جدل "العباءة الزينبية" يتواصل ومتخصصون يوضحون وآخرون يعتبرونه "دعاية انتخابية"

شفق نيوز/ أثار قرار مجلس محافظة بغداد اعتماد "العباءة الزينبية" كزي رسمي في مؤسسات الدولة حاله كحال الأزياء الأخرى، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما جرى فهمه من قبل البعض بشكل مغاير.
وصوّت مجلس محافظة بغداد، أمس الأول الثلاثاء، على اعتماد العباءة الزينبية كزي رسمي ضمن المحافظة، فيما اعتبرت رئيس لجنة البيئة في مجلس محافظة بغداد، هدى جليل العبودة، صاحبة المقترح، في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، أن ذلك يأتي لتعزيز "الاحترام والوقار والحشمة"، خاصة داخل القاعات الامتحانية.
تعميم القرار
وتوضح العبودة لوكالة شفق نيوز، أن "قرار اعتماد العباءة العراقية الزينبية كزي رسمي ليكون حاله كحال الأزياء العراقية الأخرى هو ليس فرضاً، ولا يشمل النساء غير المحجات أو الديانات الأخرى، بل هو محصور بالنساء اللواتي يرتدين العباءة".
كما تكشف العبودة عن عزمها "السعي بتقديم طلب لرئيس الوزراء ومجلس الوزراء وأعضاء مجلس النواب لتعميم القرار في كل العراق، لحفظ وصون كرامة المرأة العراقية"، على حد تعبيرها.
كما لفتت إلى أن "الأمر غير مرتبط بموضوع الانتخابات لأنني لأن أشارك فيها أصلاً".
وعن الموقف القانوني من هذا القرار، يؤكد الخبير القانوني، علي التميمي، أن "هذا القرار من الناحية الإدارية صحيح ولا غبار عليه، لأن الدين المطبق في العراق هو الدين الإسلامي، كما أن هذا القرار ينطلق من حرية اللبس، حيث إن القرار يسمح للمرأة بارتداء العباءة في الدوام الرسمي، ولا يفرض عليها ذلك، لذلك ممكن للنساء الأخريات ارتداء زي آخر غير العباءة".
ويشير التميمي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "الزي والملابس هي من حرية الشخص وفق الدستور العراقي وحتى المادة 11 من ميثاق العهد الدولي التي تتيح للإنسان ارتداء الملابس بأي شكل من الأشكال بشرط عدم مخالفة النظام العام (القوانين)، والآداب العامة (الأعراف والقيم والمثل العليا السائدة في المجتمع)".
ويضيف التميمي، أن "العباءة هي من الملابس التراثية الأصلية، وتنتمي إلى القيم العراقية والإسلامية، لذلك لا أرى في القرار أي مشكلة".
لكن الخبير القانوني، محمد جمعة، يعتبر أن "قرار مجلس محافظة بغداد بخصوص العباءة، لا معنى قانوني له، لأنه لا يوجد في القانون زي رسمي لمحافظة بغداد أو زي رسمي لأي محافظة أخرى، كما لا يوجد في الأساس أي منع من لبس العباءة في أي مكان سواء في القطاع العام أو الخاص بعموم العراق".
ويضيف جمعة لوكالة شفق نيوز "بل هناك نساء في مناصب عليا على مستوى وكلاء وزارة أو مدير عام وهن يمارسن عملهن مرتديات العباءة الإسلامية، وهي جزء من الثقافة العراقية".
ترويج انتخابي
وهذا ما تؤكده أيضاً الطالبة الجامعية عذراء حازم من بغداد، التي ترتدي العباءة يومياً داخل كليتها، وتوضح، أن "لبس العباءة مسموح في الجامعة ولم أتعرض لأي مضايقات بسببها".
لكنها ترى خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، أن "توقيت هذا القرار وبروز الاهتمام من جانب المسؤولين يتزامن مع الانتخابات، لذلك قد يحتوي على صبغة سياسية، هدفها واضح".
وتتثير هذه الشكوك أيضاً المحامية والناشطة علياء آل هذال التي تؤكد، أن "قرار العباءة لا يوجد اعتراض عليه، بل هناك من يرتديها في الأسواق والجامعات والدوائر، لكن هناك من يستغل هذا القرار لقرب الانتخابات".
وتضيف آل هذال لوكالة شفق نيوز، أن "القرار كان مقدماً من قبل رئيس لجنة البيئة في مجلس محافظة بغداد، التي هي من المفترض أن تكون مهتمة بالوضع البيئي بالعاصمة، وما تعانيه من تراكم للنفايات والمخلفات التي ترمى في نهر دجلة وتلوث المياه مسببة بارتفاع نسب الإصابة بالأمراض".
وتتابع حديثها، أن "عضو مجلس المحافظة كان عليها بدل إقرار العباءة كزي رسمي رغم عدم وجود أي اعتراض على ارتدائها، الاهتمام بالأمور الجوهرية ومعالجة المهددات البيئية والتغير المناخي والأمراض وتلوث المياه".
وترى آل هذال، أن "متبنية هذا القرار كانت تسعى للترويج عن نفسها مع قرب الانتخابات كما حصل مع نائب عندما سعى بتشريع قانون الأحوال الشخصية، فكانت عضو مجلس المحافظة تحاول اتباع الطريقة نفسها".
وبحسب آل هذال، فإن "القرار كان ابتداءً الإجبار على ارتداء العباءة، لكن بعد الهجمة التي تعرضت لها عضو مجلس المحافظة، غيرت المفهوم بالقول إنها كانت تقصد عدم منع اللواتي يرتدين العباءة، وهذه الحجة غير مقنعة، لعدم وجود أي منع على اللواتي يرتدين العباءة، بل حتى في الجامعات وعند التقاط صورة التخرج تظهر بنات يرتدين العباءة داخل الجامعة".
"مجحف وينافي الحقوق"
وفي موقف أكثر رفضاً، تعتبر الناشطة لينا علي، أن "قرار العباءة مجحف ولا يمت بحقوق الإنسان بصلة وخصوصاً للمرأة، فلم نجد مثل هكذا قرارات حتى في زمن الجاهلية".
وتضيف علي لوكالة شفق نيوز، أن "الشعوب تتغير، والإنسان في تطور مستمر، لكن ما زلنا إلى الآن ننظر إلى المرأة كسعلة نتحكم حتى في ثيابها ودون وجه حق، في حين لا يوجد إجبار لا في الدين ولا في الأعراف على ذلك".
وترى، أن "مثل هكذا قرارات تخلق عند المرأة جو لا يخلو من الاضطهاد وجلد لذاتها وبيئة غير سليمة، ولا يجب أن يرتبط هذا القرار بالستر، فالستر ليس إجباراً، كما أن الستر ستر اللسان والعقل والمنطق والأخلاق".
وتشير علي في الختام، إلى أن "بدل اتخاذ هكذا قرار، كان ينبغي إصدار قرارات تنهض بالواقع المتردي في البلد، وتحافظ على ثرواته من السرقة، فهذه أفضل من إشغال الشارعبأزياءالنساء".