حياة سكان الأهوار في تدهور خطر
شفق نيوز/ رصد موقع "ذا ناشيونال" الصادر بالإنكليزية، يوم الجمعة، مدى تدهور الحياة لدى سكان الاهوار بفعل الجفاف بسبب التغيير المناخي والتي تقلصت مساحتها الى اقل من 500 كيلومتر مربع، فيما أثر التصحر على ما لا يقل عن 39 % من مساحة العراق الذي تدهورت اراضيه الزراعية بنسبة 54%.
واشار التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، الى ان "سكان الاهوار يضطرون الى الانتقال من العيش وسط الحقول الخضراء الى محاولة التكيف وسط المباني الخرسانية في المدن، بعدما تسبب الجفاف والتغيير المناخي في تغيير حياتهم بشكل دائم، وولت ايام تربية الماشية والعبور من خلال القنوات المائية الضيقة التي تصطف على جانبيها احواض القصب الكثيفة".
ولفت التقرير الى ان "هاشم مهدي هو أحد الذين اقتلعتهم قبضة الجفاف من الجنة الزراعية التي كان يعيش فيها، واصبح الان يتنقل بين شوارع المتاهات الخرسانية والارصفة في المدينة المزدحمة والي يحيط بها ايقاع الحياة الحضرية التي لا ترحهم".
ونقل التقرير عن هاشم مهدي (34 سنة) والذي تمتد جذوره عميقا في الاهوار، قوله، إن "حياتنا انقلبت راسا على عقب، وتدمرت الاسرة بأكملها ولكن ماذا يمكننا ان نفعل؟ لقد اجبرنا على المغادرة بسبب الجفاف الحاد الذي جعل مناطقنا لا تصلح للعيش".
وذكر التقرير بان "برنامج الامم المتحدة للبيئة يصنف العراق الذي كان يعرف ببلاد ما بين النهرين، باعتباره خامس اكثر دول العالم تعرضا لآثار التغيير المناخي، وذلك بعدما تخطت درجات الحرارة القياسية خلال الاعوام الثلاثة الماضية، 50 درجة مئوية في العديد من المناطق خلال فصل الصيف، وسط الشح والتناقص في هطول الامطار، والعواصف الرملية المتكررة".
وبالاضافة الى ذلك، هناك التراجع في تدفق المياه في نهري دجلة والفرات بعد المرور عبر تركيا وايران، وتفاقم قساوة الطقس بتزايد الجفاف ندرة المياه في العراق. واكد التقرير ان التصحر يؤثر على ما لا يقل عن 39 % من مساحة العراق، فيما تدهورت 54 % من اراضيه الزراعية، وهو ما يرجع اساسا الى ملوحة التربة الناجمة عن التراجع التاريخي في منسوب الانهار، وندرة الامطار، مع ارتفاع منسوب مياه البحر.
وتابع التقرير ان مساحة الاهوار التي كانت مزدهرة وتنبض بالحياة وصنفتها اليونيسكو ضمن التراث العالمي، خلال السنوات الاخيرة، من حوالي 4 الاف كيلومتر مربع في العام 2005 الى اقل من 500 كيلومتر مربع.
واضاف التقرير ان الاف العائلات اضطرت الى مغادرة الاهوار للعيش في المدن، مشيرا الى انه خلال العام الحالي وحده، نزح حوالي 68 الف شخص من اراضي الاهوار، بحسب تقديرات وزارة البيئة. واشار التقرير الى انه من بين من نزحوا عائلة هاشم مهدي المؤلفة من 9 اشخاص، بعدما كانت العائلة تعيش ضمن واحة خضراء جذابة، في منطقة ابو خصاف الواسعة في اهوار الحويزة في محافظة ميسان الجنوبية، وكان هاشم مهدي يرعى الجواميس.
ونقل التقرير عن هاشم مهدي، وهو أب لسبعة اطفال، قوله "كنت أستيقظ مع شروق الشمس وامضي ساعات وانا اعتني بالمحاصيل ورعي الجواميس، وكانت الحياة مثالية حيث كان لدي منزل جميل من القصب، وزورق خشبي، وماشية، ومحاصيل، وكنت اذهب للصيد والقنص".
لكن التقرير قال ان الجفاف المتواصل جعل منطقته التي كانت مزدهرة فيما مضى، قاحلة، ومع ندرة المياه، تحول موطنه الذي كان اخضرا الى ارض قاحلة ونفقت جميع ماشيته. ولهذا، فان هاشم مهدي، اتخذ قرارا مؤلما بالمغادرة في العام 2019.
ونقل التقرير عنه قوله "منذ ذلك الوقت، انتقلت حياتي من حياة تحيطها الخضرة والهواء النقي والماشية الى حياة تحيط بها غابة من المباني الخرسانية والهواء الملوث، وهي مشاهد تتناقض بشكل صارخ مع الحياة الريفية الهادئة التي نعتز بها".
ولفت التقرير الى ان هاشم مهدي استقر في منزل صغير مستأجر في بلدة في محافظة ميسان، ويعمل كعامل بناء، ويكسب 25 الف دينار عراقي (حوالي 15 دولارا) يوميا على الاكثر. ورأى التقرير ان خسارته لمجتمعه الزراعي، خلق فراغا في حياته في هذه المدينة التي غالبا ما تقتصر التفاعلات فيها مع الجيران على إيماءة قصيرة. ولهف مهدي الى ان طعامه صار مصدر من السوبرماركت ويفتقر الى النضارة والنكهة، وهو الان يتوق الى تناول الوجبات المطبوخة في المنزل بمكونات مصدرها ارضه، لكن فرصته الوحيدة لكي يعود الى موطنه الاصلي، هي عندما تغمر المياه اجزاء منه، مما يتيح له فرصة مرافقة السياح في رحلات في زورقه الخشبي.
وبعدما قال التقرير انه ليست المرة الاولى التي تصاب الاهوار بالجفاف، ذكر بانه خلال الحرب مع ايران بين عامي 1980و1988، عمد الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين الى تجفيف الاهوار لتسهيل حركة قواته العسكرية. وبالاضافة الى ذلك، اطلق صدام حسين خلال التسعينيات حملة اخرى لتدمير الاهوار بعدما اتهم اهلها بدعم الانتفاضة الشيعية العام 1991.
وتابع التقرير انه بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في العام 2003 والذي اطاح بنظام صدام حسين، عادت المياه لتغمر اجزاء كبيرة منه. اما رسول نوري فقد اشار التقرير الى انه خسر احدى جواميسه ال6 المتبقية يوم الخميس الماضي نتيجة الظروف القاحلة، بعدما كان قبل 3 شهور، حفر بحيرة صغيرة لجواميسه، لكن معظم مياهها تبخرت الان.
ونقل التقرير عن نوري (27 سنة) قوله ان "الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم، واذا لم نشهد امطارا خلال هذا الشهر وفي الشهر التالي، فعلينا ان نغادر الى المدينة".