غائبة رغم شح المياه.. هل باتت الزراعة العمودية ضرورة للعراق؟

غائبة رغم شح المياه.. هل باتت الزراعة العمودية ضرورة للعراق؟
2025-07-11 12:15

شفق نيوز- بغداد

تعد الزراعة العمودية التي كانت يوماً ضرباً من الخيال، إحدى ميزات الثورة التكنولوجية في بعض البلدان، ومنها المجاورة للعراق، وفي ظل ما يتعرض له البلد من عواصف وأزمة تغير مناخي وشح المياه، برزت الحاجة الضرورية لهذا النوع من الزراعة، رغم اختلاف الرؤى بشأن جدواها، خاصة في ظل زراعة محاصيل استراتيجية بحاجة لمساحات واسعة.

ويقول عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية ثائر الجبوري، لوكالة شفق نيوز، إن "تجربة الزراعة العمودية اثبتت نجاحها في بعض البلدان التي لا تتوفر فيها مساحات واسعة لإنشاء مزارع، ما دعا تلك البلدان الى اعتماد الزراعة العمودية لعدد من المحاصيل".

ويضيف الجبوري، أن "الزراعة العمودية في العراق غير ناجحة لأنه يمتلك اراض زراعية شاسعة ويعتمد على محاصيل استراتيجية كالحنطة والشعير والشلب وغيرها"، مبينا، انه "لا يمكن الاعتماد على الزراعة العمودية في المحاصيل الاستراتيجية".

ويشير إلى أن "العراق لا يفتقر الى المساحات الزراعية لكنه يعاني من شح المياه، وان السلطتين التفيذية والتشريعية تسعيان بجد لمعالجة هذه المشكلة التي تشكل ازمة خانقة لم تشهدها البلاد سابقاً"، لافتاً الى "ضرورة تضافر الجهود وتدخل المجتمع الدولي لمعالجة هذه الازمة".  

ويصف خبراء الزراعة العمودية، بأنها ليست تقليدية لانها لا تعتمد على المواسم ولاتحتاج الى التدخل البشري بل تعتمد تكنولوجيا ذكية، ويتم استخدام مياه اقل في المزارع العمودية بنسبة تصل إلى 90% عن المزارع الاعتيادية.

وتعرضت بعض دول الجوار إلى التصحر، بيد أنها بذلت جهوداً في مقاومة التغيرات المناخية من خلال تقوية الغطاء النباتي واستغلال الأراضي الصحراوية بإقامة مشاريع عملاقة كما حدث في إيران والإمارات والسعودية، وجميعها تضم أراضٍ صحراوية واسعة تم استغلالها بمشاريع زراعية وصناعية.

ووفق خبراء، فإن السدود التركية والإيرانية خفضت نسبة المياه الواردة إلى نهري دجلة والفرات في العراق إلى 20 بالمئة، وهو ما عرّض أراضٍ واسعة في العراق إلى التصحر، دون أن تبرم الحكومة على مدى السنوات السابقة اتفاقات رسمية مع هذين البلدين لزيادة الإطلاقات المائية لمعالجة الجفاف.

من جانبه، يبين الخبير الزراعي تحسين الموسوي، أن "الزراعة العمودية ليست صعبة، وان الدنمارك كانت من اوائل الدول الاوربية التي استخدمتها ونجحت بها".

ويشير الموسوي، لوكالة شفق نيوز، أن "الزراعة العمودية لا تقتصر على النباتات وحسب، بل يمكن استزراع بحيرات سمك مغلقة ايضاً، وذلك يعتمد على التنمية المستدامة والبنى التحتية في البلدان"، منوها إلى أن "القائمين على ملف المياه والزراعة في العراق لا يمتلكون ارادة للقيام بهذا المشروع".

ويؤكد، أن "الزراعة العمودية تحتاج الى الخبرة وتدريب الكوادر من خلال استقدام خبرات عالمية لتدريب الفلاحين والمستثمرين"، لافتا إلى أن "شح المياه في العراق يدعو الجهات المعنية للقيام بهذه بتجربة الزراعة العمودية والزراعة المائية".

وينوه خبراء الزراعة الى سهولة ازالة المواد الكيميائية من المزارع العمودية الموجودة في العديد من البلدان  التي تساعد على تقليل الاعتماد على الواردات وتُقلل من البصمة الكربونية.

ونجحت الامارات العربية في ملف الزراعة العمودية المدعومة بجهود حكومية، كون ابتكار هذا النوع من الزراعة يتوافق مع الرؤية الاستراتيجية للدولة.

بيد أن تجربة هذا الابتكار في العراق ما زالت محدودة للغاية، ووفق وكيل وزارة الزراعة مهدي ضمد القيسي، فإن "الزراعة العمودية تعد من التقنيات المهمة لزيادة الانتاج في وحدة المساحة ويترتب على هذه الزراعة قلة في استهلاك المياه".

ويضيف لوكالة شفق نيوز، أن "العراق بدأ بداية موفقة بتجربة الزراعة العمودية باستخدام التقنيات الليزرية والري بالرش، وهي من مقومات هذا النوع من الزراعة"، لافتاً إلى أن "العراق لجأ ايضاً الى الزراعة المغطاة، إلا أن انتشار الزراعة العمودية بشكل واسع يحتاج الى مستلزمات ووعي من قبل المزارعين".

ويؤكد ضمد، أن "وزارة الزراعة تدعم التطور في النشاط الزراعي من خلال دائرة التدريب والارشاد الزراعي التابع للوزارة"، مشيراً الى ان "الوزارة تحث الفلاحين والمزارعين على اعتماد الزراعة العمودية والزراعة المائية التي تعد من الادوات الفعالة في تقليل كلف الانتاج".

ويوضح أن "ملف المياه يشكل تحديات كبيرة دفعت وزارة الزراعة الى ترشيد استخدام المياه واستخدام الطرق الحديثة في الزراعة، ومنها منظومات الري المدعومة للمزارعين من قبل الوزارة بنسبة 30 بالمئة، مع تقسيط مبالغ المنظومات لمدة عشر سنوات وذلك بهدف حث المزارعين على استخدام هذه المنظومة التي تقلل من استهلاك المياه بنسبة تترواح بين 30 الى 40 بالمئة".

وفي حزيران/يونيو الماضي، أعلن مرصد العراق الأخضر، أن نحو 40 بالمئة من أراضي البلاد تعرضت للتصحر، فيما تحولت أكثر من 70 بالمئة من الأراضي الزراعية إلى أراضٍ غير منتجة.

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon