(خاص) كواليس زيارة قاآني السرية إلى بغداد بعيداً عن المعلومات المتداولة
شفق نيوز/ تؤشر الزيارة "السرية" التي أجراها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، إلى العاصمة العراقية بغداد، "القلق الكبير" لإيران التي لا تزال تنظر إلى العراق بأنه جزء من مجالها الحيوي ومن مدركات أمنها القومي، وفي ظل المتغيرات على الساحة السورية، ترى من الضروري تنسيق المواقف لمواجهة المشروع "الأمريكي – الصهيوني" لما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، الذي قد يكون الدور بعد سوريا عليها أو على العراق، بحسب مراقبين.
ويعزز هذه المخاوف، ما أعلنته إيران، السبت الماضي، بإطلاق مناورات عسكرية "الرسول الأعظم -19"، يتم خلالها تطبيق سيناريوهات لعمليات "الرد السريع" في محافظة كرمانشاه، غرب البلاد، من بينها منطقة تقع على الحدود مع العراق.
يأتي هذا في وقت، دخل الجيش الإسرائيلي، في حالة تأهب قصوى بهدف "الاستعداد لمواجهة إجراءات تخريبية محتملة من قبل إيران خلال الأيام المقبلة"، بحسب رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي.
وذكر الموقع الفارسي لقناة "يورونيوز" نقلاً عن وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذا القرار جاء في أعقاب تقارير تفيد بزيادة التحديات الداخلية للنظام الإيراني، خاصة بعد تضرر القوى الوكيلة لطهران في لبنان وسوريا.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أمنية مطلعة قولها إن "هناك تغييرات جارية في التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط، سواء من خلال التحركات العسكرية أو البرامج الاقتصادية"، مما أثارت "قلق المسؤولين الإيرانيين بشأن مستقبل المنطقة وأثرها على رؤيتهم الاستراتيجية".
وفي خضم هذه الأحداث، جاءت زيارة قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني، إلى العاصمة بغداد، أمس الأول الأحد، لـ"تبادل وجهات النظر حول ما يحدث في المنطقة على المستوى الميداني وتنسيق المواقف"، وفق المحلل السياسي، صباح العكيلي.
ويضيف العكيلي لوكالة شفق نيوز، أن "إيران كان لديها تعاون مع العراق لمواجهة داعش، وحالياً هناك فكرة لتشكيل لجنة مشتركة تأخذ على عاتقها تبادل المعلومات لمواجهة الإرهاب الذي يهدد المنطقة، خاصة بعد أن أصبحت المجاميع الإرهابية صديقة للولايات المتحدة".
ويتابع، أن "الوضع في المنطقة غير مستقر وغير مطمئن في ظل تحركات المجاميع الإرهابية في سوريا والتي أغلبها يتبنى أفكاراً طائفية، في ظل وجود مشروع أمريكي - صهيوني لما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، وهذا المشروع قد يطال بعد سوريا العراق أو إيران وغيرها لتقسيم المنطقة".
ويكشف، أن "هناك مخططاً لتقسيم سوريا إلى إقليم كوردي ودرزي وعلوي وسني، وقد يكون العراق جزءاً من هذا المشروع، ما يتطلب توحيد المواقف لمواجهة مثل هكذا مؤامرة لا تهدد سوريا فقط وإنما المنطقة ككل، لذلك جاءت زيارة قاآني في هذا التوقيت الحرج".
بدوره، يرى القيادي في تيار القسم الوطني، عبد الرحمن الجزائري، أن "زيارة قاآني لبغداد في هذا التوقيت مهمة للطرفين نظراً للوضع المربك في المنطقة".
ويضيف الجزائري لوكالة شفق نيوز، أن "زيارة قاآني حملت رسائل للقادة العراقيين التابعين للمقاومة الإسلامية بعد ضغط الحكومة العراقية على الفصائل في مسألة حصر السلاح بيد الدولة، وذلك بعد زيارة ممثل الأمم المتحدة محمد الحسان إلى المرجع الديني الأعلى علي السيستاني".
وبهذا الخصوص يقول مصدر مطلع، لوكالة شفق نيوز أن "زيارة قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني إلى بغداد استغرقت ساعات قليلة، التقى فيها رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وبحث معه تطورات المنطقة".
ويضيف أن "قاآني، أكد للسوداني أن طهران لا تريد أن تكون جزءاً من الصراع والحرب، وكذلك لا تريد لبغداد ذلك، وأكد عدم تحفظ إيران على أي قرار يخص مستقبل الفصائل المسلحة في العراق".
ويتابع المصدر، أن "قاآني، التقى أيضاً قادة الفصائل المسلحة وجرى مناقشة تطورات الأوضاع الأمنية في المنطقة، وخاصة ما جرى بسوريا وتأثير ذلك على قوى محور المقاومة، وشدد على قادة الفصائل المسلحة بالوقوف خلال المرحلة الحالية، خلف الحكومة العراقية والالتزام بما يصدر من قرارات عنها".
فيما يشير تحليل لمركز التفكير السياسي العراقي الذي يرأسه الدكتور إحسان الشمري، إلى أن "زيارة قاآني لبغداد تأتي في إطار الحديث عن وجود متغيرات في العراق، ما قد يؤشر القلق الكبير لإيران التي لا تزال تنظر إلى العراق بأنه جزء من مجالها الحيوي ومدركات أمنها القومي".
ويضيف التحليل الخاص لوكالة شفق نيوز، أن "إيران تحاول وضع خطط يمكن من خلالها تجنب الفصائل المسلحة العراقية المزيد من الخسائر، خاصة بعد الحديث الأخير لرئيس تيار الحكمة عمار الحكيم".
وكان الحكيم، قد قال في كلمة له الجمعة الماضي: "إننا نشھد الیوم تحولات كبيرة في المنطقة تستدعي منا الحذر واليقظة والتھیؤ لكل طارئ يمس أمن بلدنا واستقراره ویستھدف ثوابتنا وقيمنا الأصيلة".
وبالعودة إلى زيارة قاآني، يشير تحليل لمركز التفكير السياسي، إلى أن "اشتراطات تفكيك الفصائل المسلحة وإعادة هيكلة الحشد الشعبي ينذر بخطر كبير على إيران، وأن هذه الاشتراطات أحدثت انقساماً كبيراً داخل الإطار التنسيقي بين مؤيد ومعارض، وقد تكون نسبة المعارضة أكبر من المؤيدين لتفكيك سلاح الفصائل المسلحة".
ويتابع، "لذلك تأتي زيارة قاآني في إطار رأب الصدع وخروج الإطار التنسيقي الشيعي بموقف موحد تجاه ما تعتقده إيران من ضغوط أمريكية وإسرائيلية تجاه العراق".
ويضيف، "كما أن إيران تشعر بقلق كبير من اشتراطات ترتبط بملاحقة الأصول المالية والاقتصادية لها أو حتى لحلفائها في العراق، وهذا قطع مورد كبير لها، وكذلك شبح انهيار الهدنة ما بين حزب الله وإسرائيل، ما يتطلب موقفاً جديداً من قبل الفصائل المسلحة، وهذا قد يكون واحداً من الملفات التي بحثها قاآني في بغداد".
ويلفت، إلى أن "عملية الاستعداد لمقاربة ترامب تجاه إيران هي تعد واحدة من أهم الأولويات الآن بالنسبة لطهران، لذلك هي تسعى لمزيد من التواصل مع حلفائها وخاصة الفصائل المسلحة العراقية".
ويتوقع التحليل، أن "قاآني ربما قد استلم رسالة من سوريا عن طريق العراق بعد زيارة رئيس جهاز المخابرات العراقي إلى دمشق".
ويزيد، أن "زيارة قاآني قد تكون أيضاً تحضيراً لملفات زيارة السوداني إلى طهران خاصة وأن السوداني حسب جدول الزيارة سيلتقي بالمرشد الإيراني علي خامنئي".
وبحسب المكتب الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني فأن "زيارة الأخير ستتضمن بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها، وذلك في ضوء ما تحقق خلال زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى بغداد في شهر أيلول من العام الماضي، فضلاً عن التطورات التي تشهدها المنطقة".