رواتب الكورد في العراق.. "حرب اقتصادية" تنذر بـ"انهيار النظام السياسي"

رواتب الكورد في العراق.. "حرب اقتصادية" تنذر بـ"انهيار النظام السياسي"
2025-06-03 16:02

شفق نيوز/ "حرب اقتصادية تشنها بغداد على إقليم كوردستان منذ عام 2014 ولحد الآن"، هكذا يصف سياسيون ومراقبون تعامل الحكومة الاتحادية مع مستحقات كوردستان، وبينما شددوا على ضرورة إبعاد رواتب موظفي الإقليم عن الصراعات السياسية، حذروا من "انهيار النظام السياسي" حال مقاطعة الحزب الديمقراطي الكوردستاني للعملية السياسية في العراق.

وتفجّر الخلاف مجدداً بين أربيل وبغداد بعد أن اتهم إقليم كوردستان، الحكومة الاتحادية بـ"التمييز" في صرف الرواتب، بسبب تأخرها المتكرر في إرسال المستحقات رغم الاتفاقات السابقة. وردت بغداد بأن السبب هو عدم التزام حكومة الإقليم بتسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية وفق ما نص عليه قانون الموازنة الاتحادية.

وفي محاولة لكبح الأزمة المشتعلة، من المتوقع أن ترسل الحكومة الاتحادية خلال اليومين المقبلين سُلفة مالية إلى إقليم كوردستان لصرف رواتب الموظفين قبل حلول عيد الأضحى، في خطوة تأتي وسط تصاعد الخلافات المالية والدستورية بين الجانبين.

"حرب اقتصادية"

ويعتبر المحلل السياسي الكوردي، محمد زنكنة، أن صرف الأموال "ليست صدقة تجاه شعب كوردستان، بل هو حق شرعي ودستوري، وحسب قانون الموازنة الثلاثية (2023-2024-2025) وحكم المحكمة الاتحادية لعام 2024، فأن الرواتب يجب إرسالها من الخزينة الاتحادية إلى إقليم كوردستان".

ويرى زنكنة خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "هذه حرب اقتصادية تشنها بغداد ضد الإقليم منذ عام 2014، رغم أن حلها سهل يكمن في إبعاد رواتب موظفي الإقليم عن المناكفات والخلافات السياسية بين بغداد وأربيل".

ويشير إلى أن "الاتفاق كان ينص على أن إقليم كوردستان يبعث 400 ألف برميل نفط يومياً إلى المستودعات الاتحادية بالمقابل يحصل على رواتب موظفيه، لكن تم إبلاغه بأن المستودعات الاتحادية لا تتحمل أكثر من 80 ألف برميل يومياً، وحتى هذه الكمية التي يرسلها الإقليم لبغداد لم يحصل منها على أي سنت، كما لم يتم التوصل لاتفاق حول سعر البرميل".

وعن تلويح الحزب الديمقراطي الكوردستاني بالانسحاب، يؤكد زنكنة، أن "الإطار التنسيقي يعي جيداً خطر انسحاب الديمقراطي والأحزاب الكوردستانية من العملية السياسية وعدم مشاركة هذه الأطراف في الانتخابات، لذلك التلويح هو بمثابة التحذير للإطار التنسيقي".

وفيما يخص قانون النفط والغاز، يلفت إلى أن "هناك عدم رغبة لتشريع قانون النفط والغاز لأنه سوف يعطي سلطة للمحافظات والأقاليم بالتصرف بشيء من الحرية الدستورية في أطر المواد 112 و121 من الدستور العراقي".

وبناءً على ما سبق، يستبعد زنكنة إيجاد حلول جذرية، "بل سيتم اتخاذ حلول ترقيعية لحين إجراء الانتخابات".

أزمة مالية

لكن النائب مختار الموسوي، القيادي في منظمة بدر بزعامة هادي العامري، يتوقع التوصل لحل بين الطرفين بـ"التراضي"، لكنه يعتبر "من غير الصحيح تلويح الإقليم بالانسحاب من العملية السياسية في كل فترة عندما يواجه نقصاً في السيولة والضغط على الحكومة الاتحادية، بل عليه ترتيب أموره وفق موازنته الخاصة".

ويوضح الموسوي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "العراق يمر حالياً في أزمة مالية، وجداول موازنة 2025 لم تصل إلى مجلس النواب لحد الآن بسبب الأزمة المالية، في وقت لا يقبل الإقليم محاسبته على كيفية تصرفه بأموال تصدير النفط والغاز".

الدستور وقانون النفط والغاز

وفي ظل هذا الخلاف، تبرز الحاجة للجوء إلى الدستور لحل النزاع، حيث يقول إبراهيم السكيني، عضو ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، إن "الدستور ينظم ويقنن جميع المواد والقضايا التي تخص البلاد من الشمال إلى الجنوب، خاصة قضية رواتب موظفي إقليم كوردستان والنفط والغاز التي دائماً ما تحصل فيها إشكاليات، لكنها تفاقمت حالياً ووصلت إلى طريق مسدود".

ويحمّل السكيني خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مسؤولية صرف رواتب موظفي إقليم كوردستان، مبيناً أن "الإطار التنسيقي يلام على اعتبار أن التقصير هو من قبل مرشحه السوداني، لكن الإطار لا يقبل بأي تقصير من الحكومة تجاه جميع الشعب العراقي من الشمال إلى الجنوب".

وعن اجتماع الإطار التنسيقي بحضور السوداني يوم أمس، يكشف السكيني عن "التوصل في الاجتماع إلى تشكيل لجنة تزور إقليم كوردستان للتفاوض في سبيل حلحلة هذه الإشكاليات".

ويؤكد السكيني، أن "إقرار قانون النفط والغاز يحل جميع هذه الإشكاليات التي تبرز بين الحين والآخر، لذلك على البرلمان أخذ دوره وعقد جلسات لإقرار القانون وحل مشكلة إقليم كوردستان، وكذلك إقرار الموازنة التي لا تزال معطلة في رئاسة الوزراء رغم مساسها المباشر بحياة الشعب العراقي".

كما يدعو السكيني، "السوداني، إلى عقد جلسة برلمانية لكشف جميع الأوراق ليطلع عليها الشعب العراقي".

وفي هذا الإطار، يدعو المحلل السياسي، عائد الهلالي، "الكتل السياسية إلى الجلوس مع الكورد على طاولة واحدة لإجراء نقاش واضح وصريح للتوصل إلى الحلول، حيث إن قضية رواتب الإقليم لم تعد محتملة خاصة بعد تهديد الحزب الديمقراطي الكوردستاني بمقاطعة العملية السياسية، ما قد يؤدي إلى انهيار النظام السياسي في العراق".

ويتوقع الهلالي في ختام حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "أزمة الرواتب لن تستمر طويلاً بل سيتم حلها خلال الأيام المقبلة، لكن تبقى هناك حاجة لإيجاد حلول جذرية لها، من خلال إعادة النظر في الدستور وتعديل بعض مواده التي قد تساهم في حلحلةالأمورجذرياً".

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon