خفايا غير معلنة بتظاهرات السليمانية.. نداء مستعجل من كوردستان إلى واشنطن
شفق نيوز/ نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، مقالا للباحث الكوردي فرهنكَ نامدار، حول تأثير التوترات الاميركية – الايرانية على إقليم كوردستان، معربا عن قلقه من ان تحول الإقليم الى ساحة معركة بين الاميركيين والايرانيين فيما يواجه أسوأ مراحله الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وبعدما اشار الى الاحتجاجات الاخيرة التي شهدها الاقليم وسقوط ضحايا، اعتبر الكاتب ان الامل الاخير للشعب تلاشى بعد المفاوضات المالية غير مثمرة استمرت ثلاثة اعوام بين حكومة الإقليم وحكومة بغداد حول الميزانية، ما ترك شعب الإقليم تحت وطأة الخراب.
وكان المطلب الأساسي لحكومة الإقليم في المفاوضات تأمين ما يكفي من المال من أجل تسديد رواتب الموظفين، فيما أرادت بغداد ان تدفع هي موظفي الاقليم بنفسها، ما قد يقوض القاعدة الاجتماعية لحكومة الاقليم.
وأكد كاتب المقال الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، على العلاقات الجيدة التي تربط إقليم كوردستان بالولايات المتحدة والغرب، مشيرا الى ان جنديا اميركيا واحدا لم يقتل على اراضي الاقليم، وان واشنطن أعادت تمركز مراكزها العسكرية والدبلوماسية الرئيسية في اربيل، وتخطط لفتح أكبر وقنصلياتها في العالم في اربيل.
وتابع ان الوجود الاميركي في العراق، سياسيا وعسكريا، شارف على نهايته تقريبا في انحاء العراق، وبدأت مرحلة جديدة من التمركز في اقليم كوردستان. وفي العام الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان قوات الناتو ستنتشر في الإقليم.
ولاحظ الكاتب انه على الرغم من وجود اكثر من الف كيلومتر من حدود التماس مع داعش لمدة أربع سنوات، في ظل ازمات اقتصادية ومالية، فان اقليم كوردستان لم يشهد أي شكل من اشكال فقدان الاستقرار، لدرجة ان عندما كانت المدن الاوروبية تتعرض للاستهداف بالانتحاريين الدواعش على بعد آلاف الكيلومترات، لم يحدث انفجار لقنبلة واحدة في المدن الكوردية التي لم تكن تبعد سوى كيلومترات قليلة عن مواقع داعش.
واذا اشار الى ان القواعد الاميركية في انحاء العراق تستهدف بشكل متكرر من جانب الميليشيات المدعومة من إيران، تابع ان ذلك لا ينطبق على اقليم كوردستان. واضاف ان ايران تستغل نفوذها على بغداد من اجل جعلها تضغط عى اربيل لقطع صلاتها مع الولايات المتحدة، لكن سلطات أربيل ترفض ذلك.
وبينما تطلب بغداد نقل صلاحيات جمع الضرائب والشؤون الدفاعية ودفع رواتب موظفي الإقليم، من اربيل الى بغداد، فان ذلك سيشل حكومة الاقليم التي لن تتوفر لديها الأموال لادارة سلطاتها وستنهار من دون دعم مالي من بغداد لتمويل قواتها المسلحة وموظفيها.
وبينما يمر الوقت، فان الضغوط تتراكم، ويتزايد استياء الموظفين من حكومة الاقليم ويتزايد استعدادهم لان تدفع رواتبهم من جانب بغداد.
ولا تلبي ايرادات الاقليم سوى 4 او 5 دفعات شهرية من الرواتب سنويا. وباعتبار ان 90 % من أموال المستهلكين تأتي من الحكومة، القطاع الخاص عانى بشكل كبير ايضا. ولهذا، فان موظفي الدولة، بما في ذلك القوات الامنية، يتحملون عبء بقية السكان. وهناك 1.2 مليونا من اصل 5 ملايين، هم موظفون من قبل الحكومة وهو ما يمثل 95 % من التوظيف بأكمله. ولهذا، فان عجز الحكومة عن دفع رواتب موظفيها، سيؤثر تقريبا على كل إنسان في الإقليم، وهو ما يقوض شرعية النظام.
ويترافق ذلك مع الاعتقاد بأن الحكومة تتحمل الملامة على الوضع الكارثي، وهو ما جعل استقرار الإقليم على المحك. ولهذا، اذا لم يؤدي الضغط الخارجي على حكومة الاقليم، فان الضغوط الداخلية عندها ستنجح، وهنا يأتي دور التظاهرات.
واشار الى ان حركة حرية المجتمع الكوردستاني، المدعومة ايرانيا، والمرتبطة بحزب العمال الكوردستاني، لديها مقراتها في المنطقة الخضراء وشاركت في الانتخابات العراقية ونالت مقعدين في البرلمان. وتابع ان أعضاء في الحركة يشاركون في التظاهرات ويشجعون الناس على النزول الى الشارع. ومن السهل التلاعب بالشباب الذي يشكلون غالبية المتظاهرين، خاصة ان المؤسسات التعليمية في الاقليم، رديئة وتعتمد على حفظ النصوص، وعلم المنطق لا يدرس نهائيا.
وذكر ان حزب العمال الكوردستاني يتعرض لانتقادات حادة من حكومة الاقليم التي تحاول اخراجه من أراضيها. واشار الى اتفاق تم التوصل اليه بين اربيل وبغداد لانهاء وجود حزب العمال في شنكال وبالتالي قطع خط الامداد الرئيسي للحزب من قوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا الى مواقع الحزب في قنديل.
ومن شأن ذلك ان يعزز نفوذ ايران في سوريا من خلال ابقاء هذا الممر عبر العراق. وترتبط وحدات حماية الشعب، المكون الاساسي في قوات سوريا الديموقراطية، بحزب العمال الكوردستاني. وقائدها تلقى تدريبه في قنديل. وتابع انه من خلال ردود الفعل المتسلسلة، فان التظاهرات ستكبر، وتجبر حكومة الاقليم على إعادة النظر بموقفها.
واوضح ان التظاهرات كان محصورة بمحافظة السليمانية التي يتمتع الاتحاد الوطني الكوردستاني، بينم محافظات اربيل ودهوك التي فيها سيطرة للحزب الديمقراطي الكوردستاني، اتسمت بالهدوء. واشار الى ان بامكان ايران ان تجبر الاتحاد الوطني الكوردستاني على الضغط على الحزب الديموقراطي الذي يسيطر على اجهزة الحكومة في اربيل لتجميد علاقاتها مع الولايات المتحدة، او خسارة سلطته من خلال الموافقة على شروط بغداد.
واذا لم تتوصل حكومة الاقليم الى اتفاق، فان التظاهرات قد تقوض وربما تنهي وضع الإقليم كمنطقة حكم ذاتي خاصة ان خلاص حكومة الاقليم من اموال آتية من بغداد. وتمنع التوترات الاميركية- الايرانية بغداد واربيل من التوصل الى اتفاق. وما لم تتدخل الولايات المتحدة لمساعدة الإقليم ماليا، وهو غير مرجح الان، فان الاقليم يواجه مستقبلا قاتما سواء بالنسبة الى الكورد وللولايات المتحدة.