"ذكريات الدم" تثير موجة اعتراضات عراقية ضد الانفتاح على الشرع

"ذكريات الدم" تثير موجة اعتراضات عراقية ضد الانفتاح على الشرع
2025-04-24 11:32

شفق نيوز/ سلط موقع "ميدل إيست آي" البريطاني الضوء على الجدل الجاري في العراق، بسبب لقاء رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع الرئيس السوري المؤقت احمد الشرع ودعوته له للمشاركة في القمة العربية المقبلة في بغداد، وذلك في وقت تعارض أحزاب وقوى عراقية الانتفاح عليه الى جانب العراقيين من ضحايا عمليات الإرهاب التي يتهمون الشرع بالتورط في قتل أقاربهم. 

وتناول التقرير البريطاني، بترجمة وكالة شفق نيوز، المأساة التي جرت مع "صفاء رشيد" الذي بالكاد كان قد بلغ سن الرشد في العام 2005 عندما وقع انفجار في بغداد ادى الى مقتل ابن عمه البالغ من العمر 21 عاما، وهو طالب جامعي كان يعمل بدوام جزئي في متجر للأدوات الكهربائية في وسط العاصمة. 

ونقل التقرير عن رشيد الذي اصبح عمره الآن 38 سنة، ولا يزال يقيم في بغداد، قوله ان "انتحاريا اقتحم السوق وفجر حزامه الناسف، مما ادى الى مقتل ابن عمي وعشرات الابرياء خلال لحظة... لقد كان في بداية حياته". 

ولفت التقرير إلى أن صفاء خسر اثنين من أبناء عمومته في العام نفسه في تفجيرات قام بها تنظيم القاعدة، الجماعة التي تطورت لاحقا لتصبح تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق" (الذي أصبح لاحقا تنظيم الدولة الإسلامية)، والمسؤولة عن عشرات الآلاف من الضحايا في العراق وخارجه.

وبعدما قال التقرير ان من بين من انضموا الى حملة القاعدة في العراق في ذلك الوقت كان "احمد الشرع"، والذي ظهر لاحقا في سوريا باسم "ابو محمد الجولاني"، وتمكن في العام الماضي من إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، أشار إلى أن الشرع الذي أصبح الحاكم الجديد لسوريا، وتخلص من روابطه بمرحلة وجوده في تنظيم القاعدة، الا ان احتمال حضوره القمة العربية في بغداد في أيار/مايو المقبل، أثار غضب ضحايا تنظيم القاعدة في القاعدة وخلفائه، بالاضافة الى عشرات النواب الذين يحاولون منعه من الحضور.

ونقل التقرير عن رشيد قوله إن "الجولاني هو وجه الإرهاب.. ويجب محاسبته، حيث خسرت ثلاثة من أبناء عمومتي بسبب عنف جماعته... كيف يتم استقبال شخص كهذا كما لو كان ضيف شرف؟". 

وفي حين لفت التقرير الى دعوة السوداني الشرع لحضور القمة العربية ولقائهما الأخير في الدوحة، اعتبر التقرير ان الحكومة العراقية كانت واحدة من الحكومات القليلة في المنطقة التي حافظت بشكل مستمر على علاقاتها مع الرئيس السوري السابق، الا ان العراق، كالعديد من الدول العربية الاخرى، يبدو انه يحاول دمج سوريا ما بعد الأسد، دبلوماسيا، على أمل انهاء حالة الاضطراب التي تسببت بها الحرب الاهلية السورية التي استمرت 13 عاما.

غير التقرير اشار الى ان توجيه الدعوة إلى الشرع، أثار غضب الكثيرين، حيث رفع نحو 50 نائبا من عصائب اهل الحق وكتائب حزب الله، وهما من الفصائل التي قدمت الدعم عسكريا للأسد ضد الشرع وجماعات معارضة سورية اخرى، دعاوى جنائية أمام المحاكم العراقية ضد الرئيس السوري الجديد. 

إلا أن التقرير قال إن مجلس القضاء الأعلى لم يقم بأي إجراء رسمي حتى الآن، ومع ذلك فانه كان أصدر بيانا في وقت سابق يفيد بأن العديد من وثائق الشكاوى المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، مزورة وليست حقيقية. 

وتابع التقرير أن زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي وصف توجيه دعوة الى الشرع، بانها "سابقة لأوانها" محذرا من حدوث ازمة دبلوماسية بين "الدولتين الشقيقتين" في حال اعتقاله، مضيفا في تدوينة على موقع "اكس"، انه بناء على مبدأ فصل السلطات، فإنه يجب على الكل الالتزام بقرارات القضاء العراقي واحترامها. 

اما القيادي في كتائب حزب الله أبو علي العسكري، فقد وصف الشرع بأنه "مجرم مدان"، مثلما أشار التقرير البريطاني. 

واضاف التقرير ان الشرع ذهب من سوريا الى بغداد في العام 2003 للانضمام الى تنظيم القاعدة، وأنه سبق له أن نفى قربه من زعيم التنظيم أبو مصعب الزرقاوي الذي أعلن حربا شاملة على الشيعة "اينما كانوا في العراق".

كما اشار التقرير الى ان الشرع سبق له ان قال ان فترة انضمامه الى تنظيم القاعدة كانت بشكل اساسي من اجل اكتساب الخبرة القتالية، أكثر من كونه من اجل اقامة "الخلافة" أو فرض الشريعة الاسلامية المتطرفة التي يطبقها التنظيم. 

كما لفت إلى أن الشرع قال في مقابلة مؤخرا أنه خلال فترة وجوده في مجموعة من المنشآت التي ادارتها الولايات المتحدة، بما في ذلك سجن ابو غريب، تبدل موقفه من الصراع وبدأ يتشاجر مع اعضاء اخرين في تنظيم القاعدة بسبب دعمهم العلني للطائفية.

وبالاضافة الى الاشارة عبر مواقع تيليجرام عراقية وثائق تقول انها تتعلق بتورط الشرع في أفعال تنظيم القاعدة في العراق، قال التقرير ان حزب الدعوة الاسلامي الذي كان يتولى رئاسة الحكومة خلال معظم فترة تمرد تنظيم القاعدة في العراق وداعش، انتقد توجيه دعوة الشرع لزيارة العراق، من دون تسمية اسم رئيس الوزراء السوداني. 

ولفت التقرير إلى أن الحزب قارن الموقف من الشرع بالموقف من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا الى ان العراق يجب ان يتصرف بنفس الطريقة "تجاه من ارتكبوا جرائم شنيعة بحق شعبه، مهما كانت المبررات، احتراما للدماء العراقية ووفاء للشهداء الذين ضحوا بارواحهم من اجل كرامة الوطن وشرفه". 

وتابع التقرير انه رغم ان العديد من جيران سوريا حاولوا إعادة إنشاء الروابط مع سوريا بعد هزيمة الاسد، الا ان عددا كبيرا من المجتمع الدولي ظل حذرا، خصوصا بعد اندلاع العنف الطائفي في الساحل السوري مؤخرا. 

واضاف التقرير ان المعارضة العراقية للقاءات الدبلوماسية مع الشرع، لم تكن من كل الاطراف العراقية، حيث أكد عدد من النواب على ضرورة الحوار بين البلدين بعد عقود من العنف، بما في ذلك خميس الخنجر الذي أشاد بالاجتماع في قطر بين السوداني والشرع حيث وصفه بأنه "يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون العربي، وتعزيز مبادئ الحوار والعمل المشترك لمواجهة التحديات الراهنة، وبناء جسور الثقة والتكامل بين شعوبنا، وخدمة أمن واستقرار منطقتنا". 

وختم التقرير بالقول إنه في ظل استمرار آلام عقود سفك الدماء ماثلة في أذهان العديد من الناس في العراق، وفي ظل استمرار احفاد تنظيم القاعدة في العراق في خلق الفوضى في أجزاء من العراق، فإنه المرجح أن تثير زيارة الشرع المزيد من التنديد.

ونقل التقرير عن رشيد قوله "إن دعوة الشرع لزيارة بغداد اعادت الى اذهان عائلات الضحايا، الذكريات المؤلمة. ولا يزال الكثير منهم ينتظرون العدالة بعد نحو عقدين من أسوأ سنوات وهجمات القاعدة التي تلت العام 2003". 

ترجمة وكالة شفق نيوز

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon