غيرت انطباعات الخليج وكسرت العزلة.. البصرة تعيد للعراق مجده الغائب
شفق نيوز/ سلط تقرير أمريكي، الضوء على حسن الضيافة والاستقبال والكرم الذي أظهره العراقيون (البصريون) تحديداً، تجاه الوفود والزوار الذين تدفقوا على مدينة البصرة لحضور بطولة كأس الخليج العربي، بنسختها الـ25، وكيف كانت البطولة التي تختتم منافساتها غداً الخميس، مناسبة للتعبير السياسي حول العلاقات مع الجيران العرب، في ظل الجدل الذي أثير حول تسمية "الخليج العربي".
تاريخ العراق
واستعاد تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، ترجمته وكالة شفق نيوز، يوم الافتتاح الأول للبطولة في البصرة (6 كانون الثاني/يناير الجاري)، واستحضار السندباد من قصص "الف ليلة وليلة" ونهوضه لتحية الحشود المجتمعة في الملعب وسط ألعاب الإضاءة والليزر، بينما كان الموسيقيون والراقصون يصطحبون الحضور في رحلة عبر آلاف السنين من التاريخ العراقي.
وكان العراق ممنوعاً من المشاركة في بطولة الخليج منذ أن قام رئيس النظام السابق صدام حسين، بغزو الكويت عام 1990، ولم يعد إلى المنافسة إلا في العام 2004، ومنذ ذلك الوقت، كان العراق يوصف بأنه غير آمن لاستضافة البطولات الرياضية.
وأنهى العراق، باحتضانه بطولة كأس الخليج، 43 عاماً من العزلة الكروية، إذ سعى عبر هذه البطولة، وفقاً للصحيفة الأمريكية، طي صفحة عقود العنف والاضطرابات.
ومن شأن هذه البطولة، بحسب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي تحدث إلى جانب ضيوف عرب ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، جياني انفانتينو، أن تساعد في تعزيز العلاقات بين العراق وبقية دول الخليج، كما تعتبر مؤشراً على تعافي البلد.
وفي هذا السياق، قال المشجع الإماراتي عبد الرحمن مشعل (40 عاماً): "كنا نتصور ان الوضع الامني سيكون سيئا وان الميليشيات هي المسيطرة، وكنا نظن ان مواطني الخليج غير مرحب بهم بسبب النفوذ الايراني، إلا أننا فوجئنا بواقع مختلف"، بحسب "واشنطن بوست".
فرصة أولى
وربطت الصحيفة الأمريكية، في تقريرها بين بطولة كأس العالم الأخيرة في قطر، وبطولة كأس الخليج العربي في بالبصرة، بالقول إن "الأولى كانت مناسبة على تعريف العالم الخارجي بثقافة الخليج، أما الثانية فكانت بالنسبة إلى العديد من مواطني الخليج بمثابة الفرصة الأولى لهم لخوض تجرية عراقية".
واعتبرت الصحيفة، أن "إقامة خليجي 25 في البصرة، فرصة نادرة للعراقيين لمشاهدة مباريات كرة القدم الدولية على أرضهم، وربما كأكثر أهمية، أنها فرصة للتعبير عن اعتزازهم الوطني والتضامن الإقليمي".
وفي هذا الصدد، قال حسام مثنى (27 عاما) سائق سيارة أجرة من البصرة: "برغم المنافسة الحادة بين دول الخليج للفوز بالبطولة، فإن الأكثر أهمية هو تكريم ضيوفنا بعد غيابهم الطويل"، مضيفاً "نحن جيران وأبناء عمومة، حتى لو ابعدتنا الظروف السياسية الخارجية".
الجماهير الخليجية
ولفت التقرير، إلى أن "أكثر من 50 ألف زائر تدفق من الخليج إلى العراق خلال الأسبوعين الماضيين، حيث خففت السلطات القيود العبور عبر الحدود ومنحت تأشيرات الفيزا مجاناً، وتوجهوا الى البصرة، حيث رفعت لافتات ورايات الترحيب بهم".
وتوافدت الجماهير على مدار أيام البطولة، إلى الكورنيش الممتد على شط العرب والذي يعتبر أهم مناطق الاستقطاب السياحي في البصرة، بينما كانت الشوارع حافلة بالحماس والاثارة، خصوصا خلال المباريات.
ونوهت الصحيفة، في تقريرها إلى فوز المنتخب العراقي على اليمن 5-0، بالقول: "اشتعل الرقص وامتلأت السماء بالألعاب النارية، فيما يمثل فرحة تتخطى الرياضة".
ونقل التقرير عن بائع قهوة على الكورنيش يدعي أحمد الذي يرفض ان يتقاضى ثمن القهوة من زبائنه الخليجيين، قوله "نحن فرحون للغاية بوجود اخواننا.. ونأمل ألّا ينتهي".
وأكدت "واشنطن بوست" في تقريرها، أن "بعد امتلاء فنادق المدينة بالجماهير الخليجية، عمد مواطنو البصرة الى فتح منازلهم لاستقبال الضيوف الذين غمرتهم مظاهر الكرم".
ونقلت الصحيفة، عن إبراهيم علي (40 عاما) الذي قام بالسفر من سلطنة عمان إلى البصرة، قوله "من دون مبالغة، الجميع مستعدون لاستضافتك، والمدينة بقيت مستيقظة طوال الليل والنهار.. وحتى أن سائقي سيارات الاجرة كانوا يرفضون عندما نحاول أن نسدد لهم أجورهم".
اما سالم مبارك (37 عاما) الذي جاء من الكويت، فقال باندهاش "جئت بسيارتي الخاصة قبل أسبوع، وحتى الآن لم أنفق ديناراً واحداً.. كل شيء مجاني هنا".
بينما رحيم علي (54 عاما) الذي أمضى حياته كلها في البصرة، قال "يجب ان نعبر عن الدعم للضيوف لكي يشعروا كأنهم في وطنهم.. هل بامكانك ان تتصور ان الكويتي الذي احتله العراق قبل 30 عاما سياتي إلى هنا ليلعب كرة القدم معنا ويغني عن حب العراق؟".
الخليج والسياسة
ولفتت الصحيفة في تقريرها، إلى أن "البطولة لم تسلم تماما من الجدل السياسي، إذ عارض إيران دائما استخدام تعبير (الخليج العربي) لوصف البطولة الخليجية، معتبرة أن الاسم هو (الخليج الفارسي).
واستدعت طهران الأسبوع الماضي السفير العراقي، وقدمت له احتجاجا، لكن السوداني قلل من أهمية الخلاف، قائلاً في مقابلة صحفية "نحن نحترم جميع الآراء، ونحن جزء من النظام العربي وحريصون على استدامة علاقتنا مع دول الخليج العربي".
أما المواطنون العراقيون فكانوا أقل انضباطا في التعبير عن مواقفهم على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كثفوا استخدام هاشتاغ "الخليج العربي" على منصة تويتر.
وقال المهندس البصراوي محمد البزوني (34 سنة) للصحيفة الأمريكية، إن "ايران طوال عشرين عاماً حاولت نزع الهوية العربية عن العراق بشكل عام وعن المجتمع العشائري في جنوب العراق بشكل خاص.
وأضاف البزوني، أن "ما جرى في في هذه البطولة أثار غضب إيران بشدة، إذ أن الإيرانيين يدركون أن ما بين العراق وشعوب الخليج أكبر من أن يتم كسره".