آفة المخدرات تغزو أم الربيعين وطلبة المدارس "صيد ثمين"
شفق نيوز/ لم تكن الموصل بعيدة عن تجار ومروجي المخدرات حالها حال المدن العراقية الأخرى، إلا أن انتشارها قليلاً مقارنة بتلك المدن، في وقت يستغل تجار المخدرات المراهقين من طلبة المدارس المتوسطة والاعدادية ذوو الاعمار المراهقة.
وابلغت مصادر خاصة وكالة شفق نيوز، بارتفاع نسب تعاطي المخدرات، فضلاً عن التجار والمروجين الذي تم اعتقالهم، وهي نسب تجاوزت الضعف مقارنة بالعام الماضي.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فأن "مكافحة المخدرات في نينوى اعتقلت منذ مطلع العام الجاري اكثر من 80 متهماً مابين تاجر ومروج وبعض المتعاطين، وهذا الرقم لـ3 اشهر من هذه السنة، وهو رقم يعد كبيراً مقارنة بالعام الماضي".
وتقول ذات المصادر إن "مكافحة المخدرات تواجه مشكلة كبيرة في نقص كوادرها، وهذا يؤثر نوعاً ما على عملها، لكن هناك تعاوناً جيداً نوعاً ما من المواطنين، وهذا مايخفف عليها".
أما فيما يخص الانواع المنتشرة من المخدرات فقد بينت المصادر، أن "غالبية التجار يعتمدون على المؤثرات العقلية التي تباع كأدوية لامراض معينة غالبيتها تخص الاعصاب والحالات النفسية وهذه يمكن تسريبها من المذاخر وادخالها الى المدينة بطريقة رسمية، أما المواد الاخرى مثل الكريستال وغيره فهو يدخل الموصل من جنوبها، وينقله بعض سائقي الشاحنات من بغداد، ومناطق أخرى".
ورغم أن "الكريستال" منتشر في المدن العراقية الاخرى، إلا أنه لم ينتشر بذات الصورة داخل الموصل، وغالبية التجار والمروجين الذين يلقى القبض عليهم يتعاملون بالمؤثرات العقلية وذلك لسهولة نقلها وترويجها.
استغلال الأعمار الصغيرة
ويقول الدكتور محمد فاضل حميد وهو استاذ في الجامعة التقنية الشمالية ويعمل ضمن فريق من الاكاديميين شكلته الجامعة للانطلاق بحملات توعية ضد المخدرات، إن "الفئات العمرية التي لاحظوا بان تجار المخدرات والمروجين يستهدفونها هم طلبة المتوسطة والاعدادية، وهذا وفق ماحصلوا عليه من معلومات واحصائيات من مكافحة المخدرات في نينوى ومن الطب العدلي ايضاً".
ونوه حميد في حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "التعاطي لكلا الجنسين، ولم يعد يقتصر على الشباب فقط وهذا مؤشر يعتبر كارثي ان صح التعبير". وأشار إلى أن "نسب التعاطي بين طلبة الجامعة اقل مما هو عليه من الفئات المذكورة، وذلك لان نسب الوعي لديهم مرتفعة نوعاً ما وليسوا صيداً سهلاً للمروجين والتجار".
وأفاد حميد، بأن فريقه "يعمل منذ مدة بحملات توعية يحاول من خلالها تنبيه الشباب حول خطورة التعاطي ونتائجه الكارثية". وقال حميد إن "خطتهم كفريق هي توعية طلبة الجامعات ومن بعدها سيعتمدون عليهم في حملات توعية اخرى".
كما أكد الاستاذ الجامعي ذات الكلام الذي كشفته المصادر الامنية لوكالة شفق نيوز، بأن "نسب التعاطي في الموصل اقل من المدن الاخرى لكنها بدأت ترتفع وتدق ناقوس خطر يهدد اجيالاً من الشباب"، مشدداً على ضرورة "تدارك الامر قبل خروجه عن السيطرة، وهذا مادفعهم للانطلاق بحملات التوعية".
شهادات حيّة
وفي السياق كان لمراسل وكالة شفق نيوز، لقاءاً مع شاب يتعاطى المؤثرات العقلية، وهو طالب في الصف السادس الاعدادي. وقال الشاب (س م) الذي تواصل معه مراسلنا عن طريق وساطة أحد الاطباء الذين يساعدونه في ترك هذه الآفة، إنه "بدأ التعاطي منذ عامين تقريباً وادمن على المؤثرات العقلية، ووصل به الحال الى مراحل صعبة حتى أنه قام بسرقة ذهب والدته واخته من المنزل وبيعه لشراء الحبوب وبعدها بفترة سرق مبلغ من المال من صديقه ايضاً".
وتابع أن "صديقه كشف امره، وبعد أن أخبره بالحقيقة عرض عليه المساعدة بدلاً من ان يفضح أمره، وأوصله الى الطبيب الذي يعالجه حالياً"، مبيناً أنه "ومنذ فترة بدأ يترك التعاطي تدريجياً وتتحسن حالته".
واضاف، "لم اتخيل يوماً ان اصل الى هذا الحال، وأنا مصدوم مما يجري وقد اعترفت لوالدتي بعد أن بدأت حالتي تتحسن، وقلت لها بأنني من سرقت الذهب وكانت مصدومة، لكنها اليوم تحاول مساعدتي بكل الطرق".
واسرد الشاب لمراسلنا , بعض التفاصيل عن العالم الذي كان يعيش فيه قائلاً، إن "الحبوب والمخدرات كانت تباع في المقاهي الشعبية ومتعاطيها يتواجدون هناك، بالاضافة إلى أن البيع يكون احياناً في الاسواق العامة من خلال الوساطات بين شخص وآخر".
وأوضح أن "الكثير من المروجين يستخدمون الدراجات النارية لسهولة التنقل والسرعة واستخدام الطرق الفرعية لعدم المرور بالسيطرات الموجودة في مداخل الاحياء".
أما عن التعاطي في المدارس، فقال الشاب إنه "لا يعلم مدى صحة الامر، فهو لم يكن يستطيع الحديث امام اصدقائه عن هذا الامر، ولولا أن صديقه كشف امره وساعده من خلال احد الاطباء من اقاربه لكان اليوم مستمر بالسرقة للحصول على الحبوب".
وتابع بالقول، "اشعر بانني مجرم بين الناس واصبحت اشعر بالخوف حتى عندما ارى دورية شرطة رغم انني بدأت ابتعد الا ان الخوف يسيطر علي".
هذا وقد حذر النائب نايف الشمري في وقت سابق من آفة المخدرات، وقال لوكالة شفق نيوز، إن "أكبر خطر يهدد شبابنا بعد الارهاب هي آفة المخدرات وهذه الآفة بدأت تنهش بثروتنا الوطنية من الشباب مثلما ينهش السرطان بجسد المريض".
واشار الشمري الى "نقطتين اعتبرهما مهمتان في محاربة هذه الظاهرة، الاولى هي تكاتف الجميع من شيوخ دين وشيوخ عشائر ومنظمات مجتمع المدني في مساندة الجهات المسؤولة عن مكافحة المخدرات والعمل كيد واحدة، جهة تعمل على التوعية وجهة تلاحق من يتاجر بالمخدرات".
أما النقطة الثانية، وفق الشمري، "هي تشريع قوانين صارمة لمعاقبة المتعاطين والمروجين وتجار المخدرات من أجل وضع حد لهذا الانتشار الذي بدا واضحاً من خلال الكميات التي تضبطها الجهات الامنية بين الحين والاخر".
وحذر النائب عن نينوى، "من خطورة الوضع في حال عدم وضع حد لهذه الظاهرة"، مشيراً إلى أن "النتائج في السنوات القادمة ستكون لاتحمد عقباها وقد لا نتمكن من السيطرة عليها إذا تفشت بصورة كبيرة بين فئات المجتمع".