في دبي.. فنان تشكيلي كوردي يروي انطباعاته عن العراق وإقليم كوردستان بالألوان (صور)
شفق نيوز/ سلطت صحيفة بريطانية، الضوء على أعمال الفنان الكوردي وليد سيتي المقام حالياً في "معرض ميم" الفني بمدينة دبي الإماراتية، بعنوان "البناء الهش" والمستوحى بدرجة كبيرة من منارة المئذنة الملوية في مدينة سامراء، تناول فيه حقبة النظام السابق، كما عكس الهوية الكوردية عبر لوحاته.
وأشارت صحيفة "ذا ناشيونال" البريطانية في التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى "أهمية المئذنة الملوية في سامراء بالنسبة إلى وليد سيتي، وهو رسام وفنان تشكيلي كوردي عراقي مقيم في لندن حالياً، حيث كان يزور سامراء برحلات بالحافلة أثناء انتقاله بين إقليم كوردستان ومعهد الفنون الجميلة في بغداد الذي تخرج منه في العام 1976".
ملوية سامراء الملهمة
ولفت التقرير الى ان "المئذنة المخروطية الشكل هي من بقايا المسجد المشيد في القرن التاسع الميلادي، وأمر ببنائه الخليفة العباسي المتوكل، وكان المسجد الاكبر في العالم في ذلك الوقت، ولم يبق منه الان سوى جداره الخارجي ومئذنته التي كان لها تأثير دائم على وليد سيتي لكنها صارت أكثر تاثيراً على ذاكرته بعدما اضطر الى مغادرة العراق خلال ثمانينيات القرن الماضي، هربا من الاضطهاد البعثي، حيث سافر الى يوغوسلافيا السابقة واستقر في نهاية الامر في لندن".
واشار التقرير الى انه "بالنسبة الى فنان يعيش في المنفى، والذي ظل يراقب التطورات السياسية في المنطقة من بعيد، فإن هذا المعلم أصبح بالنسبة اليه رمزا للقوة وللطبيعة المحفوفة بالمخاطر والهشاشة".
ونقل التقرير عن سيتي قوله ان "البرج كان مصدر إلهام بالنسبة ليّ منذ ان كنت طالبا في بغداد خلال سبعينيات القرن الماضي، وعندما كنت في الخارج في المنفى، اصبحت افتتاني به يكبر أكثر".
وبحسب التقرير، فإن "سيتي يتناول برج المئذنة من خلال جوهره المجازي في لوحاته الكبيرة بالحبر، حيث تتميز الهياكل التي تلوح في الافق في اعماله، للتعبير عن الحيوية بالحركة، وايضا عن الهشاشة كما لو انها على وشك الانهيار، لكنه ايضا يأخذ بالاعتبار روعة بنائها وتصميمها، ويشيد بذلك بمهندسها المعماري المجهول".
وتابع التقرير ان "هذه القطعة مهمة لانها تشير ايضا الى الوقت الذي تسلقت فيه سيتي البرج أخيرا".
برج بابل
ولفت التقرير الى انه "برغم ان سيتي شاهد برج المئذنة مرات لا تحصى خلال شبابه، الا انه لم تتح له الفرصة لتسلقه الا في العام 2019 حيث يصف تجربته هذه بانها لا تصدق، حيث انه تسلقها والتقط صورا لها وساعده احدهم على التقاط صور من خلال طائرة مسيرة".
ونقل التقرير عن سيتي قوله ان "البرج قائم على ارض مستوية ويمكن رؤيته من كل مكان، والتسلق يبدأ من دائرة اوسع وكلما صعدت للاعلى، تصغر الدائرة ببطء. وبالنسبة للناس، فانه يذكرنا ببرج بابل. لقد كان مصدر الهام للفنانين والمهندسين المعماريين في جميع انحاء العالم".
لكن المئذنة الملوية، وفقا للتقرير، "ليست البناء الشاهق الوحيد الذي يتناوله سيتي في اعماله الفنية، فهناك ايضا لوحة (تحية) الى رفعت الجادرجي والتي رسمها في العام 2023، حيث يكرم سيتي المهندس المعماري العراقي التركماني من خلال تصوير تصميمه لمبنى شركة التامين الوطنية الذي لم يعد قائما حاليا في الموصل".
ونقل التقرير عن سيتي قوله انه "تم انشاء شركة التامين الوطنية خلال الستينيات، وقد استخدم تنظيم داعش الجزء العلوي كموقع للقناصين، ثم بدأوا برمي الناس من هناك، وأصبح الموقع يحمل سمعة سيئة للغاية، وتعرض لأضرار شديدة خلال الحرب، وناقش الناس في الموصل ما اذا كان يجب الاحتفاظ به ام هدمه، ثم هدموه في نهاية الامر. وبالنسبة لي، فهو يجسد دورة والاعمار والتدمير هذه".
الهوية الكوردية
ويتطرق سيتي في اعماله ايضا الى جوانب الهوية الكوردية، لافتاً إلى أن لوحته المسماة "الجبال البيضاء"، التي رسمها في العام 2019، تمثل لوحة ثلاثية تصور القمم المغطاة بالثلوج في اقليم كوردستان، حيث ان للجبال مكانة مهمة في الثقافة الكوردية.
ونقل التقرير عن سيتي قوله ان الجبال "ملجأ ومصدر للمياه والاشجار والفاكهة، ومصدر رزق كامل للشعب الكوردي. حاولت تصوير الجبال على انها موطن للكورد".
ولفت التقرير ايضا الى لوحة اخرى تحمل اسم "القمم البيضاء" التي تصور سلسلة من الجبال، مضيفا ان "اللوحتين تعتبران بمثابة تكريم للملاذ الذي قدمته القمم للكورد خلال سنوات الاضطهاد".
الدببة والقصر
ويتضمن المعرض فيديو تحت عنوان "الدب المضطرب والقصر" وهو عبارة عن مجموعة من المواد الارشيفية واللقطات التي تم تصويرها بواسطة سيتي، ويظهر مجموعة من الكورد وهم يحررون ثلاثة دببة بشكل احتفالي في أحد القصور التي اقامها صدام حسين على الجبال الكوردية.
ويلفت التقرير الى انه بالامكان القول ان "القصور كانت بمثابة وسيلة لصدام حسين للتعبير عن سيطرته على منطقة كانت جغرافيا ذات اهمية قصوى للهوية الكوردية ولبقائهم".
وبعدما ذكر التقرير بجريمة حلبجة التي قتل فيها صدام الاف الكورد، نقل عن سيتي قوله انه "تم اطلاق سراح الدببة في مهبط طائرات الهليكوبتر حيث كان صدام يهبط فيها، وتشتهر هذه المنطقة بانها موطن للدببة بسبب وجود العديد من الكهوف فيها"، فيما يتضمن الفيديو اشارات الى "مقاطع من ملحمة جلجامش القديمة، ويقارن بين سعي الملك الى الخلود وسعي صدام حسين نفسه الى السلطة".
وبحسب سيتي "لقد بنى القصور ليطبع ارثه على الارض الى الابد، وعاد جلجامش متواضعا، ليعيش ويموت مثل اي شخص اخر، وصدام ايضا، في النهاية، فعل الشيء نفسه مجازيا، وكان عليه ان يتقبل مصيره".
واضاف انه في "فيديو القصور والدببة، شعرت انه يلخص ما جرى للعراق ككل وللكورد بشكل خاص".
ترجمة: وكالة شفق نيوز