"مرتزقة" عراقيون وعرب وأفارقة ينقسمون بين معسكريّ أوكرانيا وروسيا
شفق نيوز/ سلّط تقرير نشره موقع "دويتشه فيله عربية" الألماني، يوم الثلاثاء، الضوء على المتطوعين الأوروبيين والأمريكيين للقتال في صفوف الجيش الأوكراني ضد الغزو الروسي، مشيراً إلى تجنيد "مرتزقة" عراقيين وعرب وأفارقة من قبل طرفي الصراع "مقابل المال".
ويشير الموقع الألماني إلى انتشار أنباء في الآونة الأخيرة عن محاولات لتجنيد عراقيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل المشاركة في الحرب الأوكرانية.
وينقل الموقع عن الخبير في الشؤون السياسية العراقية، غانم العابد، قوله إن "توظيف منصات مواقع التواصل الاجتماعي لتجنيد المرتزقة أو المقاتلين ليس جديداً"، مشيراً إلى أن تنظيم داعش كان يتخذ تلك المنصات كأداة للتجنيد.
المعسكر الروسي والمعسكر الأوكراني
ويضيف "بالتأكيد هناك أطراف ترتبط بالمعسكرين، سواء الروسي أو الأوكراني، تسعى لاستقطاب مقاتلين من أجل أن تكون المعركة هي معركة مرتزقة، وذلك عبر توظيف أكبر عدد من هؤلاء ليكونوا ضمن أحد المعسكرين".
ويتابع: "لهذا، بدأنا نلاحظ إعلانات تدعو للانخراط في الصراع الروسي الأوكراني".
ويرى العابد أن "كثيراً من الشباب العراقيين قد يسعون إلى الذهاب للقتال مع أوكرانيا للحصول على الجنسية الأوكرانية أو محاولة استغلال الوضع في أوكرانيا وما يترتب عليه من هجرة جماعية للحصول على فرصة للانطلاق إلى أوروبا".
أما عن موقف الحكومة العراقية، التي يبدو أنها قررت أن تبقى على الحياد تبعاً لامتناع مندوبها في الأمم المتحدة عن التصويت لقرار يشجب العدوان الروسي على أوكرانيا.
يقول العابد إن الأطراف الفائزة في الانتخابات العراقية تحاول أن تتجنب الخوض في موضوع الصراع بين روسيا وأوكرانيا"، معللاً ذلك "باختلاف موقفي كل من أمريكا وإيران، وهما الطرفان المتحكمان بتشكيل الحكومة العراقية"، من الصراع الروسي الأوكراني.
السوريون من حرب إلى حرب
"بعد تسريحي من الجيش السوري لم أستطع العثور على أي عمل، والأوضاع مزرية. سمعت عن فتح باب التسجيل للقتال في أوكرانيا فسجلت اسمي، لأنني سئمت من الصعوبات المعيشية الكبيرة في بلدي".
ويضيف الشاب السوري "سوف يتواصلون معي في حال تمت الموافقة. قالوا إنهم يسجلون فقط الأشخاص ذوي الخبرة القتالية الجيدة، والأفضلية لمن سبق أن قاتلوا تحت إمرة ضباط روس أو ضمن الفرقة 25 في الجيش السوري (المقربة من روسيا)"، كما نقلت عنه منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
وبعد مزاعم حول تجنيد مرتزقة أجانب وعرب، ومنهم سوريون، للقتال في أوكرانيا، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) يوم أمس الاثنين، أن روسيا تجند مرتزقة سوريين وأجانب آخرين للقتال في أوكرانيا حيث يواجه غزو الجيش الروسي لهذا البلد مقاومة شرسة.
وقال المتحدّث باسم البنتاغون، جون كيربي، في مؤتمر صحفي "نعتقد أنّ المعلومات التي تفيد بأن الروس يجندون مقاتلين سوريين لتعزيز قواتهم في أوكرانيا صحيحة"، مضيفاً "من المثير للاهتمام أن يكون بوتين مضطراً لاستخدام مقاتلين أجانب".
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت عن أربعة مسؤولين أمريكيين أن روسيا التي بدأت غزو أوكرانيا في 24 شباط/ فبراير الماضي، باشرت في الأيام الأخيرة بتجنيد مقاتلين سوريين لاستخدامهم في السيطرة على مناطق حضرية في أوكرانيا.
وصرّح أحد هؤلاء المسؤولين للصحيفة أنّ بعض المقاتلين السوريين موجودون بالفعل في روسيا ويستعدّون للانضمام إلى المعارك في أوكرانيا، من دون مزيد من التفاصيل.
وكشف موقع "دير الزور 24" أن روسيا فتحت باب التسجيل في مناطق سوريا للسفر إلى أوكرانيا والعمل "كحراس" برواتب تتراوح بين 200 و300 دولار.
من جهتها، نقلت شبكة "سي أن أن" عن مسؤول رفيع في الاستخبارات الأمريكية قوله، إن لديهم معلومات تفيد بأن روسيا تخطط لنشر نحو ألف من المرتزقة في الأيام والأسابيع المقبلة، مشيراً إلى أن مهمتهم ستكون دعم الوحدات الروسية المتعثرة، على حد تعبيره.
وتؤكد تقارير إعلامية أنّ مجموعة "فاغنر" الأمنية الروسية أرسلت إلى أوكرانيا مقاتلين لمساندة الجيش الروسي، وكان مرتزقة من هذه الشركة الروسية الخاصة قاتلوا في السنوات الأخيرة في ليبيا، وكان كل من المعسكرين المتحاربين في ليبيا قد استقدم مرتزقة سوريين للقتال إلى جانبه.
"مرتزقة" أوكرانيا
وعلى الجانب الآخر من الجبهة، سافر عشرات آلاف المتطوعين إلى أوكرانيا للانضمام إلى قواتها، وفقاً لوزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا.
وجاء ذلك بعد إعلان الرئيس الأوكراني أن بلاده ستنشئ "فيلقاً دولياً" للمتطوعين من الخارج، لكن وإلى جانب المتطوعين، أكدت صحيفة "التايمز" البريطانية أن أوكرانيا تقوم بتجنيد "مرتزقة ماهرين" لتنفيذ عمليات داخل البلاد، تشمل مواجهة المرتزقة التي يرسلها الكرملين وجهاً لوجه، مقابل مبالغ تصل إلى 2000 دولار يومياً.
وكشف ضابط من الصف الأول ضمن أحد فصائل المعارضة السورية المسلحة، لمنظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، بدء عمليات التسجيل للذهاب إلى أوكرانيا.
وقال "هنالك عمليات تسجيل حالياً تتم في مناطق السيطرة التركية، وعمليات التسجيل هذه تتم بناء على رغبة الفصائل بقتال الروس"، نافياً أن يكون التسجيل بطلب من المخابرات التركية.
كما أكد مقاتل في أحد فصائل المعارضة للمنظمة أنه قام بتسجيل اسمه للذهاب إلى أوكرانيا عبر "أحد الأمنيين في فرقة السلطان مراد (مقربة من تركيا) والتي قاتلت في أذربيجان".
وكان مقاتلون من فصائل المعارضة السورية قد أرسلوا كمرتزقة للقتال في منطقة نارغوني كاراباخ إلى جانب أذربيجان ضد أرمينيا في الحرب التي نشبت بين الطرفين عام 2020.
الفقر يدفع الأفارقة إلى الموت
وتثير مسألة تجنيد مقاتلين عرب للانخراط في الحرب الأوكرانية جدلاً واسعاً في دول عربية أخرى أيضاً ومنها تونس. فقد أكد مصدر بوزارة الخارجية التونسية أن السلطات بصدد التحري عما ذكرته تقارير صحفية من مزاعم حول عمليات تجنيد لرعايا تونسيين موقوفين في السجون الأوكرانية للمشاركة في الحرب ضد القوات الروسية.
وعرضت إذاعة "موزاييك" الخاصة في تونس استمارة باللغة الأوكرانية، تعود إلى تاريخ 25 شباط/ فبراير الماضي، يتم ملؤها من قبل سجناء تونسيين وجنسيات أخرى، وهي تمثل مطلباً موجهاً إلى مدير السجون ومراكز الإيقاف والرئاسة الأوكرانية، للمشاركة في الحرب ضد روسيا.
وأوضح مدير الدبلوماسية العامة والإعلام بالوزارة محمد الطرابلسي لوكالة الأنباء الألمانية أن السلطات التونسية تواصلت مع سفير أوكرانيا لدى تونس، "لكنه أكد لنا بأنه لا صحة لهذه التقارير"، على حد تعبيره.
ويبدو أن دعوة أوكرانيا المقاتلين الأجانب إلى المشاركة في القتال إلى جانبها تلقى إقبالاً في دول أفريقية، ففي السنغال تم الإعلان عن تجنيد 36 شخصاً للمشاركة في الحرب ضد روسيا، وفي نيجيريا وصل هذا العدد إلى 115 شخصاً، بحسب صحيفة "ذا غارديان" النيجيرية، وقد عبر البلدان لكييف عن استيائهما من دعوتها إلى القتال في أوكرانيا.
ويرى ريان كامينغر، وهو مدير شركة استشارية لإدارة المخاطر الأمنية في جنوب أفريقيا، أن أوكرانيا قد تستفيد من الظروف الاقتصادية الصعبة في أفريقيا لجذب المقاتلين الأجانب.
ويضيف "قد يرى المواطنون الأفارقة فرصة اقتصادية من المشاركة في هذا الصراع".
ويبدو أن الطالب الكيني كيمانزي نشون، منهم إذ يقول "إذا قررت أوكرانيا أن تدفع لي مبلغاً كبيراً من المال، وأنا أعلم أنني لا أستطيع كسبه هنا، فبالتأكيد سوف أذهب إلى هناك وأقاتل".
وتفكر الكينية بياتريس كالوكي مثله، وتقول "أفضّل الموت على خط المواجهة في أوكرانيا وأنا أعلم أنه سيتم تعويض عائلتي حتى بعد وفاتي، بدلاً من الموت في كينيا من الاكتئاب بسبب معدل البطالة الجنوني".