ثلاثة عوامل سعودية تحدد مصير مفاوضاتها مع إيران بـ"وساطة" العراق
شفق نيوز/ خلص موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إلى أن هناك ثلاثة عوامل تحدد مصير الانفراج المحتمل في العلاقات بين ايران والسعودية التي شهدت تقلبات عديدة منذ الثورة الاسلامية قبل 43 عاما مرورا بقطع العلاقات، ثم جولات الحوار الخمس التي استضافها العراق.
وبعدما لفت التقرير البريطاني الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، الى ان السعودية قطعت علاقاتها مع ايران في العام 2016، بعدما هاجم متظاهرون السفارة السعودية في طهران ردا على إعدام السلطات السعودية رجل الدين المعارض نمر النمر، اوضح التقرير ان البلدين خاضا خمس جولات من الحوار حققت نتائج إيجابية.
مفاوضات "ميتة"
والان، يشير التقرير الى بعض التكهنات بأن المفاوضات السعودية الايرانية قد تكون "ميتة"، لافتا الى ان العلاقات بين البلدين "في ادنى مستوياتها"، بعد اندلاع التظاهرات في داخل ايران احتجاجا على وفاة الشابة مهسا أميني في ايلول/ سبتمبر الماضي حيث توقف مسار المفاوضات.
وبحسب التقرير البريطاني، فإن ايران تعرضت لحملة اعلامية من جانب السعودية من خلال وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية، وهو ما اثار استياء المسؤولين الايرانيين التي اتهمت السعوديين بمحاولة تحريض الشباب الايراني، وفي هذا الاطار، حذر قائد البحرية في الحرس الثوري الايراني العميد علي رضا تنكسيري "من أن الذي شيد قصرا من الزجاج، عليه الا يرشق منازل الاخرين بالحجارة".
واعتبر التقرير أن هذه التطورات القت بظلالها القاتمة على مستقبل المفاوضات الايرانية السعودية، وجعلت إيران تزيلها من أجندتها.
وبعدما تساءل التقرير عن تقييم الرياض لما يحدث، قال انه برغم عمل السعودية بشكل غير مباشر على تأجيج الاضطراب السياسي داخل إيران عبر وسائل الاعلام، غير أن الرياض وجيرانها الخليجيين رفضوا الى الان ان يعبروا عن أي موقف رسمي إزاء التظاهرات الايرانية، واختاروا على ما يبدو سياسة "الترقب والانتظار".
وبعدما لفت التقرير الى انه في ظل استقرار الأوضاع في إيران، فإن موقف السعودية من الانفراج المحتمل مع طهران، يعتمد على ثلاثة عوامل، هي حرب اليمن، ودور الادارة الامريكية في الوساطة بينهما، وعملية التطبيع المستمرة مع اسرائيل.
حرب اليمن
ووصف التقرير اليمن بأنها "القضية الأكثر إلحاحا التي تواجه السعودية"، حيث ان ايران تتمتع بنفوذ كبير من خلال الحوثيين، مضيفا ان السعودية وشعبها، ملوا من الحرب ويبحثون على "انسحاب مشرف" منها، إلا انه لم يتبق امامهم سوى قلة من الخيارات بخلاف استمرار مفاوضاتهم مع الإيرانيين، خصوصا ان الهدنة التي استمرت 6 شهور قد انتهت في تشرين الاول/ اكتوبر الماضي.
وبالنسبة الى الحوثيين، فإن التقرير يقول انهم يمتلكون "اليد العليا عسكريا" في اليمن، وهم يسيطرون على شمال البلد، وعينوا سفيرين لهم في إيران وسوريا، ولهم أيضا تمثيل دبلوماسي في العراق ولبنان وعمان، مشيرا إلى أنهم فرضوا الضغوط على المجلس الرئاسي، من خلال تعبئة القوات الشعبية، مذكرا أيضا بأنهم استهدفوا سفينة شحن في تشرين الاول/ اكتوبر الماضي في إطار محاولة لتعطيل صادرات النفط التي تؤمن إيرادات مالية مهمة لسلطات المجلس الرئاسي.
وذكر التقرير أن الحوثيين هددوا بعد ايام من انتهاء الهدنة، بشن هجمات على الإمارات والسعودية، وهو ما من شأنه أن يثير قلق المستثمرين الاجانب، مضيفا أن السعودية تعلم أن الهجوم على منشآت نفطية كالذي جرى في العام 2019، يمكن أن يتكرر، وهو ما يدفع السعودية لتكون أكثر استعدادا للمضي قدما بمحادثات مع إيران.
أمريكا
ورأى التقرير أن العامل الثاني المحتمل تأثيره هو مدى استعداد الإدارة الأمريكية للتفاوض مع إيران، موضحا أنه في الوقت الذي قالت فيه واشنطن ان المفاوضات النووية مع إيران قد توقفت في ظل تظاهرات الاحتجاج المستمرة، إلا أنه في الوقت نفسه لدى الولايات المتحدة الدافع الواضح من أجل تسوية القضية النووية، وهي سبق لها أن رحبت باحتمالات حدوث تقارب بين السعودية وإيران.
ولفت التقرير إلى أنه في ظل تقليص الرئيس الأمريكي جو بايدن التدريجي لتركيز واشنطن على الشرق الاوسط لصالح سياسة احتواء الصين، فأنه سيكون بحاجة الى التهدئة الاقليمية بالاضافة الى ضمانات بأن الدول الاقليمية ستقيم تحالفات قوية من اجل تأكيد حماية أمنها.
واشار التقرير الى ان بايدن شجع العراق على القيام بدور الوساطة في رعاية محادثات بين السعودية وإيران، كما ذكر بتصريحات للرئيس الامريكي الاسبق باراك أوباما في العام 2016، والتي قال فيها إن فوضى الشرق الأوسط، لن تنتهي الى ان تتوصل السعودية وإيران إلى وسيلة من أجل "تقاسم جيرتهما".
تعاون سعودي إسرائيلي سري
وبحسب التقرير فإن العامل الثالث يتمثل باسرائيل، موضحا أن السعودية وإسرائيل كانتا تتعاونان سوياً منذ فترة طويلة من خلف الابواب المغلقة، حتى قبل ان تضيف "اتفاقيات ابراهيم" الصيغة الرسمية على عملية التطبيع بين اسرائيل ودولاً خليجية اخرى، مشيرا ايضا الى ان اسرائيل اصبحت تستخدم المجال الجوي للسعودية.
واعتبر التقرير البريطاني أنه خلال المفاوضات التي قد تجري مستقبلا بين السعودية واسرائيل، فإن بمقدور الرياض ان تستفيد من اعادة علاقاتها مع طهران كاداة للضغط على إسرائيل، ويجعل السعودية في موقف أقوى تفاوضيا، ويجبر الإسرائيليين على تقديم تنازلات كبيرة للرياض خصوصا فيما يتعلق بالموقف السعودي المعلن حول تسوية القضية الفلسطينية، قبل الانتقال الى التطبيع مع اسرائيل.
ورأى التقرير ان العلاقات بين السعودية وإيران ما زالت متوترة بدرجة كبيرة، ومن غير الواضح متى سيكون بالإمكان عقد الجولة التفاوضية السادسة، الا انه اضاف ان البلدين يدركان أنهما لا يستطيعان حل الأزمات الإقليمية من دون تعاونهما.
الطريق إلى الأمام
ولفت التقرير الى تصريح لوزير الخارجية الايرانية حسين امير عبد اللهيان حول لقاء له مع نظيره السعودي على هامش مؤتمر "بغداد-2" في الاردن، واشارته الى استعداد السعودية لمواصلة الحوار مع إيران.
كما ذكر التقرير بتصريح للوزير السعودي فيصل بن فرحان قبل ثلاثة شهور، في ظل ذروة التظاهرات الايرانية، قال فيه إن لدى الرياض "النية بالتأكيد من اجل اقامة علاقة ايجابية مع جيراننا في ايران".
كما اشار التقرير الى تصريح لعبد اللهيان أعرب فيه عن استعداد طهران لعقد اجتماع مشترك لوزراء الخارجية والدفاع من دول الخليج ودول الجوار الأخرى.
وفي سياق موازٍ، استعاد التقرير تصريحا لوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، قال فيه إن إيران والسعودية باشرتا بـ"مسار دبلوماسي" بينهما، إلا أن الطريق إلى الأمام ما يزال غير واضح.
ترجمة: وكالة شفق نيوز