رد الدَين.. تحديات ومخاطر العلاقة "الجريئة" للسوداني مع أمريكا
شفق نيوز/ حدد معهد "المركز العربي في واشنطن" الأمريكي التحديات والمخاطر الداخلية والخارجية التي تعترض طريق رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني فيما بعد زيارته إلى العاصمة واشنطن والتي قال خلالها إنه يسعى إلى "إقامة علاقات جريئة جديدة" مع الولايات المتحدة.
وأشار التقرير الأمريكي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن السوداني في منتصف فترة ولايته وأمامه 18 شهراً لتحقيق رؤيته فيما يتعلق بتوثيق العلاقات مع الولايات المتحدة، أو على الأقل لوضعها على المسار الصحيح، إلا أنه بالنظر إلى الضغوط المختلفة والوضع الاقتصادي والأمني، فإن خططه الطموحة ليست مضمونة بكل الأحوال، حيث من المرجح أن تواجه تحديات من قطاعات مختلفة في البيئة السياسية الحالية.
ونقل التقرير عن مصادر أمريكية وعراقية، قولها إن زيارة السوداني كانت ناجحة رغم انشغال إدارة الرئيس جو بايدن بحرب غزة والهجوم الإيراني على إيران في 13 نيسان/ أبريل الماضي.
ولفت التقرير إلى أن المخاطر السياسية كبيرة بالنسبة للسوداني، إذ أنه يدين بتعيينه في العام 2022 لقوى الإطار التنسيقي الذي يضم بعض قوى الميليشيات التي يدينها الكونغرس والتي تطالب بإنهاء الوجود الأمريكي في العراق.
وبعدما أشار التقرير إلى الاجتماعات المكثفة التي شارك فيها السوداني خلال زيارته الأمريكية، قال إنه خلال مقابلاته الإعلامية بدا واثقاً من نفسه، وواضح التفكير، ومتمكنا بشكل نادر من الحقائق والأرقام، بالإضافة إلى أنه كان منضبطا ايضا خلال المقابلات بما فيها مع شبكة "سي ان ان" الامريكية حيث حافظ على رباطة جأشه، برغم أن بعض ردوده كانت مراوغة ولم تكن مقنعة.
علاقة الـ360 درجة
وفي حين لفت التقرير إلى أن السوداني أوضح خلال مقابلاته ولقاءاته، رؤيته لعلاقة "360 درجة" مع الولايات المتحدة، والمجالات العديدة التي يسعى الى توثيقها مع واشنطن في الطاقة والتمويل والصحة والبيئة والتعليم والأمن وغيرها، قال ان السوداني صور العراق على أنه يمثل فرصة ناضجة للاستثمار من جانب الشركات الامريكية، خصوصا في مجال الطاقة والكهرباء.
ومع ذلك، قال التقرير ان البرنامج الطموح الذي طرحه السوداني سيواجه الحقائق العملياتية والسياسية في العراق.
واوضح التقرير انه من الناحية العملية، فإن العراق لا يعاني من الفساد المتجذر، والبيروقراطية، وعملية صنع القرار المشرذمة، والقطاع المالي الهش، والمخاطر الامنية، والقوى العاملة التي تفتقر الى المهارات اللازمة لتحقيق المعايير الدولية، مشيرا الى ا الحكومة تحاول معالجة بعض هذه التحديات وأن بعضها غير قابل للعلاج سريعا مثل الاستعداد المهني، وهو ما يشكل عقبة أمام الاستثمار الغربي.
إلا أن التقرير قال إن "الاكثر خطورة من ذلك هي التحديات السياسية"، موضحا ان تحقيق شراكة بعيدة الأمد مع الولايات المتحدة "يتطلب ارادة سياسية وطنية قد لا تكون موجودة في العراق في الوقت الحالي".
ولفت في هذا الاطار الى التباين بين موقفي الإطار التنسيقي الذي دعم زيارة السوداني لكنه طالب بالتزام حول الانسحاب الأمريكي، بينما أيّد ائتلاف ادارة الدولة الزيارة لكنه لم يسلط الضوء على قضية الوجود الأمريكي.
واشار الى ان الكورد دعموا دائما اقامة علاقات قوية مع واشنطن، بما في ذلك التعاون الأمني والعسكري، كضمانة لأمنهم، مضيفا أن السنة يدعمون بشكل هادئ العلاقات القوية مع واشنطن لتكون قوة موازنة للنفوذ الايراني في العراق.
معارضة السوداني
واعتبر التقرير أن المعارضة الأكثر خطورة لرؤية السوداني قد يكون مصدرها من بعض الميليشيات الشيعية، وتحديدا الفصائل داخل الحشد الشعبي والتي كانت تستهدف المصالح الامريكية في العراق وسوريا وأعلنت مسؤوليتها عن هجمات ضد إسرائيل، حيث ان هذه الفصائل تتأثر بحسابات إيران الاستراتيجية فيما يتعلق بالضرر أو المنافع من الشراكة الامريكية - العراقية على المصالح الاقليمية لايران.
وحذر التقرير من ان الاحداث في المنطقة والتي اكثرها خطورة استمرار الحرب في غزة او الصراع المفتوح مع حزب الله، لن تؤدي سوى الى تعزيز موقف المتشددين الذين يحرضون ضد العلاقات الوثيقة بين العراق والولايات المتحدة.
وفي هذا الإطار، ذكر بموقف كتلة حقوق، الذراع السياسي لكتائب حزب الله، التي طالبت بالمحاسبة على نتائج زيارة السوداني الامريكية، وتحديدا فيما يتعلق بانسحاب قوات التحالف.
ورجح التقرير أن تأتي التحديات الاخرى التي تواجه الشراكة الامريكية المطروحة من قبل السوداني، من جانب منافسيه، موضحا أن العديد من القادة الشيعة وبدافع من طموحاتهم الخاصة ومع تطلعهم الى الانتخابات البرلمانية المقبلة، فانهم لا يرغبون في ان يحقق السوداني النجاح، مشيرا إلى أن السوداني شريك صغير لا يتمتع بقاعدة حزبية، في حين أن قوى الائتلاف اختارته ليكون أداة لإرادتهم وليس ممثلا مستقلا، وسوف يرغب المنافسين في أن يحبطونه.
وبرغم ذلك، لفت التقرير إلى ان قوى الائتلاف ليست كلها متجانسة حيث أنها تضم البراغماتيين الذين يدعمون رؤية السوداني لأنهم يأملون في الاستفادة منها، وهناك الذين يعارضونها لاسباب ايديولوجية او بدوافع التنافس، بالإضافة إلى غيرهم ممن يقفون على الحياد.
وتابع ايضا ان العديد الأحزاب الشيعية تستثمر فعليا في الدولة، وتتمتع بحصة كبيرة من الكعكة الاقتصادية، وهي تعتقد أنه من خلال الشراكة مع الولايات المتحدة، فإن حصتها فيها ستتوسع.
الكورد والسوداني
وذكر التقرير ان السوداني من اجل تعزيز مكانته محليا، فإنه ربما بالحاح من الولايات المتحدة، بذل جهودا لإصلاح العلاقات مع الكورد، على الرغم من المشاكل التي أثارتها المحاكم العراقية فيما يتعلق بعائدات نفط اقليم كوردستان، والتي يعتبرها الكورد غير عادلة ولها دوافع سياسية.
وتابع التقرير ان الحزبين الكورديين، الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، منحا التأييد الكامل لزيارة السوداني الى واشنطن، والعلاقات بين بغداد واربيل أصبحت أفضل مما كانت عليه منذ أشهر.
ولفت التقرير إلى أن السوداني التقى ايضا بقادة في الساحة السنية الممزقة وبدا اقامة مشاريع في معقل السنة في الانبار، في حين بدأ تطبيق برنامجه للخدمات الاجتماعية لكي يكسبالقبول الشعبي. شعبي، ولهذا فإن رئيس الوزراء العراقي يحاول الحصول على الدعم من خارج نطاق قوى الائتلاف الحاكم، ليشمل الاحزاب السياسية الاخرى والناخبين العراقيين.
واضاف التقرير ان السوداني منهمك أيضا بدمج العراق في النسيج الاقتصادي الإقليمي.
الدور الامريكي
وذكر التقرير أنه منذ التوقيع على اتفاقية الإطار الاستراتيجي في العام 2008، وخلال ثلاث رئاسات، فإن الولايات المتحدة كانت تعتبر العراق بأنه ليس أكثر من مشكلة امنية، وكانت السياسة الامريكية تركز على الاحتياجات الأمنية والعسكرية، إلا أن هذه النظرة الضيقة ليست "مستدامة" ولا "دائمة" وتفتقر إلى احتمال الانخراط الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي.
وأضاف التقرير أن تطبيق التفويض الأوسع نطاقا لاتفاق الإطار الاستراتيجي، أصبح الآن ضرورة، وليس ترفا، بالنسبة للبلدين.
وختم التقرير بالقول إنه ما من شك أن هناك عوامل بيروقراطية وسياسية، وربما امنية، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، بما في ذلك الفساد الذي يعتبر مشكلة كبيرة في العراق.
وتابع أنه يتحتم على الولايات المتحدة أن تنظر ليس فقط إلى الفوائد المترتبة على تنفيذ اتفاقية الإطار الموحد، بل وايضا الى تكاليف عدم تنفيذها، بما في ذلك مخاطر عدم الاستقرار في العراق، والقوة المتصاعدة للجماعات المتشددة والتي لها تداعيات اقليمية، وتزايد النفوذ الايراني، والابتعاد المحتمل للعراق بعيدا عن السياسة العربية الاقليمية واحتمال توجهه شرقا نحو روسيا والصين.
ترجمة وكالة شفق نيوز