لعنة صدّام حسين تُحاصر مدينة عراقية.. ما سر التعقيدات الأمنية؟

شفق نيوز/ ما تزال قضية عودة أهالي مدينة العوجة، مسقط
رأس رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين، محل جدل واسع، إذ تواجه تعقيدات أمنية
تعيق رجوعهم إلى ديارهم، وسط إجراءات مستمرة وحوارات متقدمة بين الجهات المعنية
والقوات الماسكة للأرض.
وتقع بلدة العوجة على ضفة نهر دجلة، وتبعد نحو 10 كيلومترات
جنوب مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، وتكتسب المنطقة أهمية استراتيجية
ورمزية كونها مسقط رأس صدام حسين.
وشهدت المنطقة أحداثاً بارزة خلال حقبة تنظيم داعش، حيث
وقعت معركة تكريت الثانية، التي استعادت فيها القوات العراقية السيطرة على المدينة
بعد معارك ضارية ضد التنظيم الإرهابي.
وكانت تكريت قد سقطت بيد داعش خلال الهجوم الذي شنه
التنظيم في يونيو/حزيران 2014، حيث استولى على مجمع القصور الرئاسية.
كما تعد المدينة ذات رمزية خاصة بالنسبة للعراقيين،
خصوصاً وهي كانت نفس المكان الذي اعتقل فيه صدام حسين بعد الغزو الأمريكي للعراق
عام 2003، ومن ثم محاكمته وإعدامه شنقاً.
أما بلدة العوجة، التي يقطنها أفراد من عشيرة صدام حسين،
فما يزال غالبية سكانها بعيدين عنها، إذ استقر معظمهم في أحياء تكريت أو في إقليم
كوردستان العراق، وسط تعقيدات أمنية تعيق عودتهم إليها.
تعقيدات أمنية
في هذا الصدد، يؤكد محافظ صلاح الدين، بدر الفحل، أن
"اللواء 35 التابع للحشد الشعبي يسيطر بشكل كامل على منطقة العوجة"،
مشيراً إلى أن "هناك تعقيدات أمنية تعيق عودة الأهالي، حيث لا يمكنه بصفته
رئيس اللجنة الأمنية في المحافظة دخول المنطقة إلا بعد الحصول على موافقة من
اللواء المسيطر عليها".
ويضيف الفحل، في تصريح متلفز، تابعته وكالة شفق نيوز، أن
"الأهالي يواجهون عقبات في العودة بسبب الإجراءات الأمنية، وإذا كان المحافظ
نفسه لا يستطيع دخول المنطقة، فكيف يُسمح لسكانها بالعودة إليها؟".
من جانبه، يقول رئيس مجلس صلاح الدين، عادل الصميدعي،
لوكالة شفق نيوز، إن "موضوع عودة أهالي العوجة إلى مناطقهم يحتاج بعض الوقت،
إذ توجد حوارات متقدمة مع اللواء 35 من الحشد الشعبي"، مبيناً أن
"القوات الماسكة للأرض لا تمانع عودتهم، لكنها تنتظر إتمام بعض الترتيبات
الفنية لضمان العودة الآمنة".
ويشير الصميدعي، إلى أن "عدد سكان العوجة يُقدر بنحو
3 آلاف شخص، وهم مستقرون حالياً في تكريت وإقليم كوردستان العراق، وأن جميع
الإجراءات الأمنية الخاصة بتدقيق ملفاتهم جاهزة، ولا توجد أي موانع أمنية تحول دون
عودتهم".
وبحسب الصميدعي، فإن القوات الأمنية تسعى إلى تأمين
المنطقة بالكامل قبل السماح بعودة النازحين، وذلك لضمان استقرار الأوضاع ومنع حدوث
أي اضطرابات مستقبلية، مشيراً إلى أن عودة السكان ستسهم في تعزيز الأمن والاستقرار
بالتنسيق مع الحشد الشعبي.
عودة معلقّة
بدوره، يلفت عمر التكريتي صاحب الـ 59 عاماً، أحد سكان
العوجة، في حديثه للوكالة إلى إن "أهالي العوجة أكملوا جميع الإجراءات
القانونية المطلوبة للعودة إلى مناطقهم، بما في ذلك التدقيق الأمني والاستخباري،
لكنهم ما زالوا ينتظرون قرار العودة الفعلي".
ويبين أن "غالبية سكان العوجة استقروا في أحياء
تكريت، بينما لجأ آخرون إلى إقليم كوردستان، خصوصاً في أربيل ودهوك، لكن الجميع
يترقب السماح لهم بالعودة إلى منازلهم لإعادة الحياة إلى منطقتهم التي دمرها تنظيم
داعش خلال سيطرته عليها".
في سياق متصل، يذكر حسين الجبوري صاحب الـ 67 عاماً، أحد
سكان تكريت، إن "اسم العوجة لا يزال مرتبطاً بصدام حسين، ما يجعل عودة سكانها
مسألة مثيرة للجدل"، مضيفاً أن "المنطقة ارتبطت بذاكرة العراقيين بفترة
حكم صدام وما شهدته البلاد من حروب وأزمات".
وينبه الجبوري، إلى أن "البعض يرى أن العوجة مدينة
غير مرغوب فيها بسبب ارتباطها بصدام حسين، لكن في النهاية، سكانها عراقيون ومن
حقهم العودة إلى مناطقهم، ولا يمكن تعميم حكم على الجميع بسبب انتمائهم الجغرافي".
كما يشيد الجبوري، بـ "الجهود الأمنية التي حررت
المنطقة من داعش، والتي تعمل الآن على ضمان استقرارها قبل السماح بعودة الأهالي".
ومع جميع هذه المعطيات والأسباب، يبقى مصير العوجة
وسكانها معلقاً بين الحوارات الأمنية والتعقيدات الميدانية، حيث ينتظر الأهالي
نتائج المباحثات الجارية، وسط آمال في إيجاد حل يضمن عودتهم إلى مناطقهم واستئناف
حياتهم بشكل طبيعي وإعادة الروح لمناطق تركت منذ سنوات.