رسائل عابرة للحدود تعيد ترسيم الحشد-الفصائل في العراق
شفق نيوز/ في ظل تطورات إقليمية ملتهبة وأزمات متصاعدة،
أجرى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني زيارة مفصلية إلى إيران، تأتي في
وقت تتشابك فيه المصالح الإقليمية والدولية خصوصاً بين "واشنطن وطهران"، في وقت تباينت الآراء حول
الزيارة التي استمرت يوماً واحداً التقى خلالها كبار المسؤولين بهدف البحث في
العلاقات بين البلدين وتطورات المنطقة.
محورية للمنطقة
ويقول السياسي المستقل، عائد الهلالي، لشفق نيوز، إن
"زيارة السوداني، إلى إيران تأتي في وقت حرج يعصف بالمنطقة، حيث أن هذه
الزيارة تمثل خطوة استراتيجية هامة في تعزيز العلاقات الثنائية بين العراق وإيران
على مختلف المجالات سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية، لذلك يسعى العراق
لتعزيز التعاون مع دول الجوار بما يخدم استقرار المنطقة ويحقق مصالح شعوبها".
ويضيف الهلالي، أن "الطرفين ناقشا خلال الزيارة سبل
تعزيز التعاون المشترك في مجالات التجارة والطاقة والأمن، والعمل على تعزيز
التنسيق السياسي بين البلدين بما يخدم الأمن الإقليمي ويعزز فرص التنمية المستدامة".
ووفقاً للهلالي، فإن العلاقات الثنائية بين العراق وإيران
لها دور كبير في مواجهة التحديات المشتركة وتعزيز الأمن الإقليمي، الأمر الذي يعود
بالنفع على الشعبين العراقي والإيراني، مبيناً أن لقاء السوداني بالرئيس الإيراني
تطرق إلى القضايا الدولية والإقليمية خصوصاً "سوريا وغزة"، كما تم
التأكيد على ضرورة تعزيز التنسيق بين العراق وإيران لمواجهة التحديات المشتركة مثل
الصراعات الإقليمية، والأزمات الأمنية، والتهديدات الإرهابية.
ويشير الهلالي، إلى أن "التأكيد على التضامن بين
العراق وإيران في مواجهة هذه التحديات يعكس إرادة مشتركة في تعزيز أمن واستقرار
المنطقة وحماية مصالح الشعبين في ظل الظروف الدولية الصعبة التي تمر بها المنطقة".
وفي مؤتمر صحفي من طهران، جدد رئيس مجلس الوزراء محمد
شياع السوداني، يوم أمس الأربعاء، تأكيده على احترام إرادة الشعب السوري ودعم أي
إطار سياسي يختاره بنفسه، فيما أكد حرص بغداد على إقامة علاقات متوازنة
مع كل الأطراف الإقليمية والدولية.
أهداف غير معلنة
يذكر أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قد كشف، يوم
الأربعاء، خلال مؤتمر مشترك مع السوداني، عن وجود هواجس مشتركة مع العراق بشأن
التطورات المتسارعة في سوريا، فيما أشار إلى أن احتمالية إعادة تفعيل الخلايا
الإرهابية يشكل هاجساً لطهران وبغداد.
سبق أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان زار العراقي في 11
من أيلول/ سبتمبر الماضي، وقام بجولة لثلاثة أيام شملت بغداد، أربيل، السليمانية،
النجف، كربلاء والبصرة.
من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية، د. عصام الفيلي، إن "كل
زيارة قصيرة لديها أهداف غير معلنة من الطراز الأول أكثر من الأهداف المعلنة، لذلك
يطغى على البيانات المعلنة المفاهيم التقليدية السابقة من تعميق العلاقة ومعالجة
بعض المشاكل".
وفي حديث لشفق نيوز، يضيف الفيلي، أن "زيارة السوداني
حملت رسالة واضحة من العراق لإيران فيما يخص طبيعة الفصائل العراقية التي تنظر
إليها الحكومة العراقية بأنها واحدة من أهم التحديات في مستقبل العلاقة مع
الولايات المتحدة الأميركية، خاصة مع قدوم الرئيس الجديد دونالد ترامب الذي أعلن
عن سياسة خاصة للشرق الأوسط ستنفذ مع بداية استلامه للمنصب بشكل رسمي".
ويرى الفيلي، أن "واحدة من التحديات الأمنية
للولايات المتحدة هي الفصائل المسلحة العراقية التي كانت تستهدف الوجود الأميركي
ليس في العراق فقط وإنما حتى في سوريا والأردن، لذلك تمثل الفصائل تهديداً للأمن
القومي الأميركي، وعليه هناك رسائل أرسلت للعراق وحرص الأخير على نقلها لإيران في
هذا الخصوص".
ويشير المحلل السياسي، إلى أن "تأكيد المرشد
الإيراني علي خامنئي، على بقاء الحشد الشعبي كمؤسسة قوية جاء على خلفية اعتبار
طهران، الحشد قوة عقائدية شيعية، رغم أن الفتوى التي أصدرها المرجع الاعلى علي
السيستاني كانت تخص كل العراقيين".
كما أن المرشد الإيراني أشار إلى قوى المقاومة التي شملت
اليمن ولبنان وغزة دون التطرق إلى فصائل المقاومة في العراق، والكلام للفيلي، الذي
تابع قائلاً "هذا يبدو استراتيجية جديدة لإيران تخص طبيعة قراءة المشهد وما
يتمخض عنه من أزمة كبرى أمام رغبة إيرانية بمعالجات دبلوماسية وتفكيك الأزمة مع
الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة، كما أن إيران تريد أن تبعد بنفسها عن أي
ضربة تستهدف برنامجها النووي".
وكان المرشد الإيراني علي خامنئي شدد خلال لقائه
السوداني، يوم أمس الأربعاء، ضرورة الحفاظ على الحشد الشعبي العراقي وتعزيزه، فيما
وصف وجود قوات أمريكية في العراق بأنه "غير قانوني ويتعارض مع مصالح شعب
وحكومة العراق".
وفي وقت سابق من اليوم، كشف مصدر سياسي مطلع، عن بدء
نقاشات دمج الفصائل المسلحة ضمن المؤسسة الأمنية وكانت أولى الفصائل التي منحت
الضوء الأخضر هي حركة النجباء.
وقال المصدر، وكالة شفق نيوز، إن "عملية اندماج
الفصائل المسلحة بالمؤسسة الأمنية، بدأت، حيث تتم مناقشة آليات محددة لدمج حركة
النجباء وكتائب سيد الشهداء وكتائب حزب الله، فهي تعد خط الصد الأول لما يعرف
بالمقاومة"، مبيناً أن "من شروط الاندماج أن تلتزم هذه الفصائل بقرارات
القائد العام للقوات المسلحة، وأن تعترف بسلاحها ومقارها".
الحفاظ على الحشد
وتعليقاً على خطاب خامنئي، يقول رئيس المركز العربي
الأسترالي للدراسات الاستراتيجية، أحمد الياسري، إن "خطاب المرشد الإيراني
يعود إلى توجهه الذي لم يتغير بالدعوة إلى إخراج القوت الأميركية ومواجهة إسرائيل
واتهام القوى المعادية لإيران بأنها قوى تريد احتلال المنطقة وغير ذلك".
ويضيف الياسري، خلال حديثه لشفق نيوز، أن "موضوع
الحشد الشعبي والفصائل يبقى شأن داخلي عراقي وتفصل به القوى الداخلية، أما إيران
فلا يمكنها فرض مسار معين على العراق".
ويتابع الياسري، حديثه قائلاً إن "إيران تعرضت
لانتكاسة في سوريا لذلك هي الآن في حالة من القلق والانزعاج لما لها من تأثيرات
داخلية عليها، فهي تعاني من انكماش في المنطقة وقدوم ترامب سيعزز هذا الانكماش،
وبالتالي ليس لإيران ساحة غير العراق، لذلك تسعى إلى بقاء النظام الحالي، كون أن
العراق يمثل الرئة الاقتصادية لها".
يشار إلى أن مصدراً كشف لشفق نيوز، يوم الإثنين الماضي،
أن قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني، أبلغ رئيس مجلس الوزراء محمد شياع
السوداني، عدم تحفظ إيران على أي قرار يخص مستقبل الفصائل المسلحة في العراق.
هذا والتقى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، يوم
أمس الأربعاء أيضاً، رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني محمد باقر قاليباف، وبحث
اللقاء العلاقات الثنائية بين العراق وإيران، كما تناول اللقاء تطورات الأحداث في
سوريا، حيث جرى التأكيد على وحدة الأراضي السورية، ودعم الأمن والاستقرار فيها،
وضرورة أن يضمن النظام السياسي الجديد حقوق جميع المكونات والأطياف السورية.
مستقبل خطير للعراق
من جهته، يقول السياسي العراقي، مثال الآلوسي، لشفق نيوز،
إن "زيارة السوداني إلى إيران، تأتي في فترة تشهد أعلى تصعيد عسكري ودبلوماسي
ما بين الولايات المتحدة الأميركية وترامب تحديداً وما بين النظام الإيراني".
ويعد الآلوسي، أن "زيارة السوداني إلى طهران هي
رسالة تقول لترامب إن العراق مع إيران، ونحن جزء من استراتيجية حماية حكومة طهران،
وهذا قد يدفع إلى عقوبات قاسية على العراق والعراقيين من قبل ترامب وإدارته
الجديدة".
ويضيف النائب العراقي السابق، أن "زيارة السوداني،
هي اعطاء ضوء أخضر خطر إلى إسرائيل بأن العراق يقف مع إيران وما قامت به إيران
مدعوم عراقياً"، مبيناً أن "الفصائل العراقية التي قصفت إسرائيل مدعومة
حكومياً وإن كانت التصريحات الحكومية الدبلوماسية تنكر وترفض ذلك".
ويخلص السياسي العراقي إلى القول إن "الزيارة ستكون
لها تداعيات خطيرة وكبيرة، وستجعل من العراق هدفاً لأمريكا وإسرائيل".
وكشفت مصادر سياسية مطلعة، في وقت سابق من اليوم، عن
تفاصيل جديدة تخص لقاء رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مع المرشد
الإيراني علي خامنئي خلال زيارة الأول إلى طهران يوم أمس، مبينة أن "النقاش
ركز على ملف الحشد الشعبي ومستقبله، حيث اتفق الجانبان على عدم حله تحت أي ضغط أو
مسوغ، مع التشديد على اعتماد الآليات الرسمية لحصر السلاح بيد الدولة، بما يضمن
تعزيز سلطة القانون وتحقيق الاستقرار الداخلي".
وكان السوداني، قد أجرى زيارات عديدة إلى دول المنطقة بعد
سقوط نظام بشار الأسد، منها "الأردن والسعودية"، حيث ناقش مع قادة هذه
الدول قضايا أمنية والعلاقات المشتركة وسبل تعزيز أمن واستقرار المنطقة.