن حتى ذكر اسمه".

وعن دور العامل النفسي، تؤكد عيسى، أن "تدهور الحالة النفسية تسبب تراجعاً في الجهاز المناعي ما يعرض الإنسان إلى الإصابة بالأمراض والميكروبات بسهولة، كما أن القلق المستمر يسبب أمراضاً في الجهاز الهضمي وقد تؤدي إلى مضاعفات مثل سرطان القولون أو قرحة المعدة وتتحول بمرور الزمن إلى سرطان المعدة".

مراحل سرطان الثدي

السرطان هو "انقسامات للخلايا بطريقة غير مسيطر عليها، ما يؤدي إلى حدوث كتلة لها قابلية على الانتشار إلى أماكن أخرى، والسبب الرئيسي هو وجود خلل في الـ(دي أن أي) الذي هو الشريط الوراثي للإنسان، وهذا الخلل يؤدي إلى هذه الانقسامات غير المسيطر عليها"، وفق مدير مركز الإمام الحسين لعلاج الأورام في كربلاء، الدكتور كرار الموسوي.

ويوضح الموسوي لوكالة شفق نيوز، أن "مرض السرطان خطير وقاتل إذا لم يُعالج بصورة صحيحة، وفي شهر أكتوبر يتم التركيز على سرطان الثدي الذي يعتبر أكثر السرطانات شيوعاً عند النساء، وله أربع مراحل".

ويشرح الموسوي، أن المرحلة الأولى "تبدأ من مرحلة الصفر التي هي تغيرات بسيطة في الخلايا وقد تتطور لتكون كتلة حجمها أقل من اثنين سنتيم، وربما يتحول إلى المرحلة الثانية التي هي كتلة من اثنين سنتيم إلى 5 سنتيمترات، وقد يكون هناك إصابة للغدد اللمفاوية في الإبط".

ويضيف "أما المرحلة الثالثة فهي عندما تكون الكتلة كبيرة أكثر من 5 سنتيمترات، أو هناك إصابات قوية في الغدد اللمفاوية في الإبط، والمرحلة الرابعة عندما يكون المرض منتشراً في أماكن أخرى مثل الكبد والرئة والعظم، وهذه المرحلة غير قابلة للشفاء أما المراحل الأخرى فيمكن الشفاء منها".

ويؤكد الموسوي، أن "كل أنواع السرطانات هي خطرة وقادرة على الانتشار، لكن بالنسبة لسرطان الثدي هناك أنواع شرسة مثل سرطان الثدي (السلبي الثلاثي) وهذا يشكل نحو 15% من مرضى سرطان الثدي، وله القابلية على الانتشار السريع".

"وهناك أنواع أخرى الذي هو (الإيجابي الثلاثي) ومن أحسن الأنواع عندما تكون الهرمونات إيجابية، ولحسن الحظ هذا النوع هو الأكثر شيوعاً عند المرضى بنسبة 60 إلى 70%، وإذا تم اكتشاف سرطان الثدي في مراحله الأولى (الصفر أو الواحد أو الاثنين) فإن نسبة الشفاء منه عالية تصل إلى نسبة 95%"، يقول الموسوي.

وعن سبب شيوع سرطان الثدي عند النساء أكثر من الرجال، يبين، أن "سرطان الثدي له علاقة بمشاكل الهرمون، فهو مرتبط بشكل مباشر بهرمون الإستروجين، وهذا يكثر عند النساء، لذلك هن الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي".

ويلفت الموسوي إلى أن "سرطان الثدي في تزايد مستمر في كل دول العالم، لكن الفارق أن في الدول الغربية أن نسبة الإصابة بالمراحل الأولية عالية، وبالتالي تكون نسبة الشفاء عالية لأنه يكتشف في البداية، أما في الدول العربية ومنها العراق فإن أكثر الحالات تكشف في المرحلة الثالثة أو الرابعة، وبالتالي تكون نسبة الشفاء أقل".

"كما أن سرطان الثدي حاله كحال باقي السرطانات تزداد احتمالية الإصابة بها مع التقدم في العمر، ورغم وجود إصابات للفئات الشابة في مراحل العشرينات والثلاثينات والأربعينات، لكن أكثر الحالات هي من 50 عاماً فما فوق"، بحسب الموسوي.

الذي يشدد على أنه "وبما أن سرطان الثدي شائع وتصاب به امرأة واحدة من كل 8 نساء في الولايات المتحدة، وهذه النسبة يمكن تعميمها على أغلب دول العالم، فإن الحل الوحيد هو الكشف المبكر، لذلك على المرأة التي في سِن الأربعين فما فوق الخضوع للفحص المبكر بشكل دوري كل عام".

ويقول "وفي العراق هناك مراكز للكشف المبكر في كل المحافظات، لذلك يمكن زيارتها وإجراء الفحص الدوري على أيدي طبيبات مختصات لاكتشاف الحالات في المراحل المبكرة وعلاجها".

مرض صامت

وهذا ما يؤكد عليه أيضاً طبيب الأسرة، عمار حسين أحمد، بأن "بعض الأمراض من الصعوبة معالجة مضاعفاتها حتى بعد اكتشافها خاصة السرطانية، إذا كان الكشف متأخراً، لذلك من المهم الكشف المبكر عن المرض لأنه يمنع وصوله إلى مراحل متقدمة ما يؤدي إلى مضاعفات منها الانتشار على مستوى جميع الجسم".

وعن الوقاية من خلال الفحوصات الدورية، يوضح أحمد لوكالة شفق نيوز، أن "الوقاية تبدأ بعد سِن الثلاثين بالفحص الذاتي في البيت بشكل دوري كل أسبوع على سبيل المثال، ويتم ذلك من خلال لمس الثدي باليد وفي حال استشعار أي انتفاخ أو أي إشكال في المنطقة حينها على المريضة التوجه إلى الطبيبة المختصة".

ويضيف، أن "بعد الفحص الذاتي هناك الفحص الدوري كل 6 أشهر، خاصة لمن لديهم تاريخ عائلي بالمرض، للفحص بالسونار أو بالماموغرافي لتحديد نوع المشكلة".

وعن علاقة الألم بالسرطان، يبين أحمد، أن "الشعور بالألم في الثدي لا يعتبر دلالة واضحة على السرطان بل قد يكون وهو الغالب بسبب وجود التهابات، حيث إن السرطان ليس فيه ألم في مراحله الأولى عندما يكون على شكل انتفاخ أو كتلة لحمية داخل الثدي".

أما فيما يخص دور الأطعمة في زيادة نسبة الإصابة، فإن سرطان الثدي - بحسب أحمد - يعود إلى عوامل عدة منها وراثية وهرمونية، بالإضافة إلى عوامل خارجية كالسمنة المفرطة والأغذية السريعة التي تحتوي على سكريات عالية، فهي تعتبر محفزات للإصابة.

"بالإضافة إلى اللحوم المعدلة وراثياً أو من حيوانات تعطى أدوية وهرمونات لتسريع نموها وتكبير حجمها، حيث إن هذه المواد قد تنتقل عن طريق تناول هذه الحيوانات ما يؤدي إلى حصول مشاكل عند الإنسان"، وفق أحمد.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon